ما أن فتح المغرب ملف استرجاع الصحراء من الاستعمار الإسباني، حتى انقضت الجزائر على الفرصة لزرع الأشواك في أرجل المغرب. فرغم أن مطالب المغرب بشأن استرجاع الصحراء رفعها الملك المرحوم محمد الخامس عام 1958 لدى زيارته لمحاميد الغزلان، وتم تجسيد هذه المطالب في بلغراد عام 1961 أثناء انعقاد مؤتمر دول عدم الانحياز، وأيضا لدى إحداث منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963، فإن المعركة القانونية انطلقت في سنة 1966، حين طالب المغرب من الجمعية العامة للأمم المتحدة إدراج الصحراء، وهو ما تم فعلا، حيث أصدرت الجمعية العامة توصية (1966/ 2072/A) حول تحرير سيدي إفني والصحراء.
وحين قلنا إن التأريخ للمعركة القانونية بين المغرب والجزائر، ظهرت إرهاصاته الجنينية عام 1966، فلأن التوصية الصادرة عن الجمعية العامة آنذاك، تضمنت أول لبس سيلاصق ملف استرجاع الصحراء، إذ طالبت التوصية الأممية بإلحاح من الحكومة الإسبانية باتخاذ التدابير «لتحرير سيدي إفني والصحراء الغربية»، والبدء في مفاوضات حول المشاكل المرتبطة بالسيادة حول الترابين، بدل أن تقول السيادة حول التراب الواحد.
مع مطلع السبعينات من القرن الماضي، جدد المغرب مسلسل استرجاع الصحراء، ونسق مع موريتانيا، بشكل أفضى إلى عقد اجتماع بين المرحوم الحسن الثاني والرئيس الموريتاني الراحل المختار ولد دادة عام 1973 بنواديبو.
في 1974، أعلنت إسبانيا أنها ستجري استفتاء في الصحراء، بعد أن رتبت لذلك بشكل يقود إلى تنصيب حكومة صورية تدين بالولاء لإسبانيا، وهو ما فطن له المغرب الذي احتج بقوة على هذا الإجراء. فتدخلت الأمم المتحدة في نفس السنة تطلب من إسبانيا، وبشكل فوري، وقف إجراء الاستفتاء، فاختار المغرب المسلك القضائي عبر اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وكان ذلك إيذانا رسميا بدخول ملف الصحراء للمسارب المسطرية والقضائية من بابه الواسع. إذ طرحت على محكمة العدل الدولية توصية أممية تتطلب الجواب على سؤالين:
أولا: هل كان تراب الصحراء الغربية (وادي الذهب والساقية الحمراء)، ترابا بدون سيد قبل دخول الاستعمار (Terra Nullis) أم لا؟
في حالة أن الجواب كان سلبيا طلب من محكمة العدل الدولية الجواب على سؤال ثاني وهو:
ثانيا: ماهي الروابط القانونية التي تجمع التراب الصحراوي مع المغرب وموريتانيا؟
اللجوء للمحكمة الدولية عززه المغرب بتقديم كافة المستندات والوثائق التاريخية التي تؤكد وجود علاقة البيعة بين قبائل الصحراء وسلاطين المغرب، بشكل يزكي سيادته على الصحراء.
وإذا كانت محكمة العدل الدولية قد أكدت أن الصحراء لم تكن «ترابا بدون سيد»، فضلا عن تأكيدها أيضا على وجود روابط بين القبائل الصحراوية والسلاطين المغاربة، فإن قرار المحكمة الدولية تضمن انزياحا من الحقل القانوني إلى الحقل السياسي بشكل أثار تساؤلات، لأن القاضي (أي قاضي) ليس مطلوبا منه الجواب على قضايا غير مطلوب منه ذلك.
ففي ختام قرار المحكمة تم تمرير فقرة مفادها أنه رغم وجود روابط البيعة بين الصحراء والسلاطين المغاربة، فهذا لا يمنع من تطبيق مبدأ تقرير المصير. مما جعل الرأي الاستشاري القانوني المطلوب من محكمة العدل الدولية يتحول إلى رأي استشاري سياسي. وهذا ما جعل المرحوم الحسن الثاني يتخذ خطوة استباقية تمثلت في الإعلان عن تنظيم المسيرة الخضراء التي فاجأت العالم، ليس لمضمون الخطوة، بل لكون المسيرة الخضراء، سابقة في تاريخ البشرية، لم يسبق لأي أمة أن نظمتها، وعبأت لها الشعب لاسترجاع تراب مغتصب.
وكان لقرار إعلان المسيرة الخضراء، الفضل في تسريع إبرام اتفاقية مدريد الثلاثية بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا يوم 14 نونبر 1975، وهي الاتفاقية التي بمقتضاها خرجت إسبانيا من الصحراء، وسحبت مدريد آخر جندي لها في متم فبراير 1976.
