الاثنين 6 مايو 2024
مجتمع

الاستغلال فـي العمل شكل من أشكال الاتجار بالبشر

الاستغلال فـي العمل شكل من أشكال الاتجار بالبشر
يعتبر‭ ‬الاستغلال‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الاستغلال‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬التعاريف‭ ‬الدولية‭ ‬للاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬التعريف‭ ‬الوارد‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬3‭ ‬من‭ ‬بروتوكول‭ ‬منع‭ ‬وقمع‭ ‬ومعاقبة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالأشخاص،‭ ‬وبخاصة‭ ‬النساء‭ ‬والأطفال،‭ ‬المكمل‭ ‬لاتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬عبر‭ ‬الوطنية‭ ‬(بروتوكول‭ ‬باليرمو)‭. ‬

إن‭ ‬الظروف‭ ‬والشروط‭ ‬وطبيعة‭ ‬الأماكن‭ ‬التي‭ ‬تمارس‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬الأشغال‭ ‬قد‭ ‬تنبئ‭ ‬بوجود‭ ‬مؤشرات‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭  ‬بغرض‭ ‬الاستغلال‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬شروط‭ ‬التشغيل‭ ‬وآليات‭ ‬الوساطة‭ ‬في‭ ‬التشغيل‭ ‬تعتبر‭ ‬كذلك‭ ‬مجالا‭ ‬خصبا‭ ‬لممارسة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستغلال‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬لاسيما‭ ‬الأطفال،‭ ‬النساء،‭ ‬العمال‭ ‬المنزليين،‭ ‬المشتغلين‭ ‬بالقطاع‭ ‬غير‭ ‬المهيكل‭ ‬والمهاجرين‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭.‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬أهمية‭ ‬تشريع‭ ‬الشغل‭ ‬في‭ ‬الحد‭ ‬والوقاية‭ ‬من‭ ‬تجليات‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستغلال‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬ونخص‭ ‬بالذكر‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬65-99‭ ‬المتعلق‭ ‬بمدونة‭ ‬الشغل‭ ‬والذي‭ ‬تضمن‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬التي‭ ‬تضمن‭ ‬ممارستها‭ ‬داخل‭ ‬المقاولة‭ ‬وخارجها،‭ ‬وهي‭ ‬نفس‭ ‬الحقوق‭ ‬التي‭ ‬نصت‭ ‬عليها‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬دستورها‭ ‬الى‭ ‬مختلف‭ ‬المواثيق‭ ‬التي‭ ‬أصدرتها،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬اتفاقيات‭ ‬العمل‭ ‬الدولية،‭ ‬والتي‭ ‬تتضمن‭ ‬بالخصوص:‭ ‬
-‭ ‬الحرية‭ ‬النقابية‭ ‬والإقرار‭ ‬الفعلي‭ ‬لحق‭ ‬التنظيم‭ ‬والمفاوضة‭ ‬الجماعية.‭ ‬
-‭ ‬منع‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬العمل‭ ‬الإجباري‭ ‬.
-‭ ‬القضاء‭  ‬الفعلي‭ ‬على‭ ‬تشغيل‭ ‬الأطفال.
-‭ ‬منع‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التشغيل‭ .‬
-‭ ‬المساواة‭ ‬في‭ ‬الأجر.

