المبعوث الأممي دي ميستورا في إاحاطة بخصوص قضيتنا الوطنية، اعتبر أن حلا من بين الحلول الممكنة اقتسام الصحراء بين من له الحق مع عصابة تحمل السلاح من أجل المال!
أمر غريب وغير مفهوم أن يصدر تقرير بهذا التبسيط، لاسيما إن استحضرنا التراكم الايجابي لإشراف الأمم المتحدة على الملف عبر ممثلي الامناء العامين من جوهانس نانس الى دي ميستورا .
قرار دي ميستورا شبيه بدرس قسمة التفاحة -التي إن قسمت فقدت طبيعتها كتفاحة - قسمة التفاحة لها حكاية مع الفيلسوف وعالم المنطق والرياضيات برتراند راسل Bertrand Russell حين قال أنه لم يفهم درس قسمة بالمدرسة حين شرحت لهم المعلمة أن واحد مقسوم على اثنين تساوي النصف!
راسل في مذكراته قال أنه فهم درس القسمة بالمنزل وليس بالمدرسة، حين قسمت أمه تفاحة واحدة، نصف له و نصف لشقيقه .
ربما قرار دي ميستورا، الغريب باقتسام الصحراء النصف لنا و نصف للجزائر الأخ الغير الشقيق، شبيه بقصة تفاحة راسل، وجه الشبه التعامل الطفولي مع درس القسمة .
ربما الرجل اختلطت عليه الأمور و اعتبر الصحراء المغربية تفاحة أو بيتزا لا تؤكل الا بالقسمة !
التدبير الفعال للوساطة و الاشراف الأممي ينبغي أن يحوز المبعوث تكوينا متعدد الأبعاد: تاريخية، انتربولوجية، قانونية، جغرافية للمنطقة حتى يعرف كيف يصل إلى الحل، لأن الصحراء المغربية مثل الحقيقة لا تقبل بالتفاوض أو القسمة.
منذ بدء العملية السياسية و إعلان وقف اطلاق النار سنة 1991، تعاقب على عدة ممثلين للأمناء العامين للأمم المتحدة: جوهانس مانس ، خافيير بيريز دي كوييار ، صاحب زاده يعقوبرخان ، ايريك جينسن ، جيمس بيكر ، ييتر فان فالسوم ، كريستوفر روس ،و ستيفان دي ميستورا .
يحتفظ مسلسل الإشراف الأممي على أهم القرارات و التي دون بعضها في كتاب أصدره المبعوث الأممي ايريك جينسن بتاريخ بعنوان: "الصحراء: تشريح المأزق".
المبعوث الأممي جيمس بيكر كان من أهم المبعوثين حيث قدم خطة تسوية للنزاع أقرها مجلس الأمن الدولي بقراره رقم 1429 الصادر في 30 يوليوز 2002 رغم صعوبة الاستفتاء كحل غير واقعي بعد خمس سنوات من الحكم الذاتي .
أما المساهمة الأهم في تدبير مسلسل الإشراف الأممي كانت في عهد المبعوث الهولندي بيتر فان فالسوم، وهو دبلوماسي هولندي، تميزت مهمته بتنظيمه عام 2007 بالولايات المتحدة جولات محادثات لأول مرة بين طرفي الأزمة: المغرب وجبهة (البوليساريو)، لكنها لم تفض إلى نتائج واقعية.
وفي نهاية مهمته، قال فالسوم في أبريل 2008 إن خيار الاستقلال الذي تطالب به البوليساريو "خيار غير واقعي"، وإن خيار استفتاء تقرير المصير الذي طـُرح سابقا "أمر تجاوزه. وهو الأمر الذي أغضب الجزائر و جبهة الوهم البوليساريو .
اليوم ملف قضية الوحدة الترابية راكم الكثير من التحولات أهمها تزايد ثقة المنتظم الأممي في المملكة، و في مشروع الحكم الذاتي الذي يحظى بدعم القوى العظمى آخرها إسبانيا و فرنسا .
وفي هذا السياق، أكد السيد غوتيريش في توصيات تقريره، أنه مازال مقتنعا بأن "حل قضية الصحراء أمر ممكن رغم توقف العملية السياسية منذ استقالة المبعوث الشخصي هورست كوهلر ". كما جدد المسؤول الأممي التأكيد على معايير البحث عن الحل السياسي الذي ينبغي أن يكون "واقعيا وعمليا ومستداما وقائما على التوافق ، وذلك "وفقا للقرارات 2440 و2468 و2494" التي تبناها مجلس الأمن في أكتوبر 2018 وأبريل 2019 وأكتوبر 2019 على التوالي.
من يعرقل الحل ليس في وجود جبهة تمارس الابتزاز، ولكن في عقيدة العداء التي تسكن نظام جنيرالات الجزائر وهو ما اكده قرار مجلس الامن الاخير الذي ذكر الجزائر خمس مرات في نفس التقرير .
تصورات غوتيريش تتطابق مع أسس الحكم الذاتي المشروع المقدم من المغرب سنة 2007 والذي يحدد فلسفة جلالة الملك بكونه إطارا واقعيا وعمليا ومستداما وتوافقيا للحل .
مواقف المغرب غير رمادية وواضحة في تدبير ملف وحدتنا الترابية، واعتبرها جلالة الملك النظارة التي ننظر بها للعالم. وأن المغرب قادر على حماية وحدته الترابية عبر الوحدة الوطنية و التلاحم بين الملك و الشعب، و عبر قوة و يقظة القوات المسلحة الملكية، ولعل موقعتي اغبالة واحد و اغبالة 2 حكاية تحكي كل شيء، لهذا مازال شنقريحة لم ينساها و ربما هذه أحد أسباب عقيدة الكراهية، حين كان أسير القوات المغربية الباسلة !
مشروع الحكم الذاتي هو قرار شجاع، لمن يقدر على خوض مواجهات ساحقة، لكن خيار السلام هو خيار الشجعان. أما أن كان لا بد من تطبيق قسمة دي ميستورا فالمغرب يحتفظ بصحرائه والجزائر تأخذ البوليساريو.