وفي 1979 قررت موريتانيا الخروج من تيريس الغربية بوادي الذهب، فتوجه ممثلو سكان وادي الذهب في غشت 1979 إلى القصر الملكي وبايعوا المرحوم الحسن الثاني. وهي البيعة التي أكملت مسلسل استرجاع المغرب لصحرائه.
وبقيت الجزائر إلى اليوم، البلد الوحيد في العالم، الذي يمول ويعبئ كل موارده المالية والاستخباراتية والديبلوماسية لفصل الصحراء عن المغرب.
وحين قلنا إن التأريخ للمعركة القانونية بين المغرب والجزائر، ظهرت إرهاصاته الجنينية عام 1966، فلأن التوصية الصادرة عن الجمعية العامة آنذاك، تضمنت أول لبس سيلاصق ملف استرجاع الصحراء، إذ طالبت التوصية الأممية بإلحاح من الحكومة الإسبانية باتخاذ التدابير «لتحرير سيدي إفني والصحراء الغربية»، والبدء في مفاوضات حول المشاكل المرتبطة بالسيادة حول الترابين، بدل أن تقول السيادة حول التراب الواحد.
مع مطلع السبعينات من القرن الماضي، جدد المغرب مسلسل استرجاع الصحراء، ونسق مع موريتانيا، بشكل أفضى إلى عقد اجتماع بين المرحوم الحسن الثاني والرئيس الموريتاني الراحل المختار ولد دادة عام 1973 بنواديبو.
في 1974، أعلنت إسبانيا أنها ستجري استفتاء في الصحراء، بعد أن رتبت لذلك بشكل يقود إلى تنصيب حكومة صورية تدين بالولاء لإسبانيا، وهو ما فطن له المغرب الذي احتج بقوة على هذا الإجراء. فتدخلت الأمم المتحدة في نفس السنة تطلب من إسبانيا، وبشكل فوري، وقف إجراء الاستفتاء، فاختار المغرب المسلك القضائي عبر اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وكان ذلك إيذانا رسميا بدخول ملف الصحراء للمسارب المسطرية والقضائية من بابه الواسع. إذ طرحت على محكمة العدل الدولية توصية أممية تتطلب الجواب على سؤالين:
أولا: هل كان تراب الصحراء الغربية (وادي الذهب والساقية الحمراء)، ترابا بدون سيد قبل دخول الاستعمار (Terra Nullis) أم لا؟
في حالة أن الجواب كان سلبيا طلب من محكمة العدل الدولية الجواب على سؤال ثاني وهو:
ثانيا: ماهي الروابط القانونية التي تجمع التراب الصحراوي مع المغرب وموريتانيا؟
اللجوء للمحكمة الدولية عززه المغرب بتقديم كافة المستندات والوثائق التاريخية التي تؤكد وجود علاقة البيعة بين قبائل الصحراء وسلاطين المغرب، بشكل يزكي سيادته على الصحراء.
وإذا كانت محكمة العدل الدولية قد أكدت أن الصحراء لم تكن «ترابا بدون سيد»، فضلا عن تأكيدها أيضا على وجود روابط بين القبائل الصحراوية والسلاطين المغاربة، فإن قرار المحكمة الدولية تضمن انزياحا من الحقل القانوني إلى الحقل السياسي بشكل أثار تساؤلات، لأن القاضي (أي قاضي) ليس مطلوبا منه الجواب على قضايا غير مطلوب منه ذلك.
ففي ختام قرار المحكمة تم تمرير فقرة مفادها أنه رغم وجود روابط البيعة بين الصحراء والسلاطين المغاربة، فهذا لا يمنع من تطبيق مبدأ تقرير المصير. مما جعل الرأي الاستشاري القانوني المطلوب من محكمة العدل الدولية يتحول إلى رأي استشاري سياسي. وهذا ما جعل المرحوم الحسن الثاني يتخذ خطوة استباقية تمثلت في الإعلان عن تنظيم المسيرة الخضراء التي فاجأت العالم، ليس لمضمون الخطوة، بل لكون المسيرة الخضراء، سابقة في تاريخ البشرية، لم يسبق لأي أمة أن نظمتها، وعبأت لها الشعب لاسترجاع تراب مغتصب.
وكان لقرار إعلان المسيرة الخضراء، الفضل في تسريع إبرام اتفاقية مدريد الثلاثية بين المغرب وإسبانيا وموريتانيا يوم 14 نونبر 1975، وهي الاتفاقية التي بمقتضاها خرجت إسبانيا من الصحراء، وسحبت مدريد آخر جندي لها في متم فبراير 1976.
وفي 1979 قررت موريتانيا الخروج من تيريس الغربية بوادي الذهب، فتوجه ممثلو سكان وادي الذهب في غشت 1979 إلى القصر الملكي وبايعوا المرحوم الحسن الثاني. وهي البيعة التي أكملت مسلسل استرجاع المغرب لصحرائه.
وبقيت الجزائر إلى اليوم، البلد الوحيد في العالم، الذي يمول ويعبئ كل موارده المالية والاستخباراتية والديبلوماسية لفصل الصحراء عن المغرب.