لا ندعي في جريدة "أنفاس بريس" أننا قدمنا وساهمنا بشكل كبير من خلال عشرات المواد والمقالات الصحفية في هذه الحصيلة المشرفة جدا، ولكن من حقنا أن ننوه بنتائج اهتمامنا وترافعنا وتتبّعنا ومواكبتنا للتراث اللامادي في شق فن ورياضة الفروسية التقليدية وما يتصل به من محاور وعناوين أساسية.
نعم لقد كانت ومازالت جريدة "أنفاس بريس" تعطي أهمية كبيرة للترافع على هذا التراث المغربي الجميل، سواء على مستوى العناية وتطوير الجانب المهني المرتبط بالصناعة التقليدية ذات الصلة بفنون التبوريدة، أو على مستوى تحسين النسل وإشعاع خيولها وفرسانها، دون أن نفرط في الدافع على حقوق الفرسان والجمهور المرتبطة بإحداث محارك خاصة بهذا التراث للنهوض بكل جوانبه وحقوله.
في هذا السياق، يمكن القول بأن الشراكة التي تم توقيعها والموسومة بـ "عقد برنامج التبوريدة ـ رؤية 2030 " بين الجامعة الملكية المغربية للفروسية، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إلى جانب الشركة الملكية لتشجيع الفرس، ثم الجمعية الوطنية لفن التبوريدة... ـ يمكن القول ـ أن هذه الشراكة الواعدة قد حسمت في عدة مشاريع مستقبلية سيكون لها ما بعدها على أرض الواقع. لكننا كنا نتطلع إلى إشراك وزارات وقطاعات أخرى مثل وزارة الثقافة والشباب والتواصل، ووزارة السياحة، ووزارة الاقتصاد والصناعة التقليدية نظرا للجسور العديدة التي تربط بينها.
ستة إجراءات لتثمين فن الفروسية التقليدية:
من أجل تحصين وتثمين المنتوجات المجالية ذات الروافد والخصوصيات المتنوعة المرتبطة بفن التبوريدة المغربية الأصيلة، فقد خلصت الشّراكة الموقعة بين الأطراف المذكورة أعلاه إلى تبني ستة إجراءات ذات طابع استعجالي من أجل حمايتها من القرصنة والعبث، وأيضا من أجل النهوض بقطاع الصناعة التقليدية.
الترويج لتراث التبوريدة: محور تثمين فن الفروسية التقليدية
1 ـ الإجراء الأول :
ينصّ على ضرورة استفادة منتجات حقل التبوريدة من العلامة الوطنية للصناعة التقليدية، مع أهمية إنشاء نظام لتصيف جميع الحرفيين في القطاع، حيث يهم الأمر هنا صناع سروج التبوريدة ومكاحل البارود، والزي التقليدي وما إلى ذلك من مستلزمات ذات الصلة بكل أجزائها وتفاصيلها (دَرَّازَةْ ـ حَدَّادَةْ ـ نجّارة ـ زْنَايْدِيَّةْ ـ نَقَّاشَةْ ـ خَيَّاطَةْ ـ دَبَّاغَةْ...(
2 ـ الإجراء الثاني :
ينص على ضرورة مساهمة كل الأطراف المعنية في إنشاء البيت الحرفي التقليدي لتراث التبوريدة، مما يستدعي التفكير في تحويل مجموعة من المآثر التاريخية التي كانت تلعب دورا محوريا في تعليم الرماية وركوب الخيل والنموذج هنا يتعلق مثلا بـ "مدرسة الأمراء العلويين المتواجدة بمدينة الشماعية بعد أن صنفتها وزارة الثقافة كمعلمة وتراث وطني".
