سلّطت المنظمة المغربية لدعم الحكم الذاتي للصحراء المغربية، الضّوء على ٱخر مستجدات القضية الوطنية، وذلك خلال ندوة علمية، عُقدت نهاية الأسبوع المنصرم، بمركز جماعة زايدة بإقليم ميدلت، تزامناً مع مهرجان السّلام والتسامح لمغاربة العالم المنظم تحت شعار: " استثمارات المغاربة المقيمين بالخارج، فرص وٱفاق" ، في طبعته الثانية.
وفي هذا السياق، أكد عبدالكريم حسّو، المنسق العام الوطني للمنظمة المغربية لدعم الحكم الذاتي بالصحراء المغربية، أن قضية الصحراء المغربية عرفت في السنوات الأخيرة عدة تطورات إيجابية على الصعيد الدولي، بفضل العناية الملكية وتظافر مختلف الجهود الدبلوماسية الرسمية والموازية وبفضل الدعم الشعبي الدائم والمستمر، وهو ما جعل من قضية الصحراء قضية جميع مؤسسات الدولة حكومة وبرلمان ومجالس منتخبة، وكافة الفعاليات السياسية والنقابية والاقتصادية وهيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وجميع مكونات الأمة المغربية.
وأوضح حسو في مداخلة له أن هذه المجهودات الوطنية في الدفاع عن مغربية الصحراء، توّجت بتحقيق العديد من الانتصارات والمكاسب الدبلوماسية في مسار القضية الوطنية، من أبرزها قرار الولايات المتحدة الأمريكية بالاعتراف الرسمي بمغربية الصحراء الذي شكل دعما لمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب، ورافق ذلك تغيير مواقف العديد من الدول الوازنة في أوروبا ودعمها لمقترح الحكم الذاتي، بالموازاة مع سحب عديد من دول الاتحاد الافريقي ودول أمريكا اللاتينية اعترافها بالجمهورية الوهمية، وتوج ذلك بالتطور الايجابي لقرارات مجلس الأمن وخاصة القرار الاخير عدد 2703.
وأبرز المتحدث ذاته، ان السياسة الخارجية المغربية حقّقت انتصارات دبلوماسية مهمة توجت بفتح عدد من القنصليات الأجنبية بالأقاليم الجنوبية بكل من العيون والداخلة، وهو ما يبرز حجم الجهود التي بذلتها الدبلوماسية الرسمية والموازية على حد سواء، كما أن الدبلوماسية الاقتصادية التي نهجها المغرب عن طريق اللجان العليا المشتركة للتعاون تؤكد على وجود استراتيجية متكاملة من طرف الدولة استطاعت بفضل إصرارها وعدالة القضية الوطنية تحقيق العديد من المكتسبات.
وأضاف أن الجهود المبذولة والمكتسبات التي حققتها بلادنا اليوم تفرض علينا بذل المزيد من الجهود وحشد المزيد من الدعم لقضيتنا الوطنية، من أجل ترصيد المكتسبات، وتفويت الفرصة على أعداء الوحدة الوطنية، وهذا يتطلب ضرورة تعزيز التنسيق بين جميع الأطراف الاقتصاديين والاجتماعيين والفاعلين الحكوميين والسياسيين والمدنيين، والتخطيط الجيد لبناء موقف منسجم ومناصر ومؤيد لفائدة القضية الوطنية، يهدف إلى ترصيد المكاسب وتعزيز الانتصارات الدبلوماسية.
ولفت حسّو أن مقتطف خطاب الملك محمد السادس، في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية التاسعة جاء فيه أن قضية الصحراء ليست فقط مسؤولية ملك البلاد، وإنما أيضا قضية الجميع: مؤسسات الدولة والبرلمان والمجالس المنتخبة، وكافة الفعاليات السياسية والنقابية والاقتصادية، وهيئات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، وجميع المواطنين. وهنا يجب التذكير، مرة أخرى، بأن مصدر قوتنا في الدفاع عن صحرائنا، يكمن في إجماع كل مكونات الشعب المغربي حول مقدساته".
وسجّل المصدر نفسه أنه إنطلاقا من التأكيد الملكي على أن قضية الصحراء المغربية هي مسؤولية الجميع من مؤسسات الدولة والبرلمان والمجالس المنتخبة، وكافة الفعاليات السياسية والنقابية والاقتصادية، وهيئات المجتمع المدني، ووسائل الإعلام، وجميع المواطنين، يجب السعي نحو مواكبة مبادرات المجتمع المدني من أجل ترافع فعال ومؤثر مستند على معرفة علمية متينة ومستوعب للمستجدات وتطوارت القضية، ومتمكن من مهارات الترافع وأدواته، لدحض أوهام الخطاب الانفصالي والاستعمال الأمثل للمنصات الرقمية كفضاءات للترافع والتأثير والتناظر وما يقتضيه ذلك من واجب امتلاك أدوات صناعة المحتوى الرقمي الوحدوي وتملك آليات بثه وتفاعل الديناميات الرقمية الناتجة عن ذلك.
