الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
فن وثقافة

"يستحيل ألا نتواصل".. إصدار كتاب - ترجمة للباحث والمترجم أحمد القصوار

"يستحيل ألا نتواصل".. إصدار كتاب - ترجمة  للباحث والمترجم أحمد القصوار
صدر نهاية يناير 2024 كتاب – ترجمة للباحث والمترجم، أحمد القصوار تحت عنوان "يستحيل ألا نتواصل: مدخل الى نظرية التواصل عند مدرسة بالو ألطو" ( إعداد وترجمة) عن دار بصمة للنشر والتوزيع. 
ويتضمن الكتاب نصوصا / مقالات أساسية وتأسيسية لرواد مدرسة بالو ألطو، وخاصة غريغوري باتيزون والبير شيفلين وبول فاتزلافيك.
وجاء في تقديم ذ. منير الحجوجي للكتاب:"سعيد جدا بأن أساهم بهذا التقديم المتواضع في هذه الترجمة التي قام بها الصديق والأخ العزيز أحمد القصوار لبعض نصوص تيار فكري مفصلي اشتهر تاريخيا باسم مدرسة بالو ألطو.. أريد هنا أن أقدم تحية عالية للصديق أحمد القصوار على هذا الخيار الصعب ـ بالنظر الى الطبيعة التقنية الشائكة في كثير من الأحيان للنصوص المترجمة، والذكي ـ بالنظر الى ما تقوله بالو ألطو من أشياء قوية حول التواصل/المعنى وفي النهاية حول كثير من الإشكالات المعرفية/السياسية الحارقة...".
كما أضاف بأنه "لنفهم الأطروحة المركزية للتيار البالو ألطي يجب أن نطبق على البالو ألطيين ما دعا اليه هذا التيار الجميل نفسه في تقديراته للعملية التواصلية: موضعة الأمور في سياقاتها العامة.. التيار البالو ألطي خطوة ضمن حركة عامة للانقلاب على ابستمولوجيا لنسميها الابستمولوجيا الفردانية، أوما قبل النسقية، تلك التي تموضع المعنى في الفرد: الفرد هو بداية المعنى ونهايته.. معتبرة الأنساق برمطرا "خارجيا"، ضبابيا، أي في النهاية بلا فائدة "علمية".. 
وأكد ذ. منير الحجوجي في تقديمه للترجمة ان سبب احتقانات عالمنا "أننا لا نريد أن نرى في وجوه بعضنا البعض، أن نعترف ببعضنا البعض، أن نسير نحو بعضنا البعض، نحو أقدارنا المشتركة.. خلاصنا في تحويل تصورنا للعالم.. وليس لدي أي شك في أن الفكرة الاتصالية/النسقية، وهي في طريقها لتشكل النواة المركزية لابستمولوجيا القرن 21، قادرة على مدنا بأدوات تنزيل هذا الورش الكبير."
وخلص ذ. الحجوجي إلى أنه "من هنا أهمية هذه الترجمة التي يقدم الأستاذ أحمد القصوار لبعض النصوص المؤسسة للتيار البالو ألطي." حيث " تشكل النصوص المقترحة مدخلا مهما لتيار حاول أن يقلب تصورنا للعبة العلاقات البشرية وفي النهاية للعبة الاجتماعية/السياسية في مجموعها.. وكما ألمحت قبلا فان أطروحة البالو ألطيين كاتصاليين جذريين هي القول بأن التصور الذري/اللانسقي للأشياء، التصور الذي ينظر الى الفرد باعتباره مولد ونهاية المعنى، الذي يخرج الفرد من العالم، هو، ببساطة، تصور مستحيل.. نحن لسنا كائنات معلقة في السماء.. نحن كائنات أرضية ان جاز التعبير، كائنات محكومة بكل ما يجري مع الموجودين معنا فوق ركح العالم، هنا والأن.. وإذا كان هناك من مطلق فهو العلاقة وليس الذات.. من النافل القول بأن هذا الفهم للعالم سيكون له لو نزل معرفيا/سياسيا مخلفات حقيقية على مستوى أشياء كثيرة في طبيعة حضورنا في العالم.. أقل هذه المخلفات أننا سنتوقف عن رؤيتنا لذواتنا وللأخرين من الزوايا الضيقة، المشوهة، المشوهة، المميتة.... وهذه لوحدها قادرة على حل كثير من الإشكالات التي تقف في وجه صياغة اجتماع بشري أقل توحشا مما هو عليه الوضع الآن."
