الخميس 4 يوليو 2024
منبر أنفاس

مهداوي يونس: التطبيل للوهم.. وتدنيس الحقائق

مهداوي يونس: التطبيل للوهم.. وتدنيس الحقائق مهداوي يونس
لقد طفح الكيل ووصل السيل الزبى، في زمن طغى فيه المطبلون والمطبلات على مواقع التواصل الإجتماعي، في هذا المقال سأدون بأسلوب مختلف، وقاس لكشف الصورة الحقيقية للمدنسين،  والمطبعين مع الجهل الخرافي والأمية المتضخمة،  وناشري التفوق  الوهمي للحكومة؛  وأوضح بشكل نهائي أن  المغرب من أسوء الدول للعيش بالنسبة للمواطن العادي بالأدلة الصادمة، والتي يخفونها عنكم، رغم كل ما تسمعه من نفخ وكذب في التفوقات الوهمية  إلا أن وضع المواطن المغربي يندى  له الجبين، ففي هذه التدوينة ستقرأ عن أرقام جد صادمة يتجاهلها المطبلون و" لحاسين الكابا"  عن قصد، لأنها معلومات تهم وضعية المواطن المغربي في حياته وجيبه لهذا  يعملون جاهدين لإقناعك أنك تعيش في رغد وجنة كي لا تتساءل ،أين هي الثروة  وعن دور الحكومة؟. سأرفع شعار التحدي  ضد كل مطبل أن يذكر ما ستقرأونه في هذا المقال أو يجيب عن هذا المقال، فكلما تكلمنا باحترام وغيرة  زاد المطبلون من تطبيلهم للحكومة وتناسلوا وتكاثروا كما تتكاثر الجراثيم و الطفيليات.

 لماذا الصحافة الصفراء لا تهتم بأهم مؤشر والذي يهم المواطن المغربي العادي إبتداء ممن يتقاضون أجرا شهريا لا يتجاوز 5000 درها مرورا إلى من لا يتقاضون درهما واحدا. هذه المواضيع لا ترغب الصحافة الصفراء التطرق إليها مكتفية بعرض صور وردية  مستفزة تخفي واقعا مخيفا وراءها يجعل حياة المواطن في مهب الريح.
 
هناك منظمة تابعة للأمم المتحدة إسمها المنتدى الإقتصادي العالمي، هذه المنظمة تصدر عدة مؤشرات ، على سبيل المثال " مؤشر تنافسية الإقتصاد  والتي منحت المغرب المرتبة 8 عربيا و 3 إفريقيا و 75 عالميا ، مراتب جيدة أفضل من تونس والجزائر مما يدل على أن هذه المنظمة ليست ضد المغرب مما دفع المطبلون إلى مطالبة المنتقدين بالسكوت ششششش، لكن نفس المنظمة تصدر مؤشرا أخر لكن الحديث عنه محرم  وهو مؤشر التنمية البشرية،  الذي يرصد ويتتبع وضعية الإنسان في أي دولة بالعالم، وقد تكون دولة غنية وقوية إقتصاديا لكن المواطن فيها مغيب و مهمش. مرتبة المغرب في هذا المؤشر جد كارثية رغم أنه يزخر بثروات مهة إلى أنها لم تشفع له إحتلال مراتب متقدمة بسبب سياسة تنموية فاشلة كلفت ميزانية الدولة الملايير ترجمت في الأخير إلى  المرتبة 120 عالميا من بين 180 دولة  خلف العراق وفلسطين والجزائر  ومصر  ولبنان  وتونس وليبيا ... هذا التصنيف يتكون من أمد الحياة الذي  يعكس الحالة الصحية للسكان في كل أرجاء البلد. السؤال ؛ لماذا المواطن يقضي نحبه عن عمر لا يناهز 70 بينما في دول أخرى يلفظ المواطن أنفاسه الأخيرة عن عمر يناهز  80 سنة ؟ والعمر الجيد الذي تضعه المنظمة هو 85 سنة.
 
