السبت 27 يوليو 2024
سياسة

رشيد لبكر: المبادرة الملكية بفتح موانئ المغرب الأطلسية في وجه دول الساحل هي تتويج لمسار طويل ومضني من العمل الجاد ولم يكن أبدا ضربة حظ !!..

رشيد لبكر:  المبادرة الملكية بفتح موانئ المغرب الأطلسية في وجه دول الساحل هي تتويج لمسار طويل ومضني من العمل الجاد ولم يكن أبدا ضربة حظ !!..  رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والاجتماعية
بعدما أعلنت المملكة المغربية فتح مياه موانئها الأطلسية في وجه دول الساحل من أجل فك العزلة عليها وانفتاحها على باقي الدول الغربية.. بهدف تحقيق إقلاع اقتصادي لهذه الدول، سارعت دول إفريقية أخرى إلى اتخاذ مبادرات شبيهة بالمبادرة الملكية الأطلسية، فتقدمت في ذلك دولة الطوغو بدورها بمشروع يهدف إلى منح دول الساحل إمكانية الولوج إلى المحيط الأطلسي .. من أجل تسليط الأضواء على هذه التطورات، "أنفاس بريس" التقت الدكتور  رشيد لبكر، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والإقتصادية والاجتماعية، جامعة شعيب الدكالي، الجديدة وأجرت معه الحوار التالي:

بعد حوالي شهرين على اجتماع دول مالي والنيجر وبوركينافاسو والتشاد في مراكش للاتفاق على الإطار العام لتفعيل المبادرة المغربية تقدمت الطوغو بمبادرة مشابهة لدول الساحل المعنية عن طريق منحها فرصة الولوج إلى المحيط...مارأيك في الحدث؟ 
أعتقد أن مجال العلاقات الدولية هو محال التنافس بين الدول من أجل كسب المصالح أو تحصين هذه المصالح أو ترسيم مواقع بما يخدم هذه المصالح. هذا أمر طبيعي جدا وكل الدول تضع ذلك في حسبانها وخططها الإستراتيجية، وأعتقد أن السياسة التي خطها المغرب والمبنية على تنويع شركائه، والانفتاح على أسواق جديدة والتوجه نحو البلدان الإفريقية التي يشترك معها في تقاسم نفس المجال الحيوي، لا بد أن تؤجج المنافسة القائمة مع بعض من مناوئيه أو تلهب فتيل منافسة مفترضة في وجه "المقلدين"إن جاز هذا التعبير، لذا أنا اعتبر هذا شيئا عاديا ومحتملا بل ومتوقعا. فالسياسة الخارجية المغربية طبعت في السنوات الأخيرة بحيوية كبيرة ونشاط ملفت،كان من نتائجه كسب تعاطف العديد من الدول الإفريقية وانخراطها في دعم مشروعه الانفتاحي والتكاملي الرامي إلى جلب الربح والمصلحة للجميع، ولأن نتائج هذا الانفتاح أصبحت ظاهرة ومؤكدة على مسرح الواقع المادي، فمن المؤكد إنها،من جهة، ستزعج المناوئين له وسيسعون إلى التشويش على هذا المشروع حتى لا ينجح، لأن في نجاحه ضرب لمصالحهم وقطع الطريق أمام أطماعهم، ومن جهة ثانية، سيغري هذا النجاح أطرافا أخرى، ربما لها نفس الامتيازات  الإستراتيجية التي يتمتع بها المغرب، وبالتالي قد يغريها النجاح المغربي للعب نفس الدور، لكن ما لا تعلمه هذه الدول، أن مشروع المغرب هذا، ليس وليد اللحظة ولم ينزل من السماء بين عشية وضحاها، بل هو نتاج عمل سنين وتخطيط محكم وتكتيكات متنوعة، وليس مجرد أحلام يقظة كما قد يتوهم البعض.

