لازال الشعب الفلسطيني بكل فصائله يناضل اليوم لكي يكون سيد نفسه من حيث رفضه الأمر بالواقع ومحاولته إيجاد توازن أمني مع إسرائيل على الرغم من الفارق الهائل في القدرة العسكرية بين الطرفين. مستحدثا أدوات لهذا التوازن بما فيها العمليات الاستشهادية.
ويأتي ذلك بعد أن جرب الشعب الفلسطيني مسارات عديدة لم تعد إلى الاستقلال ولا السيادة ولا إحراق حقوقه الجوهرية. ولو بالحد الأدنى المطروح دوليا وهو حل الدولتين.
وما دام المجتمع الدولي لا يوفر الحماية للشعب الفلسطيني، ستبقى عذه المقاومة ضرورة حياتية لا سيما وأن المراد الصهيوني لا يعرف الوسط ولا التعايش بل هو البديل لهويتنا الحضارية بمضمونها القومي، أي أن جوهر المعركة مع إسرائيل هو النصر الكامل أوالهزيمة الكاملة: الوجود او الانقراض لأحد الطرفين. أما الأرض والاقتصاد...فهي تفاصيل ومخرجات المقدمات.
إن الحرب على غزة كشفت بالواضح أن إسرائيل تعد بمثابة الطفل الرضيع لأمه الحنون أمريكا التي تحرص كل الحرص على حمايته وأمنه وسلامته.
ومن لا يفهم ذلك العلاقة الوطيدة على هذا النحو، فهو مخطئ. وهذا هو الخطأ الجسيم الذي وقع فيه الكثيرون من رجال الدين وسياسيين وكتاب وصحفيين وحتى "مقاومين". كما كشفت الحرب على غزة ،بأن معظم الأنظمة مع الاحتلال او على الأقل على الحياد. التزموا الصمت عن قصد خوفا على كراسيهم. أما فلسطينيو غزة والضفة الغربية. فإنهم يقاومون بالسلاح وبعدم هجرة الأرض وهو الهدف الرئيسي للاحتلال كما حدث في 1948: التهجير، التطهير والإبادة الجماعية.
إن إسرائيل مستمرة في قتل زعماء المقاومة الفلسطينية لكن نسيت بأن هنام جيل جديد آت من المجاهدين، جيل لا يعرف لغة الحوار بل يعرف لغة الجهاد التي تعلمها من قادته الأوائل، جيل تشرب بمبادئ خب الأرض الفلسطينية والوطن والكرامة على يد هؤلاء القادة.
هذا الجيل القادم سيكون مختلفا عن أي شيء واجهته إسرائيل من قبل جيل عانى من فقدان أهله وأحبائه. جيل ذاق مرارة طعم الجوع والفقر والحرمان بسبب احتلال غاشم نازي جبان.. جيل سيهز الأرض نحت أقدام الصهاينة.
وخلاصة القول، فالغباء الإسرائيلي ظهر جليا عندما تظاهر نتنياهو ومن معه بالفرح والسرور بقتل القادة، وهو لا يدرك أنه بذلك يسرع نهايته وزواله وستبقى المقاومة مستمرة وضروري حياتية مع الجيل الجديد.
خليل البخاري، أستاذ مادة التاريخ