- أمد الحياة في المغرب هو 75 سنة كمعدل ؛ 77 سنة بالنسبة للمدن أما بالنسبة للقرى هو 73 سنة؛ السؤال هنا، لماذا  المغاربة يفارقون الحياة قبل 10سنوات عن العمر الذي تضعه المنظمة، أي أن المواطن المغربي يفارق الحياة عن سن مبكرة نسبيا، الجواب و بكل بساطة  هو قطاع الصحة، لأن معدل الأطباء لكل 10 آلاف مواطن هو 6.2 مقابل 12 في الجزائر وتونس و37 في إسبانيا، أي أن دول الجوار كالجزائر وتونس تفوق المغرب بضعفين وإسبانيا بخمسة أضعاف،  هنا تظهر الأرقام على أن لكل 1600 مواطن مغربي طبيب واحد،  وهذا هو ما يفسر الإزدحام الذي تشهده المستشفيات والمواعيد التي تفوق أحيانا أكثر من 6 أشهر  و سنة كاملة ...إلخ ،  قس على ذلك غلاء الدواء  بسبب مافيا الأدوية  والتي لا يجد لها المواطن سبيلا حتى أصبحوا يتسولون تكلفة الدواء في المواقع التواصلية وأمام المساجد والمقاهي...  وهذا من أهم الأسباب التي تجعل المواطن يموت على الفراش ببطىء.
 
-العنصر الثاني  الذي يتكون منه مؤشر التنمية البشرية هو الدخل الفردي، فعلى سبيل المثال هناك دول تصل الضريبة فيها على الدخل إلى 40 % لكن تكلفة العلاج فيها بالمجان  ومستشفيات كفنادق خمس نجوم ...قس على ذلك مجانية التعليم و التي هي أفضل حالا من التعليم الخصوصي. بينما في المغرب تدفع  35 % كضريبة على الدخل ولا وجود لمستشفى مجاني؛ حتى وإن وجد؛  تجد جودة  الخدمات فيه لا تليق بالكرامة الأدمية بالرغم من الإقتطاعات ... أما بالنسبة للتعليم العمومي  فأغلب الأسر أصبحت تخاف على أبنائها من التعليم المجاني على وزن بغريرة و الحريرة... السؤال لماذا المواطن ملزم بالدفع رغم أنه يدفع في الأصل؟ ولماذا لا تقدم الدولة خدمات رغم الأقتطاعات؟  وماذا عن الحد الأدنى للأجور الذي لا يتجاوز 290 دولارا ؟ أي 2900 درهم، و وجود مقاولات للبناء و شركات النسيج التي لا تصرح بعمالها أصلا، أما بخصوص القطاع فلاحي  فيصل الحد الأدنى للأجور ل 1800 درهم  و البطالة التي وصلت إلى12% حسب  الأرقام الرسمية الصادرة عن مؤسسة الدولة . بحضور كل هذه الأرقام نقول أن زمن العبودية يواصل المسير؛ لأن المفهوم الحقيقي للعبودية هو أن تبقى على قيد الحياة و تعمل لتوفر لنفسك الأكل والمبيت، فالحد الأدنى للأجور بالمغرب يشبه العبودية تماما ؛ لأنك بذلك لن تستطيع تكوين أسرة ولا العيش في الرفاه؛ قس على ذلك السيبة الحاصلة بسبب المعيشة المكلفة والتي تنتهي بسرقة جيب المواطن.
 
- العنصر الثالث والذي يتكون منه مؤشر التنمية البشرية هو التعليم، إنتشار الأمية بين الكبار ونسبة الإلتحاق بالمدارس بين الصغار وجودة التعليم ... إلخ ؛ بالمغرب تصل نسبة الأمية بين القراءة والكتابة  بين كبار السن إلى 32% أما بالنسبة للصغار  وهم مستقبل المغرب ففي كل سنة يصل 334 ألف طفل ينقطعون عن الدراسة و أغلبهم فتيات ، هنا مسؤولية الدولة أن تفتح تحقيق عن الأسباب التي تدفع الأطفال عن مغادرة المدارس في سن مبكرة ؛ مع فرض سياسة إجبارية التعليم وتوفير كل الإمكانيات لأجل ذلك لأن الشعب الغير متعلم فهو ميت.
 
في الختام ؛ أذكر الحكومة أنه أكثر من 20 سنة وسياسة إهمال الكائن البشري في المغرب مستمرة، أليست الأولوية لهذا الشعب المطحون؟ أم الأولوية للبنية التحتية والأقتصاد وللإستثمار وللرأس مالية المتوحشة؛ لكل شيء أولويته  غير المواطن المغربي والنتيجة تأتي عكس المتوقع دول مفلسة وأخرى تعيش على واقع الحروب أفضل منا حالا  بكثير في مؤشر التنمية البشرية، والنتيجة  أرض غنية وشعب فقير، هذه هي الجريمة التي يرتكبها المطبلون للحكومة تاركين المغرب يغرق في الرتية 120 من مؤشر التنمية البشرية  و101 في مؤشر  جودة التعليم ،  وأختتم هذا المقال بالمقولة الشهيرة  لتشرشل  " أعطيني شعبا واعيا،  أعطيك دولة عظمى".