3 ـ الإجراء الثالث :
من خلال بنود عقد برنامج التبوريدة، فقد نصّ الإجراء الثالث على أهمية تأسيس المتحف الوطني لتراث التبوريدة، في أفق جمع كل التحف التاريخية أكانت وثائق أو كتب أو رسائل، وتصنيفها والمحافظة على الذاكرة الْجَمْعِيَة الْجَمَاعِيْة، فضلا عن كل ما يتعلق بالزي التقليدي العريق المتوارث أبا عن جد، أو أجزاء أخرى ذات الصلة بالصناعة التقليدية سواء كانت أسلحة أو مستلزمات أخرى متعددة ومتنوعة. وفي هذا السياق لابد من التفكير في تعميم الفكرة على كل جهات المملكة بتنسيق مع وزارة الثقافة والسياحة والصناعة التقليدية...
4 ـ الإجراء الرابع :
لقد نص هذا الإجراء على أهمية الإنفتاح على الطاقات والقدرات الشبابية، من أجل مواكبة ودعم الشباب حاملي المشاريع المرتبطة بالتراث اللامادي لفن التبوريدة والصناعة التقليدية، وصياغة مشاريع تتعلق برؤيتهم حول الطرق والأساليب الجديدة لتنظيم وتقديم وتنشيط عروض التبوريدة. مما يتعين معه إشراك الإعلام والصحافة والجامعات والباحثين والدارسين بمختلف تخصصاتهم ذات الصلة بفن وتراث التبوريدة.
5 ـ الإجراء الخامس :
ويهم هذا البند بالأساس تطوير أساليب مبادرات التسويق والتواصل للترويج لعالم التبوريدة، حيث يعتبر هذا البند واق ضد كل أشكال المس بالتراث اللامادي وفسح المجال للمختصين وإبعاد المتطفلين عن ميدان الفروسية التقليدية.
6 ـ الإجراء السادس :
نص هذا الإجراء البالغ الأهمية على ضرورة بناء وإحداث مراكز نموذجية لعروض التبوريدة بمختلف جهات المملكة المغربية، (المحارك الجهوية( تضم مختلف المرافق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفنية والبيئية على اعتبار أنها ستمثل رافدا تنمويا وقيمة مضافة للبنية التحتية التراثية والسياحية والتعليمية والرياضية مما يسعف في خلق مناصب شغل مهمة.
تطوير الجانب المهني لفن التبوريدة
من جهة أخرى يعتبر "عقد برنامج التبوريدة رؤية 2030" مشروعا واعدا على مستوى تطوير الجانب المهني لفن التبوريدة، حيث تضمن هذا المحور ثلاثة إجراءات يتعلقون بتشجيع وتحفيز سربات الخيل، ومواكبة هيكلة المواسم السنوية ذات الصلة بتراث التبوريدة وهما:
تشجيع ومواكبة هيكلة المواسم:
1 ـ الإجراء الأول :
إنشاء وإحداث دفتر تحملات تنص بنوده على إلزامية العمل بمواصفات هندسية مضبوطة لمحارك الخيل وتظاهرات عروض التبوريدة، ضمانا للسلامة والأمن ومتابعة العروض التراثية بطريقة ضامنة لكرامة الجمهور والفرسان ومواقع مرابط الخيول.
2 ـ الإجراء الثاني :
ضرورة وضع خريطة جغرافية تمكن من ضبط وتصنيف المواسم المتواجدة عبر ربوع التراب الوطني. حتى يتسنى للجهات المعنية المواكبة والإنخراط والتفاعل مع تنظيم تلك المواسم في الزمان والمكان وتوفير متطلباتها لوجيستيكيا وماديا وأمنيا ومعنويا.
3 ـ الإجراء الثالث :
نص هذا الإجراء على أهمية تعزيز علفات الخيل ـ السربات ـ والإهتمام بهم، ورعاية المواسم في إطار تنظيمي وتحفيزي محكم ومشجع.
