الجمعة 3 مايو 2024
فن وثقافة

فؤاد زويريق: يبقى مسلسل "وجع التراب" ورشة إبداعية فنية نموذجية

فؤاد زويريق: يبقى مسلسل "وجع التراب" ورشة إبداعية فنية نموذجية أبطال "وجع التراب"
يقولون "إن التاجر المفلس يعود ليفتش في دفاتره القديمة"، وهكذا نحن أمام ما نعيشه اليوم من ابتذال وإفلاس في مجال الدراما التلفزية المغربية، نعود من حين لآخر لنفتش في أعمالنا السابقة، فرغم قلتها كمّا وكيفا، إلا أنها تخرجنا من جو الإحباط الذي نتمرغ فيه رغما عنا.
 لا شك ان الكل يتذكر هذا العمل الدرامي المتميز، ابتداء من العنوان ''وجع التراب'' الذي استخدم الاستعارة للإشارة الى عمق المعنى وعمق الموضوع المطروح، وقلما نجد أعمالا مغربية تنجح في صياغة عنوانها بهذه المهارة والجمالية.
 ''وجع التراب'' لامس مشاعر المغاربة واهتموا به وتابعوه ومازالوا يتذكرونه إلى الآن، لأن صاحبه آمن به كمشروع فني وإبداعي أولا، قبل أن يكون مشروعا ماديا، فسهر على تنفيذه بتفاصيله.
 ''وجع التراب'' رغم ما أحاط به من خلافات وتعثرات وشائعات و... إلا أنه نجح أخيرا في أن يكون نموذجا لورشة فنية إبداعية جماعية للأسف لم يُستفد منها لاحقا.
''وجع التراب'' ورشة في الكتابة فرغم أنه اقتبس عن رواية "الأرض" للروائي والكاتب إميل زولا، إلا أنه ''تمغرب'' باحترافية شديدة وهذا يحسب لصاحب المشروع والسيناريو شفيق السحيمي.
''وجع التراب'' ورشة في الإخراج الذي تكلف به بنجاح الاستاذ رضوان القاسمي، وفي مرحلة ما - إذا لم تخنِ الذاكرة - كان هناك أيضا الفنان شفيق السحيمي.
 ''وجع التراب'' ورشة في الإنتاج الدرامي وتنفيذه الذي كان تحت إشراف الأستاذ عبد الحق مبشور، واحد من الأطر السابقة في القناة الثانية المعروف بكفاءته، وقد نجح في مهمته.
''وجع التراب'' ورشة في التشخيص حيث انطلق منه العديد من الممثلين وخصوصا الشباب منهم.
 ''وجع التراب'' ورشة في الموسيقى التصويرية وفي تأليف أغنية الشارة، وهو الجانب الذي تكلف به المبدع والموسيقي عبد الفتاح النكادي بمشاركة فرقة النورس، وغناء خديجة عمودي، الأغنية التي لم تنس إلى الآن، ولا أظن أن هناك أغنية شارة لمسلسل مغربي حفظها المغاربة كما حفظوا هذه الأغنية.
''وجع التراب'' كان ورشة قائمة بذاتها في  كل عنصر فني وتقني فيه، ورشة تعلم فيها كثيرون، ويصنف الآن كأيقونة داخل الانتاجات الدرامية الخاصة بالقناة الثانية، ولو استغلت هذه القناة هذه التجربة بذكاء وسارت على خطاها وطورتها لما شاهدنا ما نشاهده الآن من ابتذال وتفاهة.
العمل الإبداعي يلزمه الإيمان به أولا، كما آمن شفيق السحيمي بمشروعه، ويلزمه التضامن والتكافل فهو عمل جماعي قبل كل شيء، ويلزمه منتجين أو منفذي انتاج لديهم دراية بهذا المجال ويؤمنون بالفن والإبداع ويغيرون على انتاجاتنا الوطنية.