هو سؤال يؤرق كل ساكني الإقليم، ومعهم أبناؤه وبناته في عموم تراب المعمور. سؤال ليس وليد اليوم والأحداث التي تعرفها المدينة والإقليم فحسب، ولكنه سؤال له أكثر من عقدين من الزمن. سؤال بدأت ملامح الجواب عنه في ما عاشه فريق النهضة الرياضية السطاتية، الفريق الذي تم تأسيسه في أربعينيات القرن الماضي، في نفس زمن تأسيس فرق عريقة كالرجاء، والوداد، والنادي القنيطري، و وادي زم. نعم فالفريق الذي اثتت عناصره المنتخب الوطني لعقود من الزمن، والذي حاز على القاب عديدة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وبعد فترة من الدلال المفرط، انتكس وعاد إلى الوراء جدا وأصبح لمعانه من الماضي. من يحبون الجواب السهل يربطون اندحاره بغياب السي ادريس البصري رحمه الله، لكن من يحكم عقله أكثر، فإنه يدرك أن الاسباب ذاتية وداخل المدينة والإقليم. فالفريق كان قويا وحقق القابا عديدة قبل المرحوم السي ادريس… لكن بعده، تكالب على الفريق زمرة قد تكون لها كل الأهداف والنوايا، إلا الحفاظ على لمعانه وبريقه، وكلنا يتذكر “البلطجة” التي سادت تدبيره في بداية عهد اندحاره، و التهديدات التي تلقاها كل من قال كلمة حق. للغرابة فنفس هذا الجواب يكون في كل مكامن الفشل التي يعرفها الاقليم وربطها بحسابات هي في صالح ضفادع الإقليم الذين يترعرعون ويتكاثرون في المستنقعات فقط. صحيح أن الفريق فقد بين عشية وضحاها ممونين وداعمين ماليين، لكن بالمقابل فريق النسمة انبعث من عدم وبدون موارد مالية كالتي يتوفر عليها فريق النهضة أصبح قاب قوسين من الصعود لمراتب متقدمة كرويا؟؟ إذن كما يقول المثل المغربي ” شوية من الحنة، وشوية من طراوة اليدين”. فالرجال هم من يصنعون المعجزات ويدافعون ويناضلون على مبادئهم واهدافهم بكل قوة وليس الإتكالية والخوف من فزاعات باتت من الماضي. فابناء(زطاط) سطات فشلوا في تزطيط فريقهم، ومن ثم فشلوا في تزطيط إقليمهم الذي بات إقليم الفرص الضائعة بامتياز.
الكل يتحدث في هذه الآونة الأخيرة عن قرار عامل الإقليم بتوقيف الرئيس السيد المصطفى الثانوي في إطار المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية، وهو ما يعني توقيفه عن مباشرة مهامه في انتظار بث القضاء الإداري في الملف. لن ندخل في هذا المقال في حيثيات الواقعة التي يعرفها القاصي والداني، والتي سبق وأن أشرنا إلى سيف المادة 64 المسلط على المنتخبين بالإقليم، لكننا نتسائل عن سر تفاوت طريقة تطبيق المادة 64 بين سطات وبن احمد؟ سؤال قد يؤكد مجموعة من الأقاويل التي باتت متداولة ليس فقط بين منتخبي الإقليم، ولكن تعدتها إلى الساكنة من مثقفين وغيرهم. هذا أمر سنتطرق له لاحقا في ملف كامل في قادم الأيام. لكن ما يهمنا في سطات هو المستقبل، والأكيد أنه لا أحد ضد الربط الحقيقي والكامل والموضوعي للمسؤولية بالمحاسبة، ربط نريده ليس سياسيا فقط ولكن جنائيا في حق كل من استباح مالية وتنمية هذا الإقليم،وكل شبر من المملكة المغربية، أكان منتخبا أو فاعل اقتصادي أو مسؤول إداري. فالمسؤولية السياسية لا تنفي المسؤولية الإدارية لمختلف المصالح ولإدارة “الرقابة” التي أعطاها القانون صلاحيات واسعة في تدبير الجماعات الترابية، سلطات تستعمل وفق معايير لم نستطع فك شفراتها، فكيف لهذه السلطة التدخل ورفض التاشير على ميزانية الجماعة لعدم تنصيصها على تعويضات في حكم قضائي، وتتغاضى عن أمور أكثر أهمية للجماعة، وتغض الطرف عن تنقيل معدات شركة مفوض لها بعد فسخ عقدتها مع ما يمثله من هدر لمعدات ومالية الجماعة؟
مستقبل سطات حسب مجموعة من المتتبعين يتبعثر بعد قرار التوقيف، فالجماعة، وهي قطب الرحى في التدبير المحلي، ستجد نفسها أمام فراغ قاتل. فالمناخ السياسي بالإقليم وبسطات أصابته “علة” ترخي بظلالها على المدينة والإقليم وأدخلت التدبير المحلي في نفق التدبير اليومي تحت مقولة ” الله يخرجنا سالمين” عوض التدبير التنموي.؟
من الناحية القانونية فان النائب الأول للرئيس هو الذي سيشرف على التدبير بالنيابة في انتظار القرار النهائي للمحكمة، ثم بعد ذلك حسب المادتين 20 و21 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية 113.14 فإنه سيتم حل المكتب وانتخاب رئيس جديد ومكتب جديد. الأمر الذي سيجعلنا أمام خمس مرشحين للرآسة ينتمون للوائح الخمس الأولى في الإنتخابات الأخيرة. ومن الناحية السياسية، من سيرغب في اقتحام عقبة سنتين متبقيتين من ولاية انتخابية متحكم في مسارها؟ ومن سيراهن بمستقبله السياسي في ظل ما يقع من شد الحبل بين طريق البيضاء ووسط المدينة؟ ناهيكم عن تشكيلة المجلس التي افرزتها النمط الإنتخابي الأخير؟.
