رغم أن الإضراب الذي دعت إليه كل من الفدرالية الديمقراطية للشغل جناح الفاتحي، ونقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وشاركت فيه كذلك المنظمة الديمقراطية للشغل، هو إضراب وطني عام، فإن نسب المشاركة لم تتعد 20 في المائة كما أكدت مصادر نقابية لموقع "أنفاس بريس"، طلبت عدم ذكر اسمها. فما هي إذن الأسباب التي جعلت الإضراب العام كـ "قنبلة صوتية" فشل منظموه في شل شرايين الحياة العامة؟
حسب مصادر "أنفاس بريس" هناك عوامل متعددة ساهمت في جعل الإضراب العام لا يتجاوز نسبة 20 في المائة في بعض القطاعات العمومية في أحسن الأحوال كالتعليم والجماعات المحلية وبعض المراكز الصحية والاستشفائية. أول هذه العوامل هو التشتت النقابي حيث أن هناك مركزيات دعت للإضراب وأخرى أجلت إضرابها العام إلى وقت لاحق، الأمر الذي جعل البعض يقرأ الدعوة للإضراب في سياق آخر غير السياق العادي. إذ اعتبره البعض بمثابة إضراب سياسي، وليس إضرابا للدفاع عن مطالب الطبقة الشغيلة والحيف التي تعرضت له في ظل حكومة عبد الإله بنكيران. زد على كل هذا المشاكل الداخلية التي تعرفها المركزيات الداعية للإضراب.
فالصراع التي تعرفه الفدرالية الديمقراطية للشغل، تقول مصادر "أنفاس بريس"، وانقسامها إلى فريقين، جناح الفاتحي الداعي للإضراب وجناح العزوزي، كان سببا رئيسيا في فشل الإضراب ليوم 23 شتنبر الجاري. الأمر نفسه يتخبط فيه الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وإن بشكل مغاير، إذ لم تستطع قيادته المركزية أن تجمع جل التيارات داخل النقابة على قلب رجل واحد، حيث أكدت مصادر من داخل الاتحاد العام للشغالين طلبت عدم ذكر اسمها، أن قرار الإضراب لم يكن عليه إجماع داخل نقابة، نظرا لتأثيرات مؤتمر حزب الاستقلال على النقابة، وفشل هذه المركزية التي يقودها حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، في عقد مؤتمرها، كما أن عددا من قيادات الاتحاد العام للشغالين قررت التراجع للخلف والانسحاب من الساحة لأنها لم تجد ذاتها داخل المركزية.
عامل آخر من العوامل التي جعلت الإضراب العام لا معنى له –تضيف مصادر أنفاس بريس- هو أن عددا من القطاعات الحيوية على مستوى العاصمة الاقتصادية، لا تتحكم فيها المركزيات الداعية للإضراب كالنقل الطرقي وأصحاب الطاكسيات والتدبير المفوض للماء والكهرباء وقطاع النظافة والجماعات المحلية والصحة وقطاع التعليم والوظيفة العمومية، بل هي قطاعات تسيطر عليها بالأساس نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد المغربي للشغل والاتحاد الوطني للشغل، وهي نقابات لم تشارك في الإضراب ولم تدعو إليه. ناهيك عن كل هذا أن المواطن العادي لم يتفاعل مع الإضراب بحيث لم يسجل في مدينة الدار البيضاء أي شلل في الأسواق الكبرى أو المحلات التجارية أو محطات الوقود أو المخابز او المقاهي.... فالحركة كانت عادية في مختلف مناطق المدينة وأحيائها.