وخلص المنسق العام الوطني للمنظمة المغربية لدعم الحكم الذاتي بالصحراء المغربية المنظمة المغربية إلى أن هذه الهيئة تفكّر في تنظيم ندوة تحت عنوان: "المجتمع المدني وآليات الخطاب الترافعي عن مغربية المملكة الصحراء" في كل جهات المملكة، يكون الهدف منها تملّك خطاب ترافعي متعدد الأبعاد حول القضية الوطنية، وفهم واستيعاب المستجدات الأخيرة حول القضية الوطنية، والانتقال إلى مبادرات عملية في مجال الترافع المدني عن مغربية الصحراء، وكذلك تكثيف العمل الجماعي وربط مجهودات الأجيال الحديثة مع الفاعلين الذين أسسوا للترافع عن قضية الوحدة الترابية؛ من أجل تعزيز و ترسخ الثوابت الست للقضية الوطنية كما جاءت في خطاب الملك محمد السادس بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء لسنة 2013.
من جهته، كشف علي المعزاوي، الأستاذ الباحث في التاريخ والتراث الثقافي وعضو المنظمة، عن كرونولوجيا قيام الدولة المغربية انطلاقا من المرابطين ثم الموحدين والمرينيين والسعديين وصولا إلى الدولة العلوية الشريفة، مع ابراز امتداداتها الجغرافية، مؤكدا أن الجزائر كانت جزءا من الدولة المغربية في عهد المرابطين والموحدين، إلى ان تم إخضاعها للدولة العثمانية والذي باعتها لفرنسا سنة 1830 .
وأوضح المعزاوي في مداخلة تحت عنوان "إشكالية الحدود بين الجزائر والمغرب ابتداء من معركة إيسلي إلى حرب الرمال"، أن جذور النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية يعود الى معركة إيسلي سنة 1844، التي خاضها المغرب تضامنا مع الجزائر التي كانت آنذاك محط أطماع أجنبية مختلفة، مجسدا بذلك إيمانه القوي والدائم بوحدة المصير المغاربي.
وأبرز الباحث في التاريخ، أن معاهدة "واد راس" الشهيرة عام 1860، فرضت فيها إسبانيا شروطا قاسية على المغرب والتي يعتبرها مؤرخون بداية مهّدت للأطماع الاستعمارية الأوروبية بالمغرب والتي انتهت بتوقيع معاهدة الحماية سنة 1912، لينال المغرب بعد 45 سنة من الاستعمار الفرنسي استقلاله سنة 1956 من فرنسا.
وأضاف أن فرنسا اقترحت على المغرب بدء مفاوضات لحل الإشكال الحدودي بين المغرب والجزائر والتي بموجبها يسترجع المغرب ما اقتطع من صحرائه الشرقية مقابل توقف المغرب عن دعم حركة التحرير الجزائرية، لكن الملك محمد الخامس، رفض حينها العرض الفرنسي، مؤكدا أن المشكل الحدودي سيحل مع السلطات الجزائرية بعد استقلال الجزائر عن فرنسا.
وسجل المتحدث ذاته أن المغفور له الحسن الثاني وقّع مع فرحات عباس، رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، سنة 1961 اتفاق يتم موجبه الاعتراف بوجود مشكل حدودي بين البلدين، وينص على ضرورة بدء المفاوضات لحله مباشرة عند استقلال الجزائر، لكن بمجرد حصول الجزائر عن الاستقلال سنة 1962 تنصل الرئيس بن بلة من الاتفاق الموقع بين المغرب والحكومة الجزائرية المؤقتة بشأن وضع الحدود بين البلدين الذي خلقه الاستعمار الفرنسي.
ولفت المصدر ذاته، الى أن هذا التنصل أدى إلى اندلاع الحرب المعروفة بحرب الرمال سنة 1963 التي استمرت لأيام معدودة قبل أن تتوقف المعارك في 5 نونبر من سنة 1963، حيث نجحت جهود جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية في توقيع اتفاق نهائي لإطلاق النار في 20 فبراير 1964، في وقت مكّن تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء عام 1975، التي شارك فيها نحو 350 ألف شخص دخلوا إلى مناطق الصحراء المغربية، من إنهاء وجود الاستعمار الإسباني في المنطقة.