الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

إدريس الأندلسي: كل جامعات المغرب متضامنة مع فلسطين

إدريس الأندلسي: كل جامعات المغرب متضامنة مع فلسطين إدريس الأندلسي
عميد يسيء إلى تاريخ عمداء جامعاتنا.
يوجد بيننا طابور خامس وسابع يحاول سلب قيم تاريخ تضامن الشعب المغربي مع الشعب الفلسطيني. كانت الجامعات ولا زالت مصنعًا للرجال والنساء الملتزمين بقيم التضامن والحريات. سهرت الدولة عند بداية الاستقلال على أن يستمر النضال الذي اشتعلت شرارته بفعل طلابي في فرنسا وفي المغرب خلال الفترة الاستعمارية. انخرطت كل فئات الطلبة في خلق الاتحاد الوطني لطلبة المغرب منذ بداية عصر الاستقلال، وكثير منهم كانوا مؤسسين لاتحاد طلبة شمال إفريقيا وكانوا فاعلين في الحركات الوطنية، وفي تنمية روح المطالبة بالاستقلال. واستمر الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في نضاله رغم ما مسه من قمع ومنع. ولكن واقع الحال حول مواجهة هذا الاتحاد إلى صراع أيديولوجي قادته حركات إسلاموية لا يهمها التغيير بقدر ما يهمها فرض "نوع من الإيمان وتقديس بعض أئمة السلفية" الممولة بدولار البترول. حاولوا تدجين طلاب جامعاتنا ولكنهم فشلوا.
 
نعم فشلوا مثلما فشلت محاولات أخرى خلال السنين الأخيرة. نعم تراجع دور الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ولكن الحركة الطلابية نفضت عنها غبار الفرقة وحضرت في كل قضايا الوطن والأمة. وظهر خلال الأسابيع الماضية تمسك الطالب المغربي بإرثه التاريخي وذلك وسط جامعة أسست لبناء نخبة في مجال العلوم والتكنولوجيا.
 
إنها جامعة محمد السادس للعلوم والتقنيات التي يوجد مقرها في مدينة بن جرير وفرعها الكبير في تكنوبوليس القريب من سلا الجديدة. قرر طلبة هذه الجامعة تسجيل لحظة وفاء للشعب الفلسطيني. قرروا ألا يكون بين جامعتهم وبين الكيان الصهيوني أي تعاون. قرروا أن يظلوا أوفياء، ككل فئات الشعب المغربي لسلوك أجدادهم وملوكهم وعلمائهم ومقاومي الاستعمار. قرروا أن يحتفلوا بتخرجهم ونجاحهم الجامعي كما احتفل طلبة عبر العالم وخصوصًا في أمريكا وأوروبا. لكن مسيري هذه الجامعة كان لهم رأي آخر. منعوا الفرحة الممزوجة بالتضامن ضد جرائم الإبادة الجماعية الصهيونية في غزة. ولن ينجح منع حفل التخرج من التمسك بالوفاء بالقيم الإنسانية ومواجهة جرائم إسرائيل. وهذه هي الروح المغربية التي لا تقايض حماية الوحدة الترابية والوطنية للمملكة بأي تنازل عن موقف بلادنا الراسخ من القضية الفلسطينية. وليعلم هؤلاء الذين ترهبهم صور التضامن الطلابي مع شعب فلسطين أن الدولة المغربية بكل مؤسساتها تضع القضية الفلسطينية في قلب مواقفها منذ عقود وعقود. وليعلموا أن ملك البلاد يعبر بكل الأشكال السياسية والدبلوماسية والتضامنية عن موقف راسخ لدى المغاربة. وليعلم كل دعاة التطبيع أن العلاقات الدولية والدبلوماسية ليست قناعًا للتنكر للمبادئ والمواقف الراسخة.
 
وتكشفت سلوكات بعض من يحملون صفة عميد أو من كان يدعي انتماءه للصف التقدمي. في حرم جامعي يوجد في قلب حي بن مسيك الذي يوجد في قلب ذاكرة المقاومة، وقف من لا يستحق صفة الأستاذ الجامعي وصفة العميد ليسجل لحظة عار ستصاحبه إلى الأبد. يظهر الفيديو، الذي تقاسمه مئات الآلاف من المغاربة، لحظة رفض "عميد" تقديم شهادة تفوق لطالبة لمجرد أنها تحمل رمزًا فلسطينيًا يفخر المغاربة بوضعه على أكتافهم وحول رقبتهم. الكوفية الفلسطينية أغلى منك أيها الذي لا يمكن الاعتماد عليه في التحصيل العلمي والالتزام بقضايا الأمة. لا أعرفك، وهذا شرف لي، ومن جاورتهم خلال مسارك المهني يعرفون أنك كنت دائمًا ممن يسعون إلى كرسي وإلى اقتراف ما اقترفته اليوم.
 
ويجب التذكير أن الدولة المغربية لم توجه أمرًا أو رسالة لأي مسؤول ليقترف ما اقترفته. قال وزير العدل السابق مصطفى الرميد، كما قال كل مناضل مغربي من اليسار واليمين، "أنك جبان ولا تستحق العمادة ومجرد من الإنسانية". وصدر بلاغ استنكاري عن النقابة الوطنية للتعليم العالي عن سلوكك خلال حفل المدرسة العليا للتكنولوجيا والذي كنت خلاله مجرد ضيف. وقف الكل ضدك ونجح الحفل. لا أدري إن كان هذا العميد يتابع ما جرى في الولايات المتحدة الأمريكية وفي جامعاتها الكبرى من تضامن مع شعب يتعرض لأبشع الجرائم الصهيونية. لو كنت تسعى للنجاة من ورطة أو سعيًا للحصول على منصب أو الاستمرار في طلب ود جهة ما، خارجية، فقد افتضح أمرك. ووجب الدعاء أن يحمي جامعاتنا من التطبيع وجسم الأساتذة الجامعيين من المهرولين المتنكرين لمواقف سابقة كانت مجرد بحث عن تبرير سلوك وصولي.