الأحد 24 نوفمبر 2024
جرائم

تيزنيت.. انهيار عمارة سكنيّة تفضح خروقات وتجرّ متّهمين  بتهم ثقيلة إلى محاكمة الإثنين

تيزنيت.. انهيار عمارة سكنيّة تفضح خروقات وتجرّ متّهمين  بتهم ثقيلة إلى محاكمة الإثنين انهيار عمارة باب أكلو" توفي على إثرها عاملان وأصيب آخرون
تنظر المحكمة الإبتدائية بتيزنيت   يوم الإثنين 29 يناير 2024   في فضيحة ما بات يعرف بـ" انهيار عمارة باب أكلو" ، والتي توفي على إثرها عاملان، وأصيب آخرون إصابات متفاوتة الخطورة، والتي يتابع في نازلتها أربعة أشخاص، منهم المقاول و المهندس المعماري و مهندس مكتب الدراسة ومهندس مكتب المراقبة، فيما صاحب المشروع لم توجّه له أيّ اتهامات، وانتصب نفسه كمطالب بالحقّ المدني في القضية.

 وتعود تفاصيل القضية، التي تنظر فيها الغرفة الجنحية في ثاني جلسات القضية، إلى يوم الاثنين 13 نونبر 2023 حينما انهارت "عمارة في طور البناء بباب أكلو"، والتي أتبتت الخبرة المنجزة من قبل المحكمة  أن سبب الانهيار "طبيعة الاسمنت المسلح ومقاسات بعض الأعمدة، واختلاف مسافة الأعمدة ما بين التصميم الذي أنجز والذي أنجزه مكتب الدراسات. وهو المشروع الذي حظي برخصة بتاريخ 16 دجنبر 2019 وبرخصة ثانية خاصة بالعمارة "E " لانتهاء الرخصة الأولى في أكتوبر 2023".

 ويتابع المتّهمون الأربعة، في حالة اعتقال بالسّجن المحلي بتيزنيت، من أجل جنح تتراوح بين "القتل غير العمدي الناتج عن عدم مراعاة النظم والقوانين والتسبب في جروح غير عمدية نتج عنها عجز عن الأشغال الشخصية تزيد مدته عن ستة أيام، نتيجة عدم مراعاة النظم والقوانين والبناء بدون رخصة وإنجاز بناء دون احترام مقتضيات الوثائق المكتوبة والمرسومة بالنسبة للمتهم الأول (ه.ف) مقاول، والقتل غير العمدي الناتج عن عدم مراعاة النظم والقوانين والتسبب في جروح غير عمدية نتج عنها عجز الأشغال الشخصية تزيد مدته عن ستة أيام في إنجاز بناء دون احترام مقتضيات الوثائق المكتوبة والمرسومة  وعدم مسك دفتر الورش بالنسبة للمتهم الثاني (ع.ز) مهندس معماري، والقتل غير العمدي الناتج عن عدم مراعاة النظم والقوانين والتسبب في جروح غير عمدية نتج عنها عجز الأشغال الشخصية تزيد مدته عن ستة أيام نتيجة عدم مراعاة النظم والقوانين والبناء بدون رخصة وإنجاز بناء دون احترام مقتضيات الوثائق المكتوبة والمرسومة بالنسبة للمتهمين الثالث (ع.إد) مهندس دولة، والرابع (س.س) مهندس دولة، طبقا للفصول 129 و432 و433 من القانون الجنائي، والمواد 54ــ2، و64 و 72 و76 وو71 و78 من القانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء.

وخلصت الخبرة المنجزة أثناء التحقيق من قبل مكتب التعمير والهندسة المعمارية والتهيئة، أن سبب انهيار العمارة  يتمثل في "ضعف جودة موادّ البناء وحديد التسليح، بالإضافة إلى عدم مطابقة مضمون التصاميم المرخص بها بخصوص أبعاد بعض الأعمدة واختلاف مقاساتها لما تمّ بناؤه على أرض الواقع، فضلا عن وجود خلل في جرعات الإسمنت والحصى والرمل في الخرسانة المسلحة، وفي سلوك عقد التّعشيق بين لأعمدة والجسور، وكذا وجود تباعد بين النواة المركزية وشبكة الأعمدة والجسور يقدر بـ8.10 مترا في ثلاث جهات، خلافا للأبعاد المقترحة في التصاميم المحددة في أربعة أمتار فقط".