هل المبادرة الملكية فعلا تواجه تحديات من طرف بعض الدول الإفريقية ؟
كما قلت سابقا، التحديات كانت وستظل، أما الدول التي تعاكس التوجه المغربي فمعروفة وأطماعها لا تخفى عن أحد، حتى ولو حاولت تغليفها بالشعارات البراقة والتي لم تجد لها وقعا إلا عند الأطراف التي تتقاسم وإياها نفس الغريزة العدائية للمغرب، أما الأطراف التي ترى بمنظور الواقعية والمصلحة فقد حسمت موقفها منذ زمان، وعبرت بالواقع الملموس عن انخراطها في المشروع المغربي الذي يتبناه صاحب الجلالة شخصيا، وسعى منذ سنوات من أجل إخراجه إلى حيز الواقع، وذلك من خلال زياراته المتعددة والمتكررة لعدد من الدول الإفريقية.هذا ما جعلني أقول منذ البدء، إن المبادرة الملكية هي تتويج لمسار طويل ومضني من العمل الجاد ولم يكن أبدا ضربة حظ، ومعلوم في منهجية بناء المشاريع، أن هناك نسبة مئوية تخصص دائما لتوقعات حدوث الأزمات والعراقيل  وتصور السيناريوهات الممكنة لمواجهتها، وبالتالي فالمغرب لن تخيفه المناوشات،وهوماض في مشروعه بالتعاون مع شركاءه وحلفاءه الذين كسب تأييدهم بالعمل وبالمصداقية وجدية المطامح ومعقولية الوسائل، الأهم الآن في نظري، هي المحصلة العامة التي أراها في صالحه، وهذا مؤشر كاف على حدوده الوافرة للنجاح في مشروعه.
 
من هي الجهة التي تدفع الطوغو في نظرك إلى تنزيل هذا المشروع المشابه للمغرب؟
ليس المهم ذكر جهة معينة باسمها، إذ من المعلوم أن الدول التي تحترم علاقاتها ،تترك دائما هامشا للتحفظ وفق ما تمليه الأعراف الدبلوماسية، فالمغرب الآن، وعلى لسان صاحب الجلالة مد يده إلى الجميع، وفتح المجال أمام كل الدول الإفريقية بلا استثناء، أقول بلا استثناء، للمشاركة في بناء مبادرة الانفتاح على الواجهة الأطلسية وفق منطق الكل فيه رابح ومستفيد، " وهو ما كيلعبش" لأن المبادرة عندما اقترحت كانت كل أركانها الدراسية والعلمية والتمويلية جاهزة، بما في ذلك أجندتها الزمنية وآثارها الإيجابية المحتملة.أعتقد أن هذا واضح جدا، وبخصوص دولة الطوغو، اقول إنها، وباعتبارها دولة محترمة وذات سيادة، فلها أن تقترح ما تشاء، فهذا حقها، لكن العبرة بالميدان وبالواقع وبالتجربة وليس بالأماني، هنا حيث يكمن الفرق، فالدول تعرف جيدا أين تكمن مصلحتها وعلى أي أساس ستضع رجلها. نحن الآن نتكلم عن مصالح اقتصادية وتجارية ستكون لها تبعات إيجابية على المنطقة برمتها وعلى جميع المستويات، يمكن تلخيصها إجمالا في الرفع من مستوى ونوعية الحياة بالنسبة لكل ساكنة المنطقة،من خلال تشجيع المقاولات وخلق فرص الشغل وإنعاش الاقتصاديات والرفع من الدخل العام الفردي والجماعي، قلت، نتكلم عن مصالح حيوية ولا نقوم بمزايدات سياسوية يتزعمها بعض الخصوم، الذين ما زالوا يصرون على حجب الرؤية عن أعينهم ويرفضون النظر إلى العالم بمنظور الواقعية، متسببين في هدر زمن الشعوب وعرقلة مسار التنمية. مبادرة المغرب مشروع منفعة ومصلحة مشتركة، مدروس وواقعي وقد أخذ وقته الكافي من التفكير قبل أن يعلن عنه واقعيا. رسالة المغرب واضحة: التفريق بين المصلحة المؤكدة وسياسة المزايدات التي لن تؤدي إلا إلى ترسيخ الفقر والتخلف لدى شعوب المنطقة.