المرحلة الحالية هي مرحلة حاسمة في مغرب المستقبل، فكل جماعة ومدينة تترافع بكل قواها ومكوناتها للعب دور طلائعي بعد 2030، دور لا يمكن التأهل إليه إلا إذا توافرت إرادة جماعية حقيقية بين كل السلطات المنتخبة من مجالس وغرف وبرلمانيين من جهة، وسلطات محلية تنموية، وفعاليات مدنية واقتصادية وغيرها من جهة أخرى..
بسطات، نعيش صراعات وتطاحنات غريبة بين كل هذه المكونات..
فالسلطات المنتخبة متناحرة ولا تشكل الجسم الواحد وتجسد لنا مفهوم ” السياسة السياسوية” والتي تبعد عن هموم المواطن وتنميته. أما سلطاتنا المحلية بسطات فأقل ما يمكن القول عنها هو بعدها الكبير عن “المفهوم الجديد للسلطة” فحصيلة خمس سنوات تظهر بجلاء وبكل موضوعية كيف كانت سطات، والمشاريع المبرمجة والمتوقفة، وكيف هي اليوم فحتى هواؤها أصبح ملوثا بروائح غريبة؟؟ دون الحديث عن الدور الحقيقي للإدارة الترابية المفروض فيه التشبع بالحياد الإيجابي والقرب من تحقيق اهداف التنمية وتحفيز كل المكونات الترابية لفرض توحيد نغماتهم على نغمة التنمية المستدامة لا غيرها..
أما الفعاليات الإقتصادية والمدنية فإنها تتأرجح بين هذا وذاك تارة، وبين واقع منافسة اقتصادية غير شفافة وتحمل تهديدات لمستقبل الإستثمار بسطات في ظل قتل روح المنافسة الشريفة وسياسة القطب الوحيد. واقع قد يعصف استمراره بسطات في غيابات التخلف والإندحار. الأمر الذي لن يرضاه أي مغربي غيور على كل شبر من وطنه، وسيكون وصمة عار في جبين بنات وابناء هذه الرقعة الذين سيسلمون مشعل المدينة منطفئا لأبنائهم بعد ان استلموه وهاجا منيرا.
نعم أن سطات تهوي بفشل ابنائها، بانتهازية راسمالها، بوصولية نخبها، بتواكل مسؤوليها. إننا لا نعمم هنا. غريب أننا عوض مناقشة ملعب كبير بالمدينة لاحتضان تداريب الفرق في منافسة كاس العالم، وعوض مناقشة محطة لتوقف القطار الفائق السرعة بسطات، وعوض مناقشة اشكالية النقل الحضري بالإقليم، وعوض مناقشة طرق سريعة بين سطات والجديدة وسطات والقلعة وسطات وخريبكة؟ وعوض مناقشة مشاريع تنموية هيكلية تعود بالنفع على اجيال قادمة؟ أضحينا نناقش غياب مائنا وجودته، نناقش رائحة مصنع السمك بالمدينة، نناقش التوقيفات هنا وهناك واسبابها الخفية؟ نناقش ونناقش…
للأسف واقعنا صنعناه بأيدينا، أما نظرية المؤامرة التي يحاول العديد الترويج لها، لأنها في صالحه، وتجعل الجميع يكبل يديه مستسلما لواقع هو من مسبباته. فأين، على سبيل المثال لا الحصر، برنامج التأهيل الحضري 2009/2013 الذي تم توقيعه أمام أنظار جلالة الملك ومشاريعه الضخمة من مستشفى جامعي وكلية الطب؟؟ ومن يتحمل مسؤولية فشله؟ للحسرة، فإن سطات بدون باب ولا بواب، بدون أبنائها وبناتها “المتنكرين” لها والغاضبين بالمحمدية والبيضاء والرباط، يتناقشون وضعيتها ومصيرها بين ايدي من كانو بالأمس أذلة القوم فيها وأصاغرهم، وتسيدوها وعبثوا بها.. هذا النقاش الإستعلائي لا يعفي هذه “النخب” من تحمل المسؤولية..
كلنا مسؤولون والتاريخ لا يرحم وسيذكر من تنكر واستغلظ على هذه المدينة، وكما سبق وقلنا فان “بويا لغليمي” دارو كبيرة ودار الخير الكثير اللي جا ياكل ويشبع، خاصو غير يخدم ويصفي النية، أما قليل النية ف(بويا لغليمي كيخرج فيه وفي أولاده).
طارق جداد، فاعل جمعوي