الاثنين 25 نوفمبر 2024
مجتمع

محمد حمضي: محنة طارئة للكوفية الفلسطينية بوزان ! كيف ذلك؟

محمد حمضي: محنة طارئة للكوفية الفلسطينية بوزان ! كيف ذلك؟ صورة تذكارية لولي العهد الأمير مولاي الحسن مع الأطفال المقدسيين وبيت فلسطين بوزان ومحمد حمضي
التفاتة ملكية بنَفَسٍ انساني 
استقبل ولي العهد الأمير مولاي الحسن يوم الجمعة 23 غشت 2024 بالقصر الملكي بتطوان ، المشاركات والمشاركون من الأطفال المقدسيين في الدورة 15 للمخيم الصيفي الذي تنظمه وكالة بيت مال القدس الشريف . الاستقبال جاء بأمر من الملك محمد السادس .
 
هذا الاستقبال من طرف ولي العهد ، والأجواء التي مر فيها كما نقلت ذلك القنوات العمومية ، له أكثر من دلالة رمزية في هذه الفترة العصيبة التي تجتاز القضية الفلسطينية أخطر منعرجاتها.....أطفال مقدسيون يتوشحون بالكوفية الفلسطينية في ضيافة رئيس لجنة القدس.... رسالة بنَفَس انساني قبل كل ما هو  سياسي ، تبصم على حقيقة ثابتة ، وهي أن القضية الفلسطينية قضية وطنية بالنسبة للمغرب ، ولا يمكن أن تكون محط مزايدات حتى ولو تباينت القراءات الصادقة نوايا أصحابها للمرحلة ، التي يجب أن تُقرأ على ضوء ما هو استراتيجي ، وليس على ضوء تعقيدات وتشابك المرحلي منها .
 
حكاية محنة الكوفية بدار الضمانة  
الكوفية الفلسطينية التي ظهر بها الأطفال المقدسيون وهم/ن يسلمون على ولي العهد ، لم يجد المغاربة يوما أدنى حرج في الافتخار بالتوشح بها كشكل من أشكال التضامن مع الشعب الفلسطيني في مواجهة غطرسة العدو الصهيوني ، التي وصلت اليوم بغزة أقصى درجة من درجات الوحشية .
 
هذا الشكل الرمزي من التضامن صدرت أخيرا بوزان تعليمات صارمة من داخل الإدارة الترابية الإقليمية بأن لا يظهر له أثر فوق منصة من منصات أنشطة سيتابع عامل الإقليم فقراتها. كيف ذلك ؟ الحكاية من البداية بكل مسؤولية وروح وطنية  نسردها أمامكم/ن كما تقاسم معنا تفاصيلها أكثر من مصدر موثوق .  
 
 مجلس الرياضة (آلية من آليات الديمقراطية التشاركية ) بمجلس جماعة وزان ، قرر بأن ينظم حفلا لتكريم أبناء وزان الذين حققوا نتائج رياضية جد ايجابية خلال الموسم الرياضي . مبادرة تنتقل بالديمقراطية التشاركية من كلام الصالونات إلى ممارسة ملموسة . ولأن عامل الإقليم قرر حضور هذه الفعالية دعما منه للمشاركة المواطنة التي  تتصدر دستور المملكة" إن المملكة المغربية ، وفاء و احتراما لاختيارها الذي لا رجعة فيه ، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون ، تواصل بعزم مسيرة توطيد و تقوية مؤسسات دولة حديثة ، مرتكزاتها المشاركة و التعدية و الحكامة الجيدة ....." فقد كان لزاما على فريق التحضير المشكل من ممثلي الجماعة و مجلس الرياضة ، وضع الترتيبات مع طاقم من العمالة ضمانا لنجاح الاحتفالية ، وهذا إجراء معمول به في هكذا أنشطة .
 
المفاجأة حسب ذات المصادر هو اسقاط تعليمات معزولة و تغرد خارج السرب.... تقضي هذه التعليمات بعدم صعود خشبة الحفل أي شخص يتوشح بالكوفية الفلسطينية ! غير التقيد الصارم بهذه التعليمات فإن لكل حادث حديث !
 
 ذهول ما بعده ذهول ، خصوصا وأن فريق التحضير من ممثلي المجلس الجماعي و المجلس الرياضي لم يفكر أعضاؤهما أصلا في ذلك ، ولكن اذا حدث وصعد متوج(ة) رياضي(ة) أو غيره المنصة موشحا بالكوفية الفلسطينية ،  فهذا يجب أن يكون محط فخر واعتزاز ، لأن منسوب دعم القضية الفلسطينية لم ولن تجف ينابيعه عند المغاربة  . أضف إلى ذلك بأن لأهل وزان علاقة خاصة  بالقضية الفلسطينية .فوزان هي المدينة الوحيدة على امتداد التراب الوطني التي انفردت لعقود بفتح "بيت فلسطين"  من طرف الفقيد الأستاد  سي بوعياد رحمه الله . بيت زاره أكثر من قائد فلسطيني ، ومسؤول سياسي مغربي ، ولا زالت معالمه شاهدة لليوم على حضور القضية الفلسطينية في وجدان أهل وزان .
 
حدث هذا مباشرة بعد قضية العميد والكوفية التي استنكرها طيف سياسي و مدني ونقابي كبير، لذلك كان لابد من التريث في نشر ما حدث بوزان حتى لا نصب الزيت على النار بتصرف معزول وناتج عن سوء التقدير ، بينما الموقف المغربي من تطورات القضية الفلسطينية تؤكد المبادرات الملكية والشعبية بأنه ثابت على الدعم والتضامن بمختلف الأشكال ، التي يشكل فيها التوشح بالكوفية الفلسطينية في مختلف المحافل  رمزا مرئيا من تعبيرات التضامن مع الشعب الفلسطيني على امتداد ترابه ...
 
 على سبيل الختم
إذا كان هذا التصرف المعزول مجرد اجتهاد ، فإننا ننصح بأن باب الاجتهاد كما جاء في الحديث الشريف " إذا اجتهد وأصاب فله أجران ، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر" تحكمه( الاجتهاد) جملة من القواعد . وفي نظري المتواضع يجب أن ينتصر الاجتهاد للمستقبل ولعدالة القضية المطروحة ، فعلى سبيل الذكر و بالقليل من المقارنة ، فإن قراءة دستور 2011  أطرها ولازال ،  التأويل الديمقراطي ، تأويل ينتصر للمستقبل .هذا هو الاجتهاد الايجابي الذي يجب أن يؤطر التعاطي مع القضية الفلسطينية .غير ذلك فقواعد الاجتهاد لا تستقيم ...  والنتيجة لا جني لأجر أو أجرين ،   بل جني لعواصف مجانية .....
 
 لذلك فإن القضية الفلسطينية بكل تطوراتها يجب أن تظل حاضرة عند المغاربة ، وهي حاضرة بكل ثقلها ، وبالتالي وجب تنويع أشكال التضامن مع أطفالها وشيوخها و نسائها إلى أن يتحقق النصر ، وهو قادم لا ريب في ذلك .ورحم الله الشاعر أبو القاسم الشابي الذي قال :
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر ،ولابد لليل أن ينجلي ، ولا بد للقيد أن ينكسر .
 وسينكر القيد يوما بفلسطين الأبية .
 نتمنى أن لا يتكرر ما حدث ......