ازداد عبد الحميد احساين في الرباط سنة 1932، من أسرة محافظة، وخلال طفولته أظهر القارئ عبد الحميد احساين ذكاءً فطريا مُتَّقِداً ونبوغا فكريا حادا، فقام والده بإلحاقه بأحد الكتاتيب القرآنية لحفظ القرآن الكريم وتعلم قواعده، وقد كان عند حسن ظن والده، حيث تعلم الشيء الكثير، فتفتحت مداركه وصُقلت مواهبه، وتمكن من إتقان قواعد القرآن واللغتين العربية والفرنسية.
خلال مرحلة شبابه، التحق القارئ عبد الحميد احساين بالإذاعة المغربية للاشتغال فيها، فأُسندت له مهمة الإشراف على البرامج التي تبثها الإذاعة باللغة العربية الفصحى. وعلى مدى سنوات من اشتغاله داخل أروقة الإذاعة المغربية، راودته فكرة إعداد برنامج رائد في مجال التلقين القرآني المعلم، وهي فكرة اختمرت واتخذت مرحلة التنفيذ بفضل لقائه مع القارئ الشيخ محمود الحصري الذي شجعه على الفكرة ونصحه بتطبيقها دون تردد.
وهكذا، أسس القارئ عبد الحميد احساين برنامج "كيف نقرأ القرآن" لفائدة الإذاعة المغربية، وكان الهدف الرئيسي منه تلقين المستمعين القواعد السليمة لقراءة القرآن الكريم برواية ورش عن نافع. وبالإضافة إلى ذلك، أسس أول رابطة للمجوّدين في المغرب ضمت ثلة بارزة من العلماء والشيوخ المغاربة، وكانت هذه الرابطة بمثابة اللبنة الأولى لإنطلاق تعليم التجويد بالمغرب، وبفضلها أُسِّست دار القرآن بالمغرب خلال ستينات القرن الماضي.
خِبرته الإذاعية، وملكاته الفطرية، ومساهماته الفكرية الرائدة في مجال التجويد، عوامل من بين أخرى ساهمت في تعيينه من طرف العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني كأول قارئ للمسيرة القرآنية الرمضانية سنة 1402هـ والتي بثها التلفزيون المغربي آنذاك، فلاقت اهتماما كبيرا ومتابعة منقطعة النظير، وخلال هذه المسيرة القرآنية كان يقرأ حزبين من القرآن الكريم في حوالي عشر دقائق بطريقة الترتيل، وكان رغم ضيق المدة الزمنية محافظا على قواعد التلاوة ومخارج الحروف.
وبفضل مسيرته العلمية والإعلامية الحافلة، يُعتبر القارئ عبد الحميد احساين واحدا من أبرز أعلام القراءة و التجويد في المغرب، وقد شاء الله تعالى فقبض إليه روحه مساء يوم الاثنين 21 دجنبر سنة 1992، فتوقفت بذلك مسيرته مع القرآن، دون أن يتوقف ذِكرُه أو تنسى إنجازاته ومبادراته.