الجانب المهني لفن التبوريدة:
1 ـ الإجراء الأول :
فقد نص على أهمية وضرورة تطوير برنامج التكوين من أجل النهوض بالحرف المتعلقة بتراث التبوريدة، حيث يخص هذا الإجراء كل من المدربين، والمروضون الذين يلقنون تعليم ركوب خيل التبوريدة، فضلا عن فرسان خيل التبوريدة. ولم يفت هذا الإجراء أن يشير إلى أهمية العمل على التكوين بخصوص هندسة وبنايات الإسطبلات الخاصة بالخيول.
2 ـ الإجراء الثاني :
نص الإجراء الثاني من بنود عقد برنامج التبوريدة على إنشاء وإحداث وحدة نموذجية لتطوير ركوب خيل التبوريدة بالحارسة الوطنية لبوزنيقة، حيث يتعلق الأمر هنا بتثمين الخيول البربرية والعربية البربرية، فضلا عن العمل على احترافية استعمال الخيول من أجل امتطاءها خلال عروض التبوريدة، مع خلق إطار مرجعي لفن وتراث التبوريدة بكل تفاصيله.
3 ـ الإجراء الثالث :
وأسس العقد المذكور من خلال هذا الإجراء إلى أهمية التحسيس ورفع منسوب الوعي لدى الفاعلين، لاكتساب روح المبادرة الإيجابية وتنظيم عروض ترفيهية في هذا الشأن.
تحسين النسل وإشعاع فن وتراث التبوريدة:
ونظرا لبعض الشوائب في هذا المجال، وأهمية الخيول في إشعاع فن التبوريدة، فقد أكد عقد برنامج التبوريدة، على أهمية تطوير سلالات خيول التبوريدة، وتحسين نسلها، حيث تضمن هذا المحور بدوره ثلاثة إجراءات عملية وهي كالتالي:
تطوير سلالات خيول التبوريدة:
1 ـ الإجراء الأول :
العمل على تصيف الفحول المستعملة في مسابقات عروض التبوريدة ومنح مكافآت تحفيزية لأحسن الخيول.
2 ـ الإجراء الثاني :
تشجيع البحوث العلمية ذات الصلة بفن التبوريدة، ارتباطا بكل تفاصيل مجالاته ومكوناته.
3 ـ الإجراء الثالث :
أكد هذا الإجراء المهم جدا على ضرورة تنفيذ إجراءات تحسيسية من أجل توجيه مربي وملاكي خيول التبوريدة للرفع من الجودة ذات القيمة المضافة نخوة وجمالا ومواصفات.
تعزيز وتطوير مكانة تراث التبوريدة:
1 ـ الإجراء الأول :
مواكبة وتتبع التغطية الترابية من أجل الحفاظ على استمرارية المنافسات المحلية والإقليمية والجهوية على مستوى عروض التبوريدة.
2 ـ الإجراء الثاني :
إصلاح منظومة مسابقات فن وتراث التبوريدة على جميع المستويات، والرفع من قيمة المنح، مع ضرورة تطوير أساليب التحكيم والقوانين المؤطرة لمنافسات عروض التبوريدة.
3 ـ الإجراء الثالث :
تثمين وتتويج أجود وأحسن الخيول من خلال تنظيم مسابقات ترويض خيول التبوريدة
على سبيل الختم:
ملاحظة لها علاقة بما سبق: من اللائق العمل بجدية وصرامة على تطهير حقل التبوريدة من السماسرة الذين يعرفون من أين تؤكل الكتف من أي جهة كانت، وإبعاد ما يسمى بسخافة "صناع المحتوى" الرديء التي تمزق قلوب الفرسان "الشُّجْعَانْ" وعشاق التبوريدة، والعمل على توقيع شراكة مع الجسم الصحفي المغربي، إلى جانب المنابر والمواقع الإعلامية الجادة لتأطير ومواكبة منافسات عروض التبوريدة، من أجل بناء جسر العبور نحو كتابات ومحتويات وبرامج تلفزية تساهم فعلا في تطوير وتثمين وتحصين تراثنا اللامادي.