تابعت جريدة "أنفاس بريس" الحلقة الأخيرة من برنامج "مدارات"، الذي يعده ويقدمه الكاتب الإعلامي عبد الإله التهاني، والتي خصصها للمؤرخ والفقيه والأديب محمد أكنسوس، واصفا إياه بأنه من أعلام النخبة المغربية، التي كان لها أثر في مغرب القرن التاسع عشر، سواء على المستوى العلمي أو في دواليب الدولة، معتبرا أن نجمه سطع في عهد السلطان العلوي المولى سليمان.
وأضاف بأن أكنسوس "لم يكن مؤرخا وشاعرا، وواحدا من كبار خدام الدولة وحسب، بل إنه كان عالما موسوعيا كبيرا في مغرب القرن التاسع عشر، إذ تعدّدت مواهبه، وتنوّعت ملكاته، وتشعّبت معارفه .
■ أكنسوس : بحر العلوم :
وأبرز نفس المتحدث بأن المصادر التي تعرضت لشخصية هذا العالم المؤرخ ، تجمع على أنه كان فقيها متضلّعا في علم التفسير والحديث، متبحّرا في أصول الفقه ،وفي الأدب واللغة والنحو والبلاغة.
كما ذكر أنه كان مهتما بالعلوم الروحانية، ملما بعلم الفلك والكيمياء والتوقيت، وذا خبرة في الهندسة ، وفي أحوال المناخ والزراعة .
واستحضر الكاتب الإعلامي عبد الإله التهاني، وصف المؤرخ علي بن محمد السوسي السملالي للمؤرخ أكنسوس، حين نعته
بأنه كان "أديب الزمان، وأعجوبة الأوان"، إضافة إلى ماقاله عنه المؤرخ العباس بن إبراهيم التعارجي ، حين وصفه بأنه
" تفرد بالأدب، وأنه لا يشق في ذلك غباره، ولا يبارى فيه مضماره، وبأن شعره أربى على أدب الفقهاء".
وقدم معد ومقدم البرنامج الإذاعي، ملامح من سيرة أكنسوس ، مشيرا أنه ازداد
سنة 1796، بإحدى قبائل منطقة سوس، وتوفي في مراكش سنة 1877، مضيفا بأنه بعد فترة تعليمه الأولي، هاجر إلى فاس لأجل التحصيل العمي عام 1229 هجرية.
وذكر أن شيوخه هناك في تلك الوقت ، كانوا من كبار علماء جامعة القرويين بفاس ، كأحمد التاودي بن سودة، وعبد السلام الأزمي، ثم محمد بن عمر التادلي، وعبد القادر الكوهن، و حمدون بلحاج.
وأوضح أنه خلال حلقات الدراسة بحاضرة فاس ، سيلتقي أكنسوس بصفيّه وصديقه محمد بن إدريس العمراوي، الذي سيصبح شاعرا كبيرا، ووزيرا في دولة السلطان العلوي المولى عبد الرحمن بن هشام، وأن صداقة طويلة ستجمع بين الرجلين ، إضافة إلى تجربة مشتركة من العمل في دواليب الدولة.
■ أكنسوس ، قريبا من السلطان المولى سليمان :
وفي سياق متصل، يستطرد معد ومقدم البرنامج في حديثه قائلا بأن المؤرخ محمد أكنسوس، أدرك مجدا كبيرا في عهد السلطان العلوي مولاي سليمان، الذي كان يكبر فيه علمه واستقامته وإخلاصه ، مسجلا أنه كان معجبا بأسلوبه في الكتابة، ولذلك ألحقه في بادئ الأمر بديوان كتبته، وخصه بعناية مميزة، وقرب خاص، قبل أن يضعه في مرتبة وزير من وزرائه .
وأضاف عبدالإله التهاني مبرزا، أن "اطمئنان هذا السلطان مولاي سليمان لكفاءة أكنسوس وإخلاصه، دفعه إلى تكليفه بالعديد من المهام، ذات الطبيعة الحساسة، حيث أرسله السلطان مولاي سليمان ، مبعوثا خاصا منه عدة مرات، إلى مناطق مختلفة من البلاد، في مهام لها علاقة بتهدئة بعض الفتن والتوترات والاضطرابات، التي كانت قد حدثت في أقاليم معينة ، فكان أكنسوس موفقا في كل ما كلف به، مما كان يثير حفيظة منافسيه وحساده من الطامعين في احتلال مكانته لدى السلطان".
وعن منافسي المؤرخ أكنسوس بالدائرة السلطانية، أوضح الإعلامي عبد الإله التهاني في حديثه، بأنه "لما انتهى عهد السلطان المولى سليمان، وبويع ابن أخيه المولى عبد الرحمن ابن هشام، تصيد منافسو المؤرخ الفقيه أكنسوس الفرصة، وأوقعوا بينه وبين السلطان، وانتهى الأمر بعد اختلال الثقة إلى أن يغادر أكنسوس مهامه بفاس، ويعتزل السياسة ويعود إلى مراكش، متفرغا للتأليف والتدوين، ويصبح زاهدا متصوفا على الطريقة التيجانية".
■ نكبة الخروج من الخدمة المخزنية :
واستشهد التهاني في هذا السياق ، بالوصف الذي كتبه المؤرخ محمد أكنسوس، عن الأيام الأخيرة من عمله في خدمة السلطان العلوي المولى عبد الرحمن ابن هشام، حيث كتاب يقول :
"دخلت إليه وهو في قبته السلطانية، وجلست بين يديه نحو ساعتين، فلما خرجت وجدت الأحوال التي كنت أعرفها قد تبدلت ، والأقوام قد تنكرت، وكان دخولي على السلطان وفرحه بي، قذى في عيونهم، وشجى في حلوقهم وصدورهم".
ويستطرد أكنسوس ،واصفا تلك الأجواء المندرة بسوء المنقلب فيقول: "فلما قام السلطان لصلاة العشاء، خرجت معه، فازداد القوم عليّ حقدا وحسدا" قبل إلى القول :
"فلما خلوت مع نفسي، ظهر لي أنه لا يمكنني معاشرة هذه الدائرة ، المتواطئة على بغضي وعداوتي".
واعتبر معد ومقدم برنامج "مدارات " ، بأن هذا الوصف من المؤرخ أكنسوس ، "سيكون تمهيدا لنهاية مرحلة من حياته ، كعالم ورجل دولة، وإعلانا عن مرحلة أخرى ، فَقَدَ فيها شرف ومجد الخدمة لدى السلطان المولى عبد الرحمن ابن هشام، فخرج من فاس عائدا إلى مراكش" ، وأنه حدث بعد فترة من ذلك أن التقى السلطان عبد الرحمن ابن هشام بالمؤرخ أكنسوس ، خلال زيارة له إلى مراكش ، ولاحظ أنه أصبح على حال آخر، مختلف تماما بسبب انقطاعه للتصوف والعلم.
وأضاف عبدالإله التهاني ، بأنه من باب إشفاق السلطان المولى عبد الرحمن عليه، عرض عليه بعض المهام، قبل منها أكنسوس من باب التأدب مع السلطان ، مهمة الإفتاء وتدريس أبناء بعض الأمراء، فتم ذلك على هذا النحو. لكن أكنسوس سيظل بعيدا عن الدائرة الضيقة للسلطان المولى عبد الرحمن.
■ شعرة معاوية والعودة المحدودة :
بالرغم عن كل ما حصل للمؤرخ أكنسوس، من نكبة الخروج من الخدمة المخزنية، والقرب من السلطان المولى عبد الرحمن بن هشام ، يشير صاحب برنامج "مدارات " ، إلى أننا سنجد لاكنسوس دورا مهما خلال فترة لاحقة ، حيث كان هو من كتب وثيقة بيعة أهل مراكش للسلطان محمد بن عبد الرحمن، والذي كان قد استجاب لمناشدة أكنسوس له بالتخفيف عليه من حالة العسر والحاجة ، التي وجد نفسه فيها".
ولم يفت صاحب" مدارات"، أن يستشهد بما أورد المؤرخ مولاي عبد الرحمن ابن زيدان في كتابه "النهضة العلمية على عهد الدولة العلوية"، الذي أدرج في كتابه هذا ، أربع رسائل من السلطان محمد ابن عبد الرحمن إلى ابنه المولى الحسن ، الذي كان وقتها خليفة له على مراكش، إحداها مؤرخة في العام 1282 هجرية، جاء فيها: "ولدنا الأبر الأرضى سيدي حسن. أصلحك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته. وبعد، فقد أذنا لمحبنا الفقيه السيد محمد أكنسوس في الفتوى والحضور ، في مجلس الشورى مع القضاة والفقهاء المعينين لذلك، لما نعلم فيه من الخير والدين والعلم، والتحرّي في الأمور. فأمر القضاة أن يكونوا يحضرونه في كل مجلس عقدوه لذلك ، من غير إلزام عليه في ذلك ولا تكليف، بحيث إن تعذر عليه الحضور، فليقبلوا عذره في التأخر. والسلام."
أما الرسالة الثانية من السلطان محمد ابن عبد الرحمن ، إلى ابنه الحسن وخليفته على مراكش فقد جاء فيها ما يلي: "ولدنا الأبر الأرضى سيدي حسن، أصلحك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد،
فقد وصلنا كتابك ، وعلمنا منه توصل الفقيه السيد محمد الكنسوسي بما أنعمنا عليه من الدراهم والكسوة، وبالمنعم به على مخرجي مبيضة تأليفه وناسخه، ليتولى تفريق ذلك عليهم على يده باجتهاده ،كما أمرنا.
أصلحك الله ورضي عنك والسلام". التاريخ 1283 هجرية.
وفي السياق نفسه ، أشار الأستاذ عبدالإله التهاني إلى رسالة ثالثة ، أوردها مولاي عبد الرحمن ابن زيدان في كتابه "النهضة العلمية على عهد الدولة العلوية"، وهي رسالة موجهة أيضا من السلطان محمد ابن عبد الرحمن أيضا إلى ابنه الحسن، خليفته في مراكش، يقول فيها:
"ولدنا الأبر الأرضى، سيدي حسن. أصلحك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته .
وبعد، فآمر بجعل الفقيه السيد محمد الكنسوسي ، مع العدول الذين مع مقدمي الولي الأكبر سيدي أبي العباس السبتي ،أدام الله النفع به، على أن يقبض مثلما يقبض أحد العدول المذكورين. والسلام" صح من أصله، بتاريخ 1286 هجرية.
ويشير صاحب التهاني إلى بقاء هذه الحال كذلك إلى عهد السلطان المولى الحسن الأول، حيث استمر على نهج والده، بحيث كان يخصص إكراميات نقدية للمؤرخ أكنسوس،، تقديرا واحتسابا لما قدمه في السابق من خدمات للدولة العلوية، وبُرُورا أيضا بشيخوخته ومراعاة لمرضه.
وأضاف بأن السلطان الحسن الأول، وجبرا لخاطر أكنسوس، أمر بتعيين ابنه الفقيه عبد الله ضمن كتابه.
■ مؤلفات محمد أكنسوس :
وعن مؤلفاته ، ذكر معد ومقدم برنامج "مدارات" ، بأن الفقيه المؤرخ محمد أكنسوس، كتب عدة مؤلفات، منها كتاب "الجيش العرمرم الخماسي في دولة أولاد مولانا علي السجلماسي"، وهو أشهر كتبه، ثم كتاب "الجواب المسكت في الرد على من تكلم في طريقة الإمام التيجاني بلا تثبت" ، وقد طبع هذا الكتاب عام 1913، بعد أن ظل في عداد المخطوط ، مشيرا إلى أن أكنسوسةرد في هذا الكتاب
على أبي العباس سيدي أحمد البكاي ، ابن الشيخ محمد بن الشيخ المختار ، والذي كان قد نزع عن المؤرخ أكنسوس صفة التصوف، أو الإنتساب إلى أهل الزهد. كما رد عليه في انتقاده للطريقة التيجانية ، وما نسب إليها دون سند أو تثبت.
ومن كتب أكنسوس الأخرى ،أشار عبدالإله التهاني إلى كتاب "المقامة الكنسوسية"، و كتاب "الأجوبة التونسية" ، وكتاب "خمائل الورد والنسرين" ، ثم كتاب "البديع في علم التعديل" ، إضافة إلى كتاب آخر هو عبارة عن "تأليف في علم الكيمياء"، وكذا تحقيقه كتاب "القاموس المحيط" للفيروز أبادي".
كما أشار إلى أن أكنسوس ترك ديوانا شعريا، جمع فيه قصائده التي قالها في مختلف الموضوعات والمناسبات، وأنه رتبه على حروف المعجم.
وأضاف التهاني إلى هذه القائمة من مؤلفات المؤرخ الفقيه محمد أكنسوس، كتابه الذي سماه "الحلل الزنجفورية في أجوبة الأسئلة الطيفورية" ( الزّنجفور هو معدن نفيس يقترب من الماس ) ، مبرزا أن هذا الكتاب هو عبارة عن رسالة طويلة ، رد فيها على أسئلة من الفقيه الحسن ابن طيفور السَّمُوكْنِي، الذي كان قد اطلع على كتاب "جواهر المعاني في مناقب الشيخ أبي العباس التيجاني"، وطلب من أكنسوس إفادته بخصوص عدة أمور وردت في هذا الكتاب ، لم يستوعبها الفقيه الحسن ابن طيفور السموكني على الوجه الأمثل، لأن فيها قضايا استشكلت عليه.
■ كتاب أكنسوس الأكثر شهرة :
وفي ذات السياق ، أكد الإعلامي عبد الإله التهاني بأن شهرة المؤرخ محمد أكنسوس، كانت بفضل كتابه الضخم المسمى "الجيش العرمرم الخماسي في دولة أولاد مولانا علي السجلماسي" ، وهو كتاب قال عنه بأنه طبع أول مرة بفاس طبعة حجرية عام 1918، بعد
أن بقي كتابا مخطوطا، ثم صدرت طبعة جديدة منه في جزأين سنة 1994، بتحقيق حفيده أحمد ابن يوسف الكنسوسي.
وأضاف التهاني بأنه على الرغم من أن أكنسوس خصص في هذا الكتاب ، صفحات غير قليلة لفترة الخلفاء الراشدين ، ثم للأمويين والعباسيين في المشرق العربي، قبل أن ينتقل إلى استعراض لمحات عن الأسر التي حكمت المغرب، بدءا بالأدارسة مرورا بالمرابطين والموحدين والمرينيين والسعديين، إلا أنه في كتابه هذا ، أفرد الحيز الأكبر والأوسع للسلاطين العلويين.
وشدد في نفس السياق ، أن المؤرخ أكنسوس قد ألف كتابه هذا، نزولا عند رغبة السلطان العلوي محمد ابن عبد الرحمن، مشيرا إلى أن القيمة الحقيقية للكتاب، هي أنه وثق للمرحلة التي عاشها أكنسوس بنفسه ، وهي مرحلة المولى سليمان ، والمولى عبد الرحمن ابن هشام ، وابنه المولى محمد بن عبد الرحمن، وأن الدارسين يعتبروت من هذه الزاوية ، أن أكنسوس هو أول
من أرخ لهؤلاء السلاطين العلويين.
أما من ناحية تصميم وتبويب، كتاب " الجيش العرمرم "، فقد أوضح عبدالإله التهاني بأن المؤرخ أكنسوس بنى كتابه هذا ، على شاكلة التعبئة الخماسية للجيش في تاريخ الإسلام ، والقائمة على المقدمة والميمنة والميسرة والقلب والسّاقة.
■ مصادر أكنسوس وأسلوبه في التدوين:
أما من حيث مصادره الأساسية لإغناء محتوى الكتاب، فواضح أنه استلهم أخبار عدد كبير من السلاطين ، من كتاب "نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي" ، لمؤلفه المؤرخ محمد الصغير الإفراني المتوفى عام 1764، وكذا من كتاب "البستان الظريف في دولة أولاد مولانا علي الشريف" ، لمؤلفه المؤرخ أبي القاسم الزياني المتوفى سنة 1833.
ويرى نفس المتحدث أنه على الرغم من فارق السن بينهما ، إلا أن مكانة المؤرخ محمد أكنسوس ترقى إلى منزلة المؤرخ أبي القاسم الزياني ، صاحب كتاب "الترجمان الكبرى" ، وكتاب "البستان الظريف في دولة أولاد مولانا علي الشريف"، مضيفا أنه من المعروف أن أكنسوس كان يتردد على المؤرخ أبى القاسم الزياني، ويستفيد من علمه ، ويجالسه صحبة صديقه الفقيه الشاعر محمد بن إدريس العمراوي، بل إنهما كانا يساعدانه معا، في ترتيب بعض محرراته وتقييداته التاريخية ، لاسيما بعد تقدمه في السن،وفق ما ورد عند بعض الباحثين المغاربة الذين اهتموا بسيرة أكنسوس وبغيره من مؤرخي جيله.
بيد أن محمد أكنسوس ، وفق ما أورده صاحب برنامج "مدارات"، سيتميز على أبي القاسم الزياني ، بأسلوبه الدقيق في سرد الوقائع التاريخية وبخلفيته الأدبية، التي طبعت بلاغته اللغوية ، وجعلت منه كاتبا بارعا في التصرف باللغة وملاطفتها، فكان أسلوبه لا يضاهى، بل يكاد يرقى إلى مرتبة الشعر.
وعن أسلوب التأليف عند أكنسوس ، أكد المتحدث ذاته ، أن أكنسوس في كتابه "الجيش العرمرم الخماسي في دولة مولانا علي السجلماسي"، لجأ إلى سرد الأحداث والوقائع بحسب توالي السنوات، وأنه في هذا
السياق كان يسرد كل الفتن والاضطرابات والتوترات التي عرفتها البلاد، وكذا الحملات السلطانية لإنهائها وإقامة الأمن. كما يعرض للوظائف المخزنية وقتئذ، ولخطط المدن ومظاهرها العمرانية.
وفي سياق متصل ، أشار التهاني إلى أن هذا الكتاب ، لم يكن ليمر دون أن يخلق ردودا من عدد من مؤرخي وفقهاء ومثقفي تلك الفترة ، حيث كان بعضها عنيفا ، في شأن عدد من القضايا تناولها المؤرخ أكنسوس ، ولم تلق قبولا منهم، ويتعلق الأمر على الخصوص، وفق ما أشار إليه صاحب البرنامج، بالردود التي كتبها كل من علي بن محمد السوسي السملالي، ومحمد بن إبراهيم السباعي، ومحمد المهدي بن سودة، وعلي بن الطاهر الوتري، وسيدي أحمد البكاي.
■ أكنسوس ورغبة السلطان :
وتحدث التهاني عن أسباب تأليف المؤرخ والفقيه محمد أكنسوس ، كتابه "الجيش العرمرم الخماسي في دولة مولانا علي السجلماسي"، موردا مقتطفات مما أثبته هذا المؤرخ بنفسه : حين كتب يقول : "هذا وإن مولانا المنصور محمد ( يقصد السلطان العلوي محمد بن عبد الرحمن ) أمرنا بتأليف كتاب يكون في وجه الزمان غرّة، ولأعين الناظرين قرّة، يجمع أخبار هذه الدولة المباركة الشريفة الحسنية، ذات المناقب الباهرة، والمحسان السنيّة"..
وعن طريقة التأليف، أورد التهاني ما قاله المؤرخ أكنسوس عن منهجيته في إعداد كتابه هذا ، حين قال بنفسه : "رتّبت هذا الكتاب ترتيبا عجيبا، مشتملا على مقدمة، وجناحين، وقلب وساقة، فكان كالجيش المنصور ، الذي تولى الفتح المبين تعبئته واتساقه ، فأوجب الحال أن يسمى "الجيش العرمرم الخماسي في دولة أولاد مولانا علي السجلماسي".
وخلص معد ومقدم برنامج "مدارات " ، إلى أن الهاجس الأساسي لأكنسوس في مؤلفه التاريخي الضخم هذا، كان بالدرجة الاولى، هو التعريف بتاريخ الدولة العلوية، حيث فصل في الحديث عن عهد كل سلطان من سلاطينها، بحسب ترتيبهم الزمني. أما من حيث الرموز التي استعملها في كتابه، فإنه رمز للدولة بلفظة اللواء، ورمز للسلطان بلفظة الراية، وأن الكتاب يستعرض سيرة السلاطين، إضافة إلى اشتماله على ما يمكن تصنيفه ضمن أدب السياسة.
■ أكنسوس شاعرا :
وختم الزميل الإعلامي عبدالإله التهاني حديثه ، بالتوقف عند شخصية أكنسوس كشاعر ، معتبرا أنه كان شاعرا جيدا ومجيدا، حيث كتب قصائده في موضوعات متنوعة ومناسبات شتى، مشيرا إلى المصادر التي وردت فيها قصائده، ومنها كتاب " فواصل الجمان في أنباء وزراء وكتاب الزمان " ، لمؤلفه محمد غريط.
وفي هذا الصدد قرأ معد ومقدم البرنامج الإذاعي" مدارات"، منتخبات من أشعار أكنسوس ، الدينية والوجدانية والمدحية.