الأحد 16 فبراير 2025
مجتمع

مع حلول فصل الشتاء.. مطالب بإقرار قانون خاص لضمان العدالة المجالية والتنموية بالمناطق الجبلية

مع حلول فصل الشتاء.. مطالب بإقرار قانون خاص لضمان العدالة المجالية والتنموية بالمناطق الجبلية غياب معايير البناء الملائمة للبيئة الجبلية مع استعراض اقتراحات وحلول مستدامة
مع حلول فصل الشتاء وتساقط الثلوج تتفاقم معاناة ساكنة المناطق الجبلية في المغرب، بسبب صعوبة الولوج الى هذه المناطق بالنظر لتردي البنيات التحتية والطرق وافتقار مرافقها الى مؤهلات معمارية تضمن توفير التدفئة، حيث تعاني هذه المناطق من تخلف كبير في البناء، يعزى الى عدم احترام معايير توفير عوازل حرارية في البناء وهو ما يؤدي إلى عدم تخزين الطاقة داخل البيوت والمستشفيات والمؤسسات التعليمية، إضافة إلى عدم وجود نوافذ تسمح باستغلال الطاقة الشمسية، الأمر الذي يفرض بحسب الخبراء والمهندسين حلا جذريا ومستداما لمشكل البناء في المناطق الباردة، بدل اللجوء الى الحلول الترقيعية والتي لا تعني سوى إهدار الجهد والأموال..

في هذا الإطار يرى المهندس المعماري رشيد المحفوظي أن المناطق الجبلية من شمال المغرب إلى جنوبه تعاني من صعوبة الولوج بسبب عدم توفر طرق وسبل مؤهلة للوصول إلى قممها إلا نادرا، وحتى وإن توفرت فإنها تكون في معظمها متدهورة  و تتطلب صيانة عميقة. أما فيما يخص المرافق العمومية، كالمدارس والمستوصفات أو مرافق القرب فمعظمها أو جلها لا تتوفر على مؤهلات معمارية تتوافق مع المجال الجبلي لا من ناحية المواد المستعملة في البناء أو التقنيات المناسبة لا فيما يخص التسخين أو العزل أو احترام البيئة و تقنين استعمال الماء.
 
وأشار محاورنا أن المناطق الجبلية في المغرب تعاني من ضعف الاهتمام باحترام معايير البناء الخاصة بهذه المناطق سواء فيما يخص اختيار مواد البناء و اعتماد الطرق التقليدية المتبعة من طرف السكان لمئات السنين لبناء مساكنهم و مرافقهم، حيث نجد استعمال نفس مواد البناء الحديثة في البناء في هذه المناطق دون مراعاة المناهج البيئية واحترام البيئة الجبلية المختلفة تماما عن البيئة الحضرية أو المدينة لا فيما يخص التدفئة أو تقنين استعمال الماء و حتى تدبير النفايات.

كما أن الطرق والمسالك – يضيف المحفوظي - تشيد و تبنى بنفس الطرق المتبعة في الفضاءات المسطحة الحضرية منها أو القروية دون أدنى اعتبار لخصوصية هذه المناطق لا فيما يخص وعورة المسالك أو المناخ والتساقطات المختلفة عن الوسط الحضري أو الانهيارات التي قد تتسبب فيها هذه التساقطات.. وأضاف قائلا  : " حتى لو اعتبرنا أن كل هذه التدابير الوقائية الخاصة تتطلب اعتمادات مالية ضخمة جدا لا يجب التفريط كليا في هذه الجوانب ويجب الاهتمام بها و ذلك لتجنب الانهيارات المتتالية لهذه التجهيزات و صعوبة إصلاحها أو ترميمها في كل مرة.." .
 
من جانبها طالبت برلمانية حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي فاطمة التامني بإقرار قانون خاص بالمناطق الجبلية، باعتباره ضرورة ملحة، ليس فقط من أجل مواجهة قساوة الظروف المناخية، ولكن لضمان العدالة المجالية والتنموية، مشيرة بأنها طرحت الموضوع في عدة مناسبات  مطالبة بتخصيص سياسات عمومية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المناطق الجبلية، إلا أن التفاعل الحكومي لا يزال بطيئا، إن لم يكن منعدما – تضيف التامني - ويغلب عليه الطابع التسويفي دون إجراءات ملموسة، حيث تعتمد الحكومة الحالية – تقول التامني - رؤية مركزية تهمش المناطق الجبلية بدل أن تعتمد مقاربة تنموية متوازنة على غرار بلدان اخرى حيث يتم بناء المشاريع العمومية وفق مواصفات تتلاءم مع الطقس والتضاريس، معتبرة هذا الخلل جزءا من الخلل البنيوي في تدبير السياسات العمومية، الأمر الذي يستوجب مراجعة جذرية.
 
وفيما يتعلق بأبرز المقترحات التي ينبغي أن تدرج في هذا القانون أشارت محاورتنا الى ضرورة توفير بنية تحتية متكيفة مع البيئة الجبلية وذلك من خلال النهوض بالبنية التحتية التي من شأنها فك العزلة عن الساكنة وتسهيل وصولها إلى مختلف المرافق، وبناء طرق مقاومة للعوامل المناخية القاسية، كما طالبت بإحداث وتجهيز المدارس والمستشفيات بوسائل التدفئة والعزل الحراري، على غرار ما يتم في العديد من الدول التي تحترم خصوصيات المناطق الجغرافية.
 
واقترحت برلمانية فيدرالية اليسار الديمقراطي أيضا تقديم تحفيزات اقتصادية واجتماعية من خلال دعم الفلاحين والسكان المحليين عبر تقديم إعانات مناسبة مباشرة، وضبط عملية الاستهداف بمعايير موضوعية، وتوفير خدمات أساسية كالطاقة والماء ، إذ لا يعقل ونحن في سنة 2025 أن تكون لدينا مناطق بدون ماء صالح للشرب وكهرباء. كما اقترحت أيضا تشجيع الاستثمار في المناطق الجبلية من خلال تخفيضات ضريبية وحوافز للشركات، بدفاتر تحملات معقولة ، مع تفعيل آليات الرقابة ، ووضع خطة استباقية لإدارة الكوارث من خلال تفعيل برامج تدخل سريع خلال فترات الثلوج أو الفيضانات وتخصيص ميزانيات طوارئ بشكل دوري، كما دعت الى الضغط على الحكومة من أجل تخصيص جزء من صندوق التنمية القروية (والذي لا يعرف مآله ) لتلك المناطق.