الأحد 24 نوفمبر 2024
فن وثقافة

 بين الماضي والحاضر تحققت استمرارية وتألق مهرجانات سنابك الخيل بإقليم الرحامنة

 بين الماضي والحاضر تحققت استمرارية وتألق مهرجانات سنابك الخيل بإقليم الرحامنة الراحل رويشة ( يسارا)

استهلال لابد منه:

يتسعد إقليم الرحامنة بالعديد من جماعاته الترابية لتنفيذ برنامج مهرجاناته التراثية خلال شهر غشت 2024، وخصوصا تلك التي وسمت بسنابك الخيل والبارود، في هذا السياق أشير إلى أنه حين قمت بتنشيط فعاليات الدورة 13 للمعرض الدولي للفرس بالجديدة، قمت بزيارة لرواق معرض الفن التشكيلي الذي يعرض أرقى اللوحات الفنية لخيول التبوريدة المغربية الأصيلة، فأعجبني وراقني ما كتبته الشاعرة بشرى برّجال في قراءتها لإحدى لوحات الخيل الموسومة بـ "شُمُوخْ" وهي بالمناسبة لوحة من عمل الفنان رشيد بن عبد الله، حينئذ قررت أن أشارك جمهور فضاء التبوريدة بمعرض الفرس وأتقاسم معه قصيدة نفس الشاعرة:

"أنا السّلم...زفّوني

أنا العلم والإقدام...إحذروني

حوافري...حوافزي

هي السّعد / هي الرّعد / هي البرق

والعواصف والزمهرير والصدّ

سلوا عنّي الحروب

سلوا عنّي الدّروب

سلوا المواقع والمواجع والعلياء

سلوها...

عن بطولاتي / عن فتوحاتي

عن جنوني / عن حماقاتي وفنوني

أنا السّلم زفّوني ... أنا العلم إحذروني

أنا الإعجاز والإنجاز

أنا البرّ والسّحر

أنا سرّ الخالق في خلقه المكنون".

إحياء وتأسيس مهرجان الرمى والطلبة والخيالة بصخور الرحامنة

الصورة/الذاكرة تخلد لجلسة أخوية تنبض عشقا وحُبُا، هي جلسة من جلسات التواصل التراثي، الموسيقي والغنائي في محارب الفن بمدينة خنيفرة على ضفاف واد أم الربيع، والتي مرّ عليها اليوم عقدين من الزمن.

كان الاستعداد لاستضافة وتكريم فريد الأطلس الشامخ، العالي الكعب سيدي محمد رويشة بجماعة صخور الرحامنة، ضمن فعاليات مهرجان الرمى والطلبة والخيالة، حيث كان الدكتور نور الدين الزوزي متحمسا لهذه اللحظة الاستثنائية، فتأبط آلته الوترية وسافر إلى حيث الكلمة والنغمة الطربية لتنفيذ المهمة.

سافر في مهمته الناجحة الدكتور نور الدين الزوزي متكأ على آلته الوترية، إلى حيث بياض الثلج يشع نورا فوق قمم جبال الأطلس الأبية، وحط الرحال بين أحضان شوارع وأزقة ومعالم وآثار حفدة المقاومة الذين كبدوا المستعمر الغاشم شر هزيمة، كان سفره معلوم الوجهة التي ينبض خافق الحياة فيها تقديرا للعلاقات الإنسانية الجميلة.

في محرابه الفني، فحص المبدع الكبير سي محمد رويشة آلة الطبيب الفنان الزوزي وشخص مكوناتها المادية ـ روحها الصامتة ـ وأشار بنظرة الرّضى على صناعتها الرائعة وأنامل الصانع الحرفي، فقرر صياغة وصفة علاجها في مختبر متحفه الذي ترقد فيه إلى حدود اليوم بجانب مقتنياته الفنية وآلاته الوترية وشواهده وتذكاراته الوطنية والعالمية. وهذا ما أكده لي مؤخرا وراث أسراره الفنية ابنه الواعد الفنان أحمد الله رويشة. حيث قال لي: "آلة الزوزي في متحف الراحل رحمه الله سي محمد رويشة ومدني بصورها التي أحتفظ بها ـ

في تلك اللحظة الاستثنائية، كانت النفس تميل وتشتهي درسا مشتركا في الغناء والطرب تحت سقف المبدع، فانساب النغم سيالا بين أنامل الطبيب نور الدين القادم من تخوم الرحامنة المجاهدة، والفنان المتفرد المتربع على سجادة الإبداع من أجل تخليد الممارسة الفنية بطقوس المتصوف المتعبد الزاهد.

