الاثنين 2 ديسمبر 2024
كتاب الرأي

أحمد صدقي: تأخر إرساء سوق الكربون بالمغرب إهدار للجهود والفرص المحققة

أحمد صدقي: تأخر إرساء سوق الكربون بالمغرب إهدار للجهود والفرص المحققة أحمد صدقي
مع الأسف نخلف الموعد مرة أخرى مع فرصة بيئية واقتصادية هامة تتمثل في تفعيل سوق للكربون ببلادنا، فخلال مؤتمر الأطراف كوب 21 بفرنسا التزم المغرب بخفض نسبة انبعاثاته الغازية بمقدار 45.5% في أفق 2030.

وكان من أوائل الموقعين على اتفاق باريس الذي وضع اللبنات الأساسية لآليات تمويل المناخ وأقر مبلغا للدعم السنوي وصل إلى 100 مليار دولار تخصصه الدول المتقدمة لفائدة الدول المتضررة من اشكالات المناخ وكانت من لبنات تفعيل تلك التمويلات آلية سوق الكربون الذي يعني بكل بساطة أن من يقومون بمجهود لخفض او لتفادي الانبعاث الغازي يكون لهم الحق في بيع ارصدتهم Crédits carbone الموفرة لمن تجاوزوا تلك المخصصة لهم في إطار الكوطات Quotas المخصصة والتي لاينبغي تجاوزها في المجمل.

التزامات بلادنا ترسخت في مؤتمر كوب 22 بمراكش والذي خصص للدفع بالأجرأة التقنية لمقتضيات اتفاق باريس.
هكذا وقد تابعت شخصيا الموضوع خلال تلك المرحلة كعضو باللجنة المختصة بمجلس النواب وكنت من الداعين والمحفزين باستمرار للإسراع بإرساء قواعد إقامة سوق الكربون ببلادنا وكانت محطات مناقشة قانون المالية كل سنة مناسبة للدفع بهذا المطلب والتحسيس بأهمية تنزيله.

سنة 2017 انعقدت مناظرة وطنية خصصت لهذا الموضوع وتم من خلالها بسط الفرص التي يمكن أن يجسدها هذا السوق لفائدة المغرب الذي يحقق إنجازات فعلية في خفض نسبة الانبعاثات الغازية وهو من الموقعين الأوائل على اتفاقيات الأرض الثلاثة بريو 92 دون أن يستفيد من مزاياها التقنية والمالية.

تلك المناظرة مكنت من وضع تصورات وأسس إرساء هذا السوق بالمغرب وآفاق بلوغ ذلك وكان من المنتظر أنه بعد جائحة كوفيد كان سيتم تفعيل هذا المشروع الكبير الذي سيكون في صالح بلادنا بيئيا واقتصاديا ويرسخ مكانتها الدولية بهذا الخصوص ولكن مع الأسف ولحد الآن لم يتم ذلك رغم أنه خلال شهر شتنبر الماضي تم توقيع بروتوكول اتفاق ذي علاقة بذلك بين صندوق الإيداع والتدبير والقطب المالي للدار البيضاء، مع أن العالم سيدخل مرحلة اخرى في إطار برامج التمويل المناخي التي تعتبر على رأس جدول أعمال كوب 29 الذي ينعقد حاليا بباكو عاصمة أدريبدجان.

هذا مع أن التحديات المقبلة والتي سنجد أنفسنا دون استعداد لها عديدة ولعل من أبرزها آلية ضبط الكربون على الحدود الاوروبية (MACF) والتي ستفرض تعريفات جديدة على صادراتنا نحو الاتحاد الاوروبي و تشمل قطاعات بالغة الأهمية وذلك ابتداء من فاتح يناير 2026.