السبت 23 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد حمضي: أجواء ومفاجآت الانتخابات الجزئية بإقليم وزان

محمد حمضي: أجواء ومفاجآت الانتخابات الجزئية بإقليم وزان محمد حمضي
اختارت وزارة الداخلية عشية الدخول السياسي لتنظيم انتخابات جزئية لملىء مقاعد شاغرة - لهذا السبب أو ذاك - بالجماعات الترابية ومجلس النواب. وقد مر هذا الاستحقاق الانتخابي الجزئي وفق الضوابط القانونية المؤطرة للعملية الانتخابية المعمول بها في الاستحقاقات الوطنية . أما الأجواء العامة والتفاصيل المحيطة بها فتلك قضية أخرى ، لكن عنوانها الكبير استمرار الهيئة الناخبة في مخاصمة صناديق الاقتراع ، وبالتالي استمرار مؤشر الثقة في الهبوط نحو الدرك الأسفل . مؤشر على صناع القرار أن يلتقطوه قبل فوات الأوان ، خصوصا وأن بلادنا على مرمى حجر من الاستحقاقات الانتخابية العامة التي يتزامن اجراؤها مع محطات كبرى ستحتضنها بلادنا .
لندع هذا الكلام ، ونعود لإقليم وزان الذي كانت بعض جماعاته الترابية مسرحا لانتخابات جزئية قالت فيها " صناديق الاقتراع" كلمتها يوم الخميس 12 شتنبر . يتعلق الأمر بالجماعات الترابية ، المجاعرة ، زومي ، مصمودة، وهي كلها جماعات تتموقع بالعالم القروي . هذه المجالس الجماعية تترأسها أحزاب بيافطات ، الحمامة ، والجرار، والوردة . السياق لا يسمح بالتفصيل في ادارة الشأن الترابي بهذه الجماعات ، لكنه(التدبير) يترجم حرفيا الممارسات التي أطرت استحقاق 8 شتنبر 2021 !

جملة من الملاحظات استرعت انتباهنا ونحن نقترب من هذا الاستحقاق الانتخابي، نطرحها أمام الرأي العام بإقليم وزان كما وطنيا، لقرائتها واستخلاص ما يمكن استخلاصه:

الملاحظة الأولى : مرت هذه الانتخابات الجزئية بعيدا عن ادنى اهتمام ساكنة الجماعات التي التي جرت فوق ترابها على اعتبار أن الأمر يهمها بشكل مباشر . أما التنظيمات الحزبية بالإقليم فقياداتها وساكنتها المؤقتة، فالكثير منهم على كراسي انتظار الرحيل في الاستحقاقات الانتخابية العامة القادمة ، فلماذا سيتحمسون لهذا الاستحقاق الجزئي الذي لا يغير شيئا في تركيبة المجالس الجماعية المعنية !

الملاحظة الثانية: الغياب التام لحزب الوردة وحزب الميزان عن هذا الاستحقاق الانتخابي . غياب غير مفهوم لأنه لم يأتي بناء على موقف ناتج عن تحليل دقيق وموضوعي قاد الأجهزة الحزبية صاحبة القرار اتخاذه . فكيف لحزب الوردة أن لا يرشح على الأقل بجماعة مصمودة التي يسيرها رئيس يحمل لونه، بعد ان قدم من حزب آخر ؟ وكيف لحزب الميزان أن لا يسجل حضوره وهو صاحب مقعد برلماني بالدائرة الانتخابية وزان ، وله حضور بالمجلس الإقليمي ، ورئاسة ثلاثة جماعات بالإقليم ! المعلومات التي استطعنا الوصول إليها من مصادر موثوقة، تفيد بأن الأجهزة التنفيذية والتقريرية بالحزبين معطلة ، وأن عجلتها لا و لم تدر من زمان .

الملاحظة الثالثة : جاءت نتائج اقتراع يوم 12 شتنبر مكذبة لتنجيم البعض . حزب الجرار كانت حصيلته كارثية بالدوائر الانتخابية الثلاثة (صفر مقعد) ، ولم يستوعب هزيمته فيما يعتبرها قلعته ( جماعة المجاعرة). حزب الحمامة يعود من جديد لجماعة مصمودة ، رسالة قوية لمن سيطرت عليهم الأوهام في استحقاق 2021 فأحرقوا الأخضر واليابس تحت أقدام حزبهم .

المفاجأة الكبرى هو تمكن حزب المصباح من العودة من جديد لتثبيت حضوره بحصوله على مقعد من أصل ثلاثة . نتيجة لاشك بأنها ستضخ جرعات من الأمل والحيوية في مفاصل هذا الحزب بالإقليم الذي تحاول ساكنته التي غادر البعض منها البيت ، تضميد جراح 8 شتنبر 2021 .

الملاحظة الرابعة : لا تختلف عن الأجواء العامة التي أرخت بظلالها على هذا الاستحقاق الانتخابي الجزئي الذي عرفته بلادنا ، حيث اللامبالاة التامة بمجريات تضاريس العملية الانتخابية رغم تزامن اجرائها مع استهلاك مجالس الجماعات الترابية نصف الولاية، التي كان على الفاعل السياسي بغض النظر عن لونه ( تعددت الألوان والممارسة واحدة إلا من رحم ربك) استثمار هذه الفرصة للتأسيس لحوار هادف ومسؤول لتقييم تجربة ما انسلخ من عهدة تسيير الشأن الترابي على مستوى إقليم وزان ، تؤطره الجدية وتخليق الحياة بالمؤسسات المنتخبة . وكم كان منسوب الثقة سيرتفع لو وقف أمام الساكنة أيام الحملة الانتخابية كل من لوث الاستحقاقات الأخيرة( شتنبر 2021) فاعلا سياسيا كان أم ادارة ترابية أم ناخب(ة) طالبين الصفح .

أليست السياسة أخلاق كما ردد دائما الزعيم الوطني الكبير سي عبد الرحيم بوعبيد، تغمده الله بواسع رحمته.