وفي تقديم الكتاب/ الترجمة، أكد أحمد القصوار على " أهمية انفتاح الجامعات المغربية والعربية على التصور النسقي الدائري بصفة عامة، ومدرسة بالو ألطو بصفة خاصة، في أفق الخروج من سطوة الخطاطة الشانونية على العقول والبحوث ذات الصلة بهذا المجال، وكذا التأصيل الإبستيمولوجي لهذا المبحث وتعزيز تداول مفاهيمه ومبادئه في تناول الظواهر التواصلية الإنسانية".
وأكد على "الأثر الواضح لإحدى الإسهامات الأساسية للفكر النسقي التي تكمن، حسب بول فاتزلافيك، في الانتقال من فكر يكون فيه الفرد هو محوره الأساسي إلى تصور يظهر فيه الفرد كنسق جزئي… وبالتالي فإن مشاكل المجتمع (والتواصل طبعا) لا ينبغي أن يتم البحث عن أسبابها في الفشل الشخصي لهذا الفرد أو ذاك، بل في الخصائص العبرفردية للنسق".
وأوضح المترجم أن هذا التحول الفكري قد انعكس " في أعمال مدرسة بالو ألطو بالانتقال من القول إننا نتواصل بواسطة العلامات اللغوية إلى القول إننا نساهم في التواصل، وبالتالي تم التخلي عن التمركز حول الفرد قصد الانتقال إلى فكر ينظر للتواصل من خلال مفهوم العلاقة." ذلك غن مدرسة بالو ألطو " تتمثل التواصل كسلوك بشري ينظر فيه إلى بعده العلائقي أكثر من جانبه المضموني. كما يتم تصور عملية التواصل، بوصفها تفاعلا بشريا، كنسق تواصلي تحكمه خصائص الأنساق العامة".
كما أشار الى "النقلة النوعية التي أحدثتها بالو ألطو في مجال البحث في سيرورات التواصل، حيث تم الانتقال من القول السائد إننا نتواصل إلى القول بمبدإ المشاركة في التواصل فقط، وبالتالي الانتقال من اعتبار التواصل مجرد إرسال للمعلومات إلى النظر إليه كعلاقة اجتماعية ورمزية."
وخلص أحمد القصوار الى أن مدرسة بالو ألطو تشكل " جماعة علمية متعددة التخصصات استطاعت أن تقدم تصورا جديدا لمقاربة التواصل، فهي تنخرط على المستوى الابستيمولوجي في الابستيمولوجيا الجديدة التي بدأت تنشأ على أنقاض العقلانية الديكارتية، وعلى مستوى دراسة التواصل الإنساني والتنظير له، يمكن الدفع بفرضية أن مدرسة بالو ألطو قد أرست دعائم إبدال جديد خاص بالتواصل الإنساني."
وبخصوص محتويات الكتاب، جاء في تقديم احمد القصوار: "سأعتمد في تقريب الإطار النظري المفاهيمي لتداوليات التواصل عند مدرسة بالو ألطو على بعض الكتب الأساسية التي تقدم تركيبا مركزا ومنهجيا. في البداية، تمت ترجمة مقالين نظريين هامين لكل من غريغوري باتيزون تحت عنوان "التواصل" ولألبير شيفلن تحت عنوان "أنساق التواصل الإنساني" نشرا في كتاب  التواصل الجديد. 
ويتضمن الكتاب أيضا "ترجمة للفصلين الأولين الهامين من الكتاب المرجعي منطق التواصل، حيث يلخصان المفاهيم والمبادئ الأساسية لنظرية التواصل عامة، ولتداوليات التواصل في فكر وممارسة رواد المدرسة. ذلك أن كتاب منطق التواصل يشكل - حسب إيف وينكين - إطارا مرجعيا يعتد به للتعرف على التصور البالوألطي للتواصل الذي مهد لـه غريغوري باتيزون. فعلى الرغم من صدوره منذ ما يزيد عن 50 سنة، فإنه ما زال محتفظا بجدته وتجديده للنظر في موضوع التواصل الإنساني، وتداوليات التواصل بشكل خاص؛ حتى أن وينكين وصفه بالكتاب الكلاسيكي الكبير."
وفي ختام التقديم تمنى أحمد القصوار أن يكون الكتاب "فاتحة خير للتشجيع على ترجمة نصوص أخرى لرواد مدرسة بالو ألطو، وتعميق وتوسيع اطلاع القارئ والباحث المغربي والعربي على مفاهيمها وأبحاثها في التواصل الإنساني وآثاره النسقية على السلوك".