السبت 23 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

منصف الادريسي الخمليشي: الحرية ما بين النقاب والسروال القصير: "جرأة طنجة وعفة قلعة السراغنة"

منصف الادريسي الخمليشي: الحرية ما بين النقاب والسروال القصير: "جرأة طنجة وعفة قلعة السراغنة" منصف الادريسي الخمليشي
إننا الآن أمام نقاش عمومي عنوانه الأبرز " هل نحن إبان اضمحلال التحضر؟ أم هي أزمة قيم؟" حيث أصبح المجتمع المغربي يتعاطف مع جل القضايا المطروحة انطلاقا من اعلام مجيش و مستأجر أحيانا لخدمة أجندات معروف من يسيرها؟ حديثنا الآن حول ما بات يعرف بفتاة طنجة و فتيات قلعة السراغنة, قبل حوالي أسبوعين خرج العادي و البادي يندد بحادثة تحرش لفتاة تلبس لباس جريء في الشارع العام بطنجة من طرف مجموعة من الشباب و الحادثة الثانية هي منع بضعة فتيات من دخول الثانوية التأهيلية بمجرد أنها ترتدي " النقاب" و وصفه باللباس الإيراني, بعيدا عن النقاش الديني فنحن فقط من منطلق بما يسمى بالحرية الفردية, ألم تندد الحركات الحقوقية النسوية و غيرها بحق الفتاة أن ترتدي ما شاءت كيف شاءت و متى شاءت و أين شاءت بحجة حرية شخصية, إيه نعم قد نصطف حولها و نواسيها و لكن ما ذنب الفتيات الأخريات اللواتي تظهر قضيتهن باهتة و شبه منعدمة أمام الزخم و الجدل الإعلامي الذي اخذته فتاة طنجة.

لماذا هذه الشيزوفرينية التي يعاني منها المجتمع المغربي و خدمته لأجندات خارجية من دون أن يدرك مع من هو و من يشجع؟ و من ينتقد؟ هذا التساؤل المطروح يجعلنا نعود و نقول ما السبب في كل هذا التناقض الفكري أحيانا و قد تسيس القضية وفق الهوى إذا أرادوا.

لماذا اقحام إيران في الموضوع و في وقت حساس ( لا ندافع عن أي موقف) كهذا و إذا كان النقاب لباس إيراني فالبذلة العصرية الرجالية لباس بريطاني غربي, إذا كان المدير يدافع عن هذا الموقف فعليه أن يفرض على الفتيات أن يأتين بالجلابيب المغربية و القفطان و الرجال بلباس تقليدي, و هو الأمر الذي لا يحبذه النظام أيضا في ظل دولة الحق و القانون.

إذا عدنا للدستور المغربي و القوانين المغربية سنجد أن المشرع يصرح بصريح العبارة على أن المغرب دولة متعددة الروافد, أي هناك تعايش بين الأمازيغ, العرب, الغرب, اليهود, النصارى, الملاحدة, الشيعة, البوديين, الهندوس,  ليست هناك طائفية في هذه الدولة و هذا معروف و متعارف عليه.

انطلاقا من كل هذا سنستنتج أن مدير هذه المؤسسة قد تكون له تعليمات من رئيسه الغير مباشر بأن يقوم بتطهير شامل لكل مكونات الزي الإسلامي, ماذا لو كان شخص برازيلي أتى من أقصى غابات الأمازون بزي غريب؟ هل كان سيواجه بالرفض و هذه الغوغائية و القمع المتجذر في هؤلاء الذين يخدمون أجندات خارجية لأناس يحصلون أموالا فلكية.

رجوعا لواقعة طنجة التي لم أعلق عليها لأن الإدانة ستكون للشابة والشباب و إذا حللنا الواقعة فسنجد أنها وقعت تقريبا مباشرة بعد واقعة الهروب الجماعي لأرض الميعاد اسبانيا, للمشهد بعد سيكولوجي ثم سوسيولوجي.

على المستوى السوسيولوجي: نجد شباب في مقتدر العمر يتلمسون في فتاة و المارة يرون المنظر من دون تحريك ساكن و شخص من يبعدهم ببض مترات يصور المشهد و يرسله لقنوات الكترونية بغرض البوز و هو الأمر الذي أحدثه على المستوى السيكولوجي: نجد نفس الذين يدافعون عن الفتاة في حقها عبر تعاليق في منصات التواصل الاجتماعي يعلقون بعبارات و كأنهم حسدوا أولئك الشباب في فعلتهم, كما أن أصحاب المشهد اختاروا الليل و في الشارع العام, هل نعتبرهم مخدرين؟ أم من أجل اللعب و اللهو كما صرحت إحدى الأمهات.

بالنسبة للفتاة التي تلبس لباس جريء في الشارع العام بالطبع من حقها أن تلبس ما يحلوا لها من فساتين و سراويل قصيرة و لكن أوليس نحن في عصر كثر فيه الكبت الاجتماعي؟ و هو الأمر الذي نربطه أولا بالجهل و الأمية, ثانيا بالبطالة, ثالثا بما يروج في مواقع التواصل الاجتماعي, فالفتاة من المحتمل أن تكون لها تربية غربية و ليس لها حسيب أو رقيب و كانت هذه آية من الله للتنبيه على أننا في دولة إسلامية.

إذن بالرغم من أن الأمر متعلق بحرية شخصية فالدستور المغربي ينص في بابه الأول و فصله الثالث على أن "  الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية"  كما يزيد الدستور و يقر في الباب الثاني منه " الحريات و الحقوق الأساسية" في الفصل 22 منه "  لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية.   ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد،جريمة يعاقب عليها القانون" هذا ما يقول القانون الوضعي في هذا الباب, أي بمعنى أو آخر يحق للاثنين أن يمارسا حياتهما بكل حرية و لكن عندما يتعلق الأمر بالمساس بحرية الآخرين في اللباس أو العقيدة أو التوجه السياسي فهذا يدخل ضمن " دخول الصحة" لذلك يجب على المنظومة كاملة أن تعاد صياغتها لنعرف هل نحن فعلا دولة إسلامية كما هو مذكور في الدستور؟ أم ليبرالية كما صرح بها الأمين العام لحزب جبهة القوى الديموقرطية مصطفى بنعلي, إذا كان رأي بنعلي صائبا فالمغاربة يطالبون بتعديل الدستور و إذا كان الدستور صائبا فالمغاربة يطالبون برحيل كل من يمنع بنات المسلمين من عفة أنفسهن.

قال الله تعالى:  قوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59]