رغم أني لا أعرف اللاعب الدولي المغربي "زكريا أبوخلال" معرفة شخصية، بحكم أني لم يسبق لي أن التقيته أو صادفته في مقهى أو مكتبة أو في جنازة أو في عرس أو في فضاء عام، إلا أن "بركته" و"سمعته" و"مكارمه"، جعلتني اليوم أربح تخفيضا بنسبة 50% عن مشترياتي لتذكارات رياضية من محل بيع الألبسة الرياضية التابع لفريق TFC الموجود أسفل مدرجات ملعب مدينة Toulouse الفرنسية.
اليوم كنت الزبون رقم 33 الذي تبضع من محل فريق " تولوز لكرة القدم". فبناء على طلب صديق"كازاوي"، رغب في أن أقتني قميص وقبعة ناديTFC لابنه اليافع، توجهت إلى جزيرة Ramier قرب نهر La Garonne حيث يوجد الملعب، وما أن عرفني مستخدمو المحل أني مغربي، حتى ابتهجوا بالنظر إلى المكانة والتقدير الذي يحظى به اللاعب "زكريا بوخلال"، ليس في صفوف أنصار الفريق فحسب، بل بمدينة تولوز، وهي المكانة التي ذكرتني بتلك التي كان يحظى بها مارادونا في صفوف ساكنة نابولي ككل وليس فقط نادي نابولي.
الدليل على ذلك أن "زكريا أبو خلال"، هو أحسن لاعب دولي يصرف له نادي تولوز لكرة القدم الأجر الأعلى، مقارنة مع باقي اللاعبين. إذ يتقاضى أبوخلال مامجموعه 90.000 أورو شهريا، وهو أجر لا يتقاضاه أي لاعب آخر بالفريق.
كوني الزبون رقم 33، لا يعني أن رقم معاملات البيع لمحل الألبسة الرياضية لنادي تولوز في هذا اليوم كانت هي الأعلى أو الأكثر انخفاضا. فمدخول بيع الأقمصة والقبعات ورايات الفريق والكرات والأحذية وبعض التذكارات( أقلام، كؤوس، حامل مفاتيح، إلخ...) في العام يقارب 700.000 أورو ، أي ما يمثل 1،4% من مجموع مداخيل فريق Toulouse Football Club، التي تصل إلى حوالي 50 مليون أورو في السنة. وبالتالي قد يحدث أن يحقق المحل مبيعات تصل إلى 3300 أورو في اليوم ، كما قد يحدث أن يحقق مبيعات تتجاوز 12.000 أورو في اليوم، حسب نوعية الزبناء وحجم ما اشتروه.
لو قارنا مبلغ مبيعات المحل (700.000 أورو) بميزانية فريق مدينة تولوز، فهو مجرد "خضرة فوق الطعام"، لأن رهان نادي مدينة تولوز ( TFC) أقوى وأكبر. ففي ماي 2024 فجر Damien Comlli، رئيس فريق تولوز لكرة القدم، قنبلة هزت الوسط الرياضي والإعلامي والسياسي بعاصمة La Garonne، عبر مطالبته باقتناء الملعب من جماعة تولوز (Métropole Toulouse)، ليصبح ملكية خالصة للنادي.
الرئيس Damien Comolli، لم يستسغ أن يبقى النادي رهينة بيد منتخبي تولوز، الذين طوقوا النادي بعقد مجحف لاستغلال الملعب وفق مقتضيات قانون الاحتلال المؤقت، مقابل قيمة كرائية يسددها النادي للمدينة كل عام بقبمة 1،6 مليون أورو ( قبل يناير 2020، كانت السومة الكرائية هي 200.000 أورو في العام، منها 9800 أورو عن كل مباراة، والباقي مقابل استغلال النادي لمرافق الملعب للتداريب ولأكاديمية التكوين، إلخ... ).
الرئيس Comolli استند على ثلاث ركائز في مرافعته لتملك ملعب تولوز:
أولا: طاقته المقزمة من 36.000 مقعد إلى 33.000 مقعد لاحتضان ألعاب أوربا عام 2016 أخلت بالمداخيل. إذ لاحترام مواصفات الاتحاد الأوربي تم إنفاق 41 مليون أورو، لهدم أجنحة لتخفيض عدد المقاعد بالملعب.
ثانيا: أن فريق تولوز للريكبي (وهو أشهر نادي بأوربا) يستغل الملعب في البطولات الأوربية والدولية بحكم أن ملعب الريكبي لنادي تولوز( يوجد قرب المطار ويسمى ملعب Ernest Wallon)، صغير، ولا يستوعب سوى 18.000 متفرج، وهذه الوضعية تحرم فريق TFC من مجموعة من الامتيازات.
ثالثا: تقارير قضاة مجلس الحسابات بفرنسا تصب كلها ( منذ 2013) في اتجاه دعوة المنتخبين( وبالتالي المجالس الترابية بالمدن والجهات وكذا حكومة باريس)، للتخلي والتوقف نهائيا عن تمويل بناء الملاعب الكبرى وصيانتها بالمدن الفرنسية، لما يشكله ذلك من إهدار لموارد الشعب الفرنسي، في الوقت الذي يتعين على الأندية الرياضية أن تتحمل كلفة بناء ملاعبها وصيانتها، لأنها أصبحت شركات ولديها مستشهرون ومحتضنون ومداخيل الاشتراك والمباريات، فضلا عن تسخير الملعب للتظاهرات الفنية والغنائية، إلخ...
تقارير قضاة فرنسا، استلهمت النموذج الأمريكي والبريطاني والألماني الذي لا تتدخل فيه بلديات المدن في بناء ملاعب الفرق والأندية. إذ تبقى فرنسا استثناء في المنظومة الأوربية في هذا المجال. فمن أصل 320.000 مرفق رياضي بفرنسا( ملعب، مسبح، فروسية، رماية، ملاكمة، مسايفة، تجديف، إلخ...)، هناك 86% منها مملوكة للقطاع العام( جماعات أو وزارات أو مجموعة الجماعات)، مما يرهق الميزانيات المحلية في الصيانة والتتبع، خاصة وأن معظم هذه المرافق الرياضية تعاني( حسب قضاة المجلس الأعلى للحسابات) من الشيخوخة، لكونها تتجاوز 40 سنة( مثلا ملعب TFC بتولوز بني عام 1937 ورمم عام 2016 لاحتضان البطولة الأوربية).
الزميل عبد الرحيم أريري
في انتظار أن يخسر أو يربح Comolli، رهانه ضد مدينة تولوز لتملك ملعب TFC قصد رفع طاقته إلى 66 ألف مقعد، شكرت مستخدمي نادي تولوز بمحل البيع، على نبل مبادرتهم ورفعت أكف الضراعة لله عز وجل ليخرج لنا من أرحام المغربيات بديار المهجر مئات، بل والآلاف من أمثال زكريا أبوخلال.