الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

ادريس المغلشي: نحن مجرد أرقام

ادريس المغلشي: نحن مجرد أرقام ادريس المغلشي
لغة الأرقام كما يقال ناطقة لا تقبل الجدال واضحة لاتعترف بالكذب فهي نتيجة حتمية لكل أفكارنا ومشاريعنا وظل لكل  استراتيجياتنا التي قد ترهن البلد لعمر طويل .فتأثيرها في السياسة واضح والصراع حول صياغتهامحتدم قد ترتفع لتصبح مشكلا كما في العجز والبطالة وقد تصبح انجازا مبهرا نحتفل به كما في معدلات التنمية ونسب النجاح. لكن الملاحظ انها في الآونة الأخيرة أصبحت مضللة بلغة السياسي تفضح غشه وتفند حقيقتها ردود بعض المؤسسات طبقا لما يصدر مثلا عن مندوبية التخطيط أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من تقارير صادمة. للأسف لم تعد تؤثر الارقام في الفاعل السياسي فلا مؤشر التنمية يستفزه ولا معدلات التضخم. تعامله باللامبلاةوفي أحيان اخرى بالعجز تجعلنا نتخوف على مصيرنا مع التدبير الحكومي. لعل من ابرز الحالات المستفزة التي كشفت بالملموس ارتجالية التدابير في مشاريعنا الحكومية أن تصبح بعض أرقام الاحصائيات محدد أساس للمؤشر الذي قد يمنحك دعما اليوم ويسلبه منك غدا .كم هو مستفز أن نعيش لحظات مأساوية نتيجة عمليات حسابية خانتنا فيها الآلة الحاسبة وتقديراتنا العشوائية  ولم نستطع ضبط أرقام حالة اجتماعية لانصافها ونحن يا لغرابة الموقف نطلب من الآخر ضبط نفسه ..! 
 
هناك معضلة منهجية تعيشها الحكومة كونها تجلب بعض الأفكار الجيدة لتنزيلها بشكل بليد على بيئة مختلفة ومتخلفة  لاتنسجم شروطها مع تلك الآليات والمؤشرات المستوردة . وهنا تغيب لمسة الابداع عند المدبر المغربي لنجده عاجزا عن الجواب على سؤال مركزي كيف نجعل تلك المقاربة تخضع لشروط بيئة تنزيل مغربية ؟ نحتاج لوعي بالخصوصية من أجل ربح رهان معالجة وضعية مأزومة لتشكل انطلاقة حقيقية لربح مشروع مجتمعي .
 
 في وطننا العزيز نحن مجرد أرقام عن اليمين أو عن اليسار توضع لها الأصفار لايهم كيف تكتب ولاكيف تنطق المهم أنها رصيد انتخابي عند الاحتياط. تكسوه الحاجة والعوز ليبقى رهينة في أيدي سماسرة الانتخابات واعداء الديمقراطية ومدعيها . نحن بطاقات بلاهوية ولاخدمة . ضحايا تدابير عشوائية تقذفنا من ادارة إلى إدارة ومن مكتب الى مكتب وهكذا دواليك . لاندخل في اهتمامهم سوى في مشاريعهم الذاتية لتنمي ارصدتهم بالبنوك .
 
خذ كمثال الأرقام التي قدمها رئيس مجلس النواب في حملته الانتخابية وهو يدقق معنا فيها محددة بالتفصيل مامصيرها؟ هل حان الوقت لنهيء أنفسنا لنرجمه بالحجر كما جاء على لسانه .أم نتابع أرقام مباراة المحاماة والانتداب القضائي التي لم تحترم في عهد الوزير الحداثي وهبي . وأرقام أثمنة  المحروقات التي يصر تجارها على إبقائها في مستواها ضدا على إرادة المواطنين وغيرها من الأرقام التي لم تراع القدرة الشرائية في الخضر  والفواكه فاستعرت وعلا مستواها لأعلى الدرجات منسجمة مع حرارة الطقس حتى تتماهى معها لخنق المواطن . 
 
لقد نجحوا في ترويض المواطن كما فعلوا بالأرقام وجعلوها تخدم مصالح شركاتهم دون مراعاة للواقع المعيش، أصبحنا سجناء لمخططاتهم ولم نعد نسمع عن تحركات للمجتمع المدني في مواجهة هذا الغلاء وهذا العبث .انخفظت أرقام المحتجين أمام ارتفاع كل المؤشرات. وأصبحنا مجرد أرقام غير فاعلة ولا مساهمة في التغيير. أرقام  لن تقدم ولن تؤخر . نحن مجرد أرقام لا غير .