بعد أيام قليلة من الزيارة، جاء الفنان المبدع محمد رويشة من خنيفرة، رفقة مجموعته الرائعة التي تتقدمها الفنانة العالمية لالة شريفة التي صدح صوتها بموال الجبل "تَّامَاوَيْتْ" على إيقاع الخيل والبارود، واحتضنه قلب الرحامنة كما احتضن سابقا ولاحقا ثلة من الفنانين والمفكرين والمبدعين والفرسان والضيوف. وقد خلد الراحل محمد رويشة ببصمته الفنية يومئذ أروع مقاطع أغانيه الخالدة التي صفق لها الجمهور وهتف لها الحضور، وزغردت له الرحمانيات الشامخات.

مهرجان صخور الرحامنة... تألق ونجاح واستمرارية حفظ وصون التراث

هي إطلالة سريعة على أوراق الذاكرة الرحمانية بجماعة صخور الرحامنة، التي خلد أبناءها ورجالاتها البررة، ومازالوا، أروع وأرقى مختبر لصناعة الفرح والفرجة والسعادة للعموم على مستوى مسيرة المحافظة وتثمين وتحصين التراث اللامادي والموروث الثقافي الشعبي، حيث يستعد اليوم ثلة من رجال ونساء وشباب الحقل الجمعوي حاملي المشعل بمعية شركاء تنظيم نسخة مهرجان الرمى والطلبة والخيالة خلال نهاية شهر غشت 2024. والتي ستكون لا محالة من أرقى وأجود المحطات التراثية التي سيشارك فيها فرسان وخيول الوطن من مختلف ربوع المغرب، حيث العمل المتواصل والدؤوب لخلية النحل المنتجة.

كل الدعم والمساندة لأهلنا وأحبابنا وأصدقائنا وزملاءنا بصخور الرحامنة، الذين نرفع لهم القبعة داخل الجمعية المنظمة كل واحد باسمه وصفت، فضلا عن تقديرنا لمجهودات كل مكونات الجماعة التربية صخور الرحامنة، والمؤسسات المنتخبة إقليما وجهويا، وإلى عمالة إقليم الرحامنة الداعمة للمهرجان، وكل ساكنة ربوع ترابها ومجالها الذي ينبض بالحياة والاستمرارية من أجل تحقيق الأفضل.

مهرجان سلام وتمدد آلية المحافظة وصون التراث اللامادي

تحية الشموخ لإدارة مهرجان سلام للتبوريدة والثقافة وفن العيطة والتراث اللامادي، الذي ستنطلق فعاليات نسخته الثالثة يوم الخميس فاتح غشت من السنة الجارية، حيث الارتقاء بثقافة الخيل وتثمين الثقافة الشعبية والغناء والموسيقى التقليدية والعمل المتواصل والجاد من أجل تطوير وتجويد البنية الإستقبالية وتعدد وتنوع فضاءات المهرجان في لحظة احتفاء بمنجزات الجماعة الترابية أولاد إملول بإقليم الرحامنة وشركائها محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا.

مهرجان نزالة لعظم ضمن قافلة التثمين والتحصين والمحافظة والصون

كل الامتنان والتقدير لمجهودات كل مكونات الجماعة الترابية نزالة لعظم بإقليم الرحامنة، واللجن المنظمة للمهرجان السنوي خلال شهر غشت من السنة الجارية في بعده الوطني الممتد عبر تاريخ وجغرافيا أقاليمنا الصحراوية، والتي بدورها تعمل بكد وجهد لتنفيذ برنامجها الواعد تراثيا وثقافيا وفنيا واجتماعيا.

على سبيل الختم:

في انتظار برمجة وتحديد تاريخ مهرجان "روابط" بعاصمة الرحامنة مدينة بن جرير برسم سنة 2024، .الذي أسس للدبلوماسية الثقافية والتراثية والفنية والروابط التاريخية التي تجمع بين ساكنة الرحامنة وأقاليمنا الصحراوية نشد على أيادي كل جنود الخفاء، والساهرين على برامج وفقرات النسخة المقبلة التي ستكون حصيلتها جد راقية ومتميزة.