 كما خلص تقرير الخبرة المنجز من قبل المختبر العمومي للتجارب والدراسات إلى "غياب تقارير التجارب المتعلقة بمطابقة الموادّ المستعملة في البناء، وخاصة الخرسانة والحديد لمعايير الجودة، ونقص في قياسات بعض الأعمدة بالطابق تحت أرضي (35،35 سم2)، مع وجود اختلاف وعدم تطابق في القياسات المحددة في التصميم مع تلك التي بالواقع، وعدم تطابق عملية البناء وتصميم الخرسانة المنجز من قبل مكتب الدراسات، وذلك باستبدال ألواح الإسمنت المسلح بألواح من التكتل، وكذا غياب المحاضر بدفتر الورش".
 
ووفق التّحريات التي أجراها قاضي التّحقيق في النازلة عبر الاستماع إلى الأطراف، يتمثل في لغز وغموض اختفاء دفتر الورش. هذا الأخير الذي يكون لزاما أن يكون بمكتب الورش وأن يوضع رهن إشارة مراقبي التعمير في  كل وقت وحين. فاستنادا لمقتضيات القانون رقم 66.12 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، يعدّ  دفتر الورش  آلية مهمة تمكن من توثيق جميع مراحل الأشغال بالورش، وكذا جميع تدخلات المهنيين به، مما يضمن التنسيق فيما بينهم، كما يسهل عملية المراقبة من طرف المراقبين في مجال التعمير والبناء. مما يطرح أكثر من سؤال حول من له مصلحة في اختفاء دفتر الورش بعد انهيار العمارة ، علما أنه هو الذي سيوثق جميع مراحل إنجاز المشروع وعمليات مراقبته من طرف الجهات المختصة  منذ افتتاحه؟!.
 
 ووفق القضية، فإن  المشروع صودق عليه من قبل لجنة الاستثناءات سنة 2015 التي يترأسها والي  الجهة ( هذه اللجن التي حل محلها  اللجن الجهوية الموحدة للاستثمار سنة 2019 والتي تنعقد بالمراكز الجهوية للاستثمار) ويتكون من عمارات سكنية ومكاتب ومحلات تجارية من طابقين ، غير أنه تم تغيير المشروع من طرف اللجنة الإقليمية للمشاريع الكبرى ، والتي تتكون من ممثل جماعة تيزنيت ومصالح التعمير بالعمالة وممثل الوكالة الحضرية وممثلين عن  المصالح الخارجية بتاريخ 11 ماي 2023، إذ جرى تحويل اسم المشروع من اسم ذاتي  إلى إسم معنوي (شركة)، وتغيير تصميم العمارة المنهارة التي تحمل رمز c من عمارة ذات طابقينR+2  إلى عمارة ذات ثلاثة طوابق، إضافة إلى قبو وسقف نصف الطابق الأرضي (R+3) + sous-sol + mezzanine، وسط تساؤلات خبراء حول مدى قانونية هذه التغييرات والإضافات في اللجنة الإقليمية؟.

 وجرى التأشير على المشروع من قبل الوكالة الحضرية لتارودانت بعد موافقة الوالي بتاريخ 12مارس 2015، ولم يحصل على رخصة البناء إلا بتاريخ 16 دجنبر 2019 ، ليتم لاحقا تمديد الرخصة بتاريخ 31 دجنبر 2021. لتنتهي  صلاحية هذه الرخصة في نهاية  دجنبر 2022، ومنذ هذا التاريخ لم يحصل المشروع على رخصة جديدة إلا بتاريخ 3 أكتوبر 2023، مما يعني أن المشروع بقي بدون رخصة لمدة عشرة أشهر  والأشغال مستمرة به. وهو ما تتحمل مسؤوليته مصالح التعمير ترابيا (الجماعة والعمالة) استنادا للقانون 12.66 المتعلق بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء .

وبرأي  مراقبين تحدثوا لـ"أنفاس بريس"، فإن الكثير من المساحات الفارغة بخصوص هاته القضية تثير تساؤلات من قبيل:  لماذا  لم يتم إبرام اتفاقية مع مختبر مختص بإنجاز  التجارب المتعلقة بمطابقة المواد المستعملة في البناء وخاصة الخرسانة والحديد والحصى والرمال لمعايير الجودة  في العمارة المنهارة؟؟، علما أن العمارات الأخرى المنتهية الأشغال بها في نفس المشروع واكبها  مختبر معترف به، مما يطرح المسؤولية القانونية على كلّ المتدخلين في المشروع.  كما أن حفر بئر بالمشروع التعميري تمّ من دون ترخيص ومن دون موافقة، وأمام أعين السلطات، خاصة وأن المشروع العمراني يقع في قلب مدينة تيزنيت، وفي موقع يحظى برواج كبير وحركية السير والجولان، وليس بضواحيها في صمت من الجميع!؟.