السبت 23 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد عزيز الوكيلي: الجزائر تَبيع.. الجزائر تُباع... فمن يشتري؟!

محمد عزيز الوكيلي: الجزائر تَبيع.. الجزائر تُباع... فمن يشتري؟! محمد عزيز الوكيلي
بماذا يسع الباحث والدارس والمتتبع ان يصفوا الحالة التي صارت عليها هذه الجزائر منذ مجيء رئيسهم عبد المجيد تبون إلى مقعد الرئاسة بتعيين من لدن السلطة العسكرية، التي تُجسّد الحاكمَ الحقيقيَّ لذاك البلد؟!

كلُّ حاضرِ الجزائر ومستقبلِها وُضِع بداخل نفس السُّلّة وأُنزِلَ إلى فضاءات البيع والشراء مقابل عملة واحدة لا ثانيَ لها ولا مُزاحِم، ألا وهي: "دعم البوليساريو وإعلان العداء تجاه المغرب"... فكل من أدّى هذا الثمن تتعرى له الجزائر بمباركة نظامها الكسيح قائلةً: "هِيتَ لَك"!!

وجهان اثنان لعملة واحدة لا تقبل الجزائر بديلاً عنها على الإطلاق، ولو كان البديلُ كلَّ أرصدة الذهب في مصارف العالم!!

لقد تنكرت الجزائر بسبب غياب هذه العملة لكثير من الجيران والأشقاء والأصدقاء إلى درجةِ بقائِها وحدها في السوق، وبقاء عَرضِها لِحاضرِ الجزائريين ومستقبلِهم، مقابل تسمين مجرمٍٍ مُتَأَصِّل في الإجرام كإبراهيم "الرخيص" والبقر المحيط به، بلا أدنى تعبير عن أيّ طلب من لدن أي زبونٍ محتمل، ماعدا أصدقاء الجزائر المرتَشين، الذين عوّدتهم خزينة الشعب الجزائري، "العمومية يا حسرة"، على الأخذ دون أدنى عطاء، أمثال أنظمة جنوب إفريقيا وكوبا وفنزويلا والموزمبيق... وأسماء أخرى في غاية الانحطاط والدونية مازال أصحابُها يُسْبِتُون في بحبوحة جدليةِ الستينات من القرن الماضي... "لهلا يرحم" الاتحاد السوفياتي، وفيديل كاسترو، وماوتسي تونغ وحتى تشي غيفارا... وما هؤلاء جميعهم إلا صُوَرٌ مُمَوَّهةٌ ومزخرَفةٌ للباغية هتلر، ونظيره موسوليني، وبوكاسا، وقبلهم لينين وستالين... مع بعض الأصباغ الإيديولوجية التي أثبت التاريخ الحديث زَيْفَها ومازال يفعل!!

لقد باع نظام الجزائر مُواطنيه، ولا نقول شعبَه كما يقول البعض خَطَأً لأنه لا شعب له، بل هو في واد والشعب المسطول في واد غيره بالتمام والكمال!!

باع الإنسانَ وإنسانيتَه في سبيل مجرد سماع مسمّى "الجمهورية العربية الصحراوية" حين ترطن به ألسنةٌ يُحرّكها "الغازُودُولار"، حتى أنه اشترى مقابل ذلك وَلاءاتٍ إفريقيةً كاذِبةً ومُنافِقةً لأنظمةٍ ساقطةٍ كان عددها، في ظروفٍ قاريةٍ مُعَيّنةٍ، كافياً لجعل جمهوريتَه الفضائيةَ عضواً مؤسِّساً لاتحاد إفريقي وُلِد مشوَّهَ الخِلقة منذ البداية!!

وباع نظام الجزائر حاضرَ ومستقبلَ "الجيش الشعبي الجزائري" بِرُكونِه إلى اقتناء خردة حربية روسية عافَتْها جيوشُ العالم، وقَبِلَ بها كابراناتُ الجزائر لأنها تُبَقّي لهم تحت الطاولة ملاييرَ من العملة الصعبة يَرْكُنونَها في حساباتهم وحسابات أبنائهم وبناتهم في أكبر المؤسسات المصرفية الأوروبية، والأمريكية، تَحَسُّباً لكارثة يعلمون حق العلم أنها آتيةٌ لا محالة... ولا ريب أنّ أوانَها قد حان في هذه الأثناء بالذات، ونحن نتداول هذه الأسطُرَ بالكتابة!!

وباع نظام الجزائر سمعةَ بلادِه وشرفَها وعذريتَها مقابل إبقاء ميليشيات البوليساريو ناعمةً غارقةً في خيرات الجزائريين، تتحرك قياداتُها عبر الطائرات الرئاسية الرسمية، والعسكرية المعدَّلة والمُجهَّزة خِصّيصاً لاستقبالهم، بينما يُحرَم من التنقل على متنها كبارُ ضباط الجيش الشعبي وخِيرةُ أطُرِه وتقنيوه الأكثر استحقاقاً وجدارة!!

وباع كابرانات الجزائر كلَّ سفاراتِ بلادِهم وقنصلياتِها وكبارِ موظفيها الدبلوماسيين، في مختلف بقاع العالم، ليُقْصِرونهم على أداء مهمة واحدة لا ثانيَ لها، وهي خدمة البوليساريو والدفاع عنه في كل المحافل على حساب الحضور السياسي والدبلوماسي للدولة الجزائرية، وعلى حساب مصالح شعب الجزائر، فشكّلوا بذلك مسخرةَ الدبلوماسيات العالمية، وحوّلوا وُجودَهم إلى حالةٍ يُضرب بها المثل في ضياع العقل، وفساد الفكر، وغياب الضمير، دون أن يُكلّفوا أنفسهم عناءَ الالتفات إلى هذه الحقيقة البائسة الحزينة والتفطّن إليها ومازالوا يتجاهلون!!

ثم باع نظام الجزائر هُوِيتَه رغم ضبابِيَّتِها والْتِباسِها وهَوانِها، وتاريخَه رغم قِصَرِ عُمُرِه، مُقابل الترامي على مُقوّمات جيرانه الثقافية، وهُوياتهم الحضارية، وتَوَاريخِهم المُدوَّنةِ في سِجلاّت من ذهب، من قبيل التاريخ المغربي التليد والسحيق، متنكّرين لخصال إنسانية كونية في "خنشلتهم" (على حد تعبيرهم الدارج) للقفطان، والكسكس، والفسيفساء، وفنّ الملحون، والبرنوس، وفنون الفروسية والتبوريدة، ولم يجدوا أدنى حرج وهم يسرقون صور الكتبية، وضريح مولاي ابراهيم، وقبور السبعة رجال بمراكش... وقد تقع أيديهم غداً أو بعد غد على جامعة القرويين بفاس... فمن يدري؟!!

كل هذا وذاك، باعه عَجَزَةُ نظامِ الجزائر جَرياً وراء "سرابٍ بِقيعةٍ" يحسبونه إنجازاً، فيما هو مجرد مؤشر من مؤشرات سقوطهم المُدوّي في قعر مزابل التاريخ!!

هذه أعمالُهم وسلوكاتُهم... وهذه بضاعتُهم... فمن يشتري؟!!
 
 
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي