الجمعة 7 فبراير 2025
سياسة

حيكر: محاربة الفساد تستوجب إعادة النظر في سحب حكومة أخنوش لقانون‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬البرلمان

حيكر: محاربة الفساد تستوجب إعادة النظر في سحب حكومة أخنوش لقانون‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬البرلمان عبد الصمد حيكر، البرلماني من حزب العدالة والتنمية
أكد عبد الصمد حيكر، البرلماني من حزب العدالة والتنمية، أن محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أولويات‭ ‬حكومة اخنوش وليس ضمن ‬أولوياتها، منبها ‬إلى‭ ‬المحاولات‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬السطو‭ ‬على‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مافيا‭ ‬الفساد‭ ‬وتجار‭ ‬المخدرات‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬بعض‭ ‬المشاريع‭ ‬الحزبية‭..
 
في‭ ‬بداية‭ ‬ولاية‭ ‬عزيز‭ ‬اخنوش‭ ‬تم‭ ‬سحب‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬من‭ ‬البرلمان،‭ ‬بدعوى‭ ‬أن‭ ‬الحكومة‭ ‬ستسعى‭ ‬لتجويد‭ ‬النص‭ ‬في‭ ‬أقرب‭ ‬فرصة،‭ ‬نحن‭ ‬الآن‭ ‬تجاوزنا‭ ‬منتصف‭ ‬الولاية‭ ‬الحكومية،‭ ‬ولايظهر‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬اي‭ ‬نية‭ ‬لإخراجه‭ ‬أو‭ ‬تعديله،‭ ‬كيف‭ ‬تنظرون‭ ‬كمعارضة‭ ‬برلمانية‭ ‬لهذا‭ ‬الأمر؟‭ 
في‭ ‬الواقع، لم‭ ‬تقم‭ ‬الحكومة‭ ‬الحالية‭ ‬بسحب‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬يؤسس‭ ‬لتجريم‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع‭ ‬وحده،‭ ‬وإنما‭ ‬قامت‭ ‬بسحب‭ ‬مشاريع‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية؛‭ ‬مثل‭ ‬مشروع قانون احتلال الملك العام ومشروع قانون المقالع.. ‬علما‭ ‬أنها‭ ‬مشاريع‭ ‬كانت‭ ‬تندرج‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬توفير‭ ‬منظومة‭ ‬قانونية‭ ‬تسعف‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭..‬
وغني‭ ‬عن‭ ‬البيان،‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الحكومة‭ ‬أن‭ ‬تسحب‭ ‬مشاريع‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬سبقتها‭ ‬قد‭ ‬أحالتها‭ ‬على‭ ‬البرلمان؛‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬ملاءمتها‭ ‬مع‭ ‬الاختيارات‭ ‬السياسية‭ ‬للحكومة‭ ‬الجديدة،‭ ‬ومع‭ ‬برنامجها‭ ‬الحكومي. ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قيام‭ ‬الحكومة‭ ‬بسحب‭ ‬هذه‭ ‬المشاريع،‭ ‬رغم‭ ‬أهميتها‭ ‬ضمن‭ ‬استراتيجية‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد،‭ ‬دون‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬القوانين‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬أحيلت‭ ‬على‭ ‬البرلمان‭ ‬خلال‭ ‬الولاية‭ ‬التشريعية‭ ‬السابقة؛‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬ادعاءات‭ ‬الحكومة‭ ‬مