الأربعاء 9 أكتوبر 2024
منبر أنفاس

أنور اعبي: جنون ارتفاع الأسعار بالمغرب

أنور اعبي: جنون ارتفاع الأسعار بالمغرب أنور اعبي
تتعالى صرخات المواطنين في المغرب داخل البيوت وفي المقاهي وفي كل حديث عابر، في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشوارع والأزقة وعلى الأتوبيس وفي الحافلات وأمام الدكاكين ومحلات البقالة ...،بسبب الارتفاع المضطرد للأسعار في السنوات الأخيرة والتي ماعادت تثير تساؤلاتهم عن أسباب هذه الزيادات بل أصبحت تصيبهم بلوثة من الجنون أمام صمت حكومي لا يقدم أي تفسير للدراهم التي تزداد بغتة من كل شهر في أحد السلع التي كانت إلى ماض تحتاج إلى تفكير طويل قبل الإقدام على زيادة السنتيم الواحد.

ولوضع موضوع ارتفاع الأسعار في إطاره القانوني لا بد من استحضار كل من: الظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18) فبراير (2011) بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير حماية المستهلك لتعزيز حقوقه الستة التي تنص عليها الديباجة ؛ وهي الحق في الإعلام وحماية حقوقه الإقتصادية والتمثيلية وحقه في التراجع والاختيار ثم الحق في الإصغاء إليه.

ثم الظهير الشريف رقم 1.14.116 صادر في 30 يونيو 2014 بتنفيذ القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة ، والذي ينص في المادة 24 من القسم الخامس على أن مجلس المنافسة يدرس ما إذا كانت الممارسات المحال أمرها إليه تعتبر خرقا لأحكام المواد 6 و 7 و 8 من هذا القانون أو فيما إذا كان من الممكن تبرير هذه الممارسات بتطبيق المادة 9 من هذا القانون ويصدر إن اقتضى الحال الإجراءات التحفظية والغرامات التهديدية والأوامر والعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون .

وفيما يلي سيطرح من جديد سؤال للعوامل المتحكمة التي تقف خلف ارتفاع الأسعار في ظل هذه الترسانة القانونية؟.
إذ يمكننا يمكن حصر هذه العوامل فيما هو مرتبط بالعوامل الخارجية وأخرى داخلية ؛

فمن الناحية الخارجية نلاحظ أن سعر الدولار يساوي 9,72 مقابل الدرهم المغربي مع نطاق تغيير يتراوح مابين 9,62 و10,35 خلال 52 أسبوع الأخيرة مايؤشر على أننا لسنا أمام أسباب خارجية وبخاصة أن مجموعة من المواد الأساسية التي طالها الارتفاع لا نستوردها من الخارج .

أما من الناحية الداخلية فنلاحظ أن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية يعزى إلى ارتفاع كلفة المواد الأولية والذي هو نتيجة لمخاوف دقت جرس الإنذار أكثر من مرة عند تحرير سوق المحروقات بالمغرب في دجنبر 2015، وحتى قبل الرفع التدريجي للدعم على قنينات غاز البوتان ابتداءا من ماي 2024، إلى جانب إقرار الزيادة في الضرائب والرسوم على القيمة المضافة خلال السنة المالية 2023 مما ساهم في ارتفاع معدل التضخم بوتيرة جنونية إلى مستويات قياسية لم يعد فيها من الممكن أن تستوعبها جيوب المواطنين.

وهو ما يستدعي من الحكومة إعمال مقتضيات النص القانوني رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة للحد من من ارتفاع الأسعار وضبطها وحظر جميع الممارسات المنافية لقواعد المنافسة الواردة في كل من المادة 6 و7 من نفس هذا القانون، وتعزيز الدور الرقابي لمنع الإحتكار والحفاظ على الطبيعة التنافسية التي يؤطرها القانون وتضبط الأسعار لمجموع السلع والخدمات ،إلى جانب اعتماد قانون 31.08 الذي يضمن حماية حقوق المستهلك بشكل حقيقي وفعال، بدل محاولة مواجهة الأزمة بالأزمة بالرفع من الأجور التي تقتصر على قطاعات محددة لتحسين القدرة الشرائية للمواطنين التي هي اليوم في أدنى مستوياتها .



أنور اعبي، حاصل على شهادة الماستر في العلوم السياسية والتواصل السياسي