أما‭ ‬بخصوص‭ ‬الضمانات‭ ‬التي‭ ‬تتضمنها‭ ‬مدونة‭ ‬الشغل‭ ‬فتهم‭ ‬المجالات‭ ‬التالية:
-‭ ‬ضرورة‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬إذن‭ ‬ولي‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تشغيل‭ ‬أطفال‭ ‬من‭ ‬16‭ ‬الى‭ ‬18‭ ‬سنة‭ ‬مع‭ ‬وجوب‭ ‬عرضهم‭ ‬على‭ ‬فحص‭ ‬طبي‭ ‬كل‭ ‬ستة‭ ‬أشهر.
-‭ ‬منع‭ ‬تشغيل‭ ‬الأطفال‭ ‬بين‭ ‬16‭ ‬و18‭ ‬سنة‭ ‬ليلا‭ ‬وفي‭ ‬الأماكن‭ ‬غير‭ ‬الآمنة،‭ ‬وفي‭ ‬حمل‭ ‬الأجسام‭ ‬الثقيلة،‭ ‬وفي‭ ‬استعمال‭ ‬التجهيزات‭ ‬والأدوات‭ ‬الخطرة،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬الأشغال‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬خطرا‭ ‬على‭ ‬صحتهم‭ ‬أو‭ ‬سلامتهم‭ ‬أو‭ ‬سلوكهم‭ ‬الأخلاقي‭ ‬
-‭ ‬منع‭ ‬تشغيل‭ ‬العاملة‭ ‬أو‭ ‬العامل‭ ‬المنزلي‭ ‬لأداء‭ ‬الشغل‭ ‬قسرا‭ ‬.
-‭ ‬إمكانية‭ ‬توجيه‭ ‬الشكايات‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬العامل‭ ‬أو‭ ‬العاملة‭ ‬المنزلية‭ ‬لمفتش‭ ‬الشغل‭ ‬بشأن‭ ‬تنفيذ‭ ‬بنود‭ ‬عقد‭ ‬الشغل.
-‭ ‬تطبيق‭ ‬مقتضيات‭ ‬الباب‭ ‬الخاص‭ ‬بتشغيل‭ ‬الأجانب‭ ‬في‭ ‬مدونة‭ ‬الشغل‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬تشغيل‭ ‬أجراء‭ ‬منزليين‭ ‬أجانب‭  ‬.
كما‭ ‬أناط‭ ‬المشرع‭ ‬المغربي‭ ‬الأعوان‭ ‬المكلفين‭ ‬بتفتيش‭ ‬الشغل‭ ‬بمقتضى‭ ‬المادة‭ ‬532‭ ‬مهام‭ ‬السهر‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬الأحكام‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنظيمية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالشغل‭ ‬وإحاطة‭ ‬السلطة‭ ‬الحكومية‭ ‬المكلفة‭ ‬بالشغل‭ ‬علما‭ ‬بكل‭ ‬نقص‭ ‬أو‭ ‬تجاوز‭ ‬في‭ ‬المقتضيات‭ ‬التشريعية‭ ‬والتنظيمية‭ ‬المعمول‭ ‬بها‭ ‬.
وتتجلى‭  ‬أهمية‭ ‬تدخل‭ ‬مفتشي‭ ‬الشغل‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬محاربة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬والاستغلال‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ثلاثة‭ ‬مستويات:‭ ‬الوقاية،‭ ‬المتابعة‭ ‬والمراقبة‭ ‬والحماية‭.‬
ولضمان‭ ‬تدخل‭ ‬فعال‭ ‬لمفتشي‭ ‬الشغل‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الاتجار‭ ‬بالبشر،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأدوات‭ ‬والآليات،‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الدورات‭ ‬التكوينية‭ ‬التي‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬استيعاب‭ ‬مقاربة‭ ‬شمولية‭ ‬لتحديد‭ ‬الفئات‭ ‬الهشة‭ ‬ومظاهر‭ ‬الهشاشة‭ ‬ومعرفة‭ ‬وسائل‭ ‬التحكم‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المتاجرين،‭ ‬بالإضافة‭ ‬الى‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬المؤشرات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالحالات‭ ‬المحتملة‭ ‬للعمل‭ ‬الجبري‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إتقان‭ ‬وسائل‭ ‬وتقنيات‭ ‬التحقيق‭ ‬والاستجواب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحديد‭ ‬الفئات‭ ‬الهشة‭ ‬(العاملون‭ ‬المنتمون‭ ‬لفئات‭ ‬تتعرض‭ ‬للتمييز‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬العمل،‭ ‬العاملات‭ ‬والعمال‭ ‬المنزليون،‭ ‬العاملات‭ ‬المشتغلات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬غير‭ ‬المهيكل،‭ ‬العمال‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬إدارية‭ ‬غير‭ ‬قانونية‭..(‭.‬
ومعرفة‭ ‬مظاهرة‭ ‬الهشاشة‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬مؤشراتها‭ ‬غياب‭ ‬عقد‭ ‬عمل‭ ‬مع‭ ‬المشغل‭ ‬والجهل‭ ‬بالحقوق‭ ‬والحماية‭ ‬القانونية‭ ‬والحواجز‭ ‬اللغوية‭ ‬والاختلافات‭ ‬الثقافية،‭ ‬عزل،‭ ‬اختطاف،‭ ‬إبعاد‭ ‬عن‭ ‬العائلة،‭ ‬تقييد‭ ‬التنقل‭ ‬وسبل‭ ‬التواصل‭..‬