كأنه مشهد من فيلم سينمائي: ديكور جميل أمام واجهة محطة القطار الدارالبيضاء الميناء، اختفاء أطلال البنايات التي هدمتها الجرافات، سيقان خضراء من العشب تسحر الناظرين، إسمنت نظيف، بناية عالية من زجاج، اختفاء عائلة من القطط كانت تستقبل المسافرين عند باب المحطة بالمواء. كأن كل العوالم المحيطة بمحطة القطار تغيرت من البشاعة إلى الجمال بعصا ساحر.
هذه المشاهد "السينمائية" تتكرر في كل منطقة يقرر الملك زيارتها، فترتفع درجة اليقظة، ويستيقظ "الضمير النائم" في بطون المسؤولين، وتبعث الحياة في جثث "الموتى" وتعود لـ"الأشباح" مؤخرات يجلسون عليها.
التدشين الملكي المنتظر لمحطة القطار الدارالبيضاء الميناء جعل العمدة محمد ساجد يسابق عقارب الساعة، ويؤثث الهوامش المحيطة بالمحطة، ويغرس العشب الأخضر، و"يجلج" الرصيف، ويسوي الأرض، ويطرد المتسولين والقطط والكلاب الضالة. العمدة الذي لا يراه البيضاويون "يتسكع" في شوارع الدار البيضاء أقام معسكرا بالمحطة لحث العمال على وضع اللمسات الأخيرة للمحطة التي يشاع أنها أكبر محطة قطار في إفريقيا. معظم المسؤولين المغاربة مغرومون بقصص "الخيال العلمي"... بالمغرب يوجد أكبر مسجد، وأكبر "قصعة كسكس"، وأكبر طاجين... وأكبر... وأكبر.
محطة الدار البيضاء الميناء أخيرا تمنى البيضاويون أن تفتح أبوابها من زمان ولا يهمهم أن تكون أكبر أو أصغر محطة، المهم أن تكون "أفضل" محطة في جودة الخدمات واحتراما للشعارات التي تقدمها في إعلاناتها. أكبر محطة لا ينبغي أن تكون قطاراتها مجرد هياكل من حديد، أكبر محطة في المغرب ليست مجرد استهلاك للثرثرة للتغطية عن المشاكل الحقيقية التي يعيشها قطاع المكتب الوطني للسكك الحديدية.
الملك سيدشن "أكبر" محطة قطار في إفريقيا، ويزور مرافقها، ويركب مع ساجد ولخليع وبوليف في قطار خضع لـ "السكانير"، وسيقدمون له الورود والوعود... وستذبل الورود وتذوب الوعود.. وأكبر محطة ستتحول إلى أتعس محطة.
محطة الدار البيضاء الميناء "الجديدة" في كامل زينتها لاستقبال الملك، أبوابها موصدة قبل بداية فيلم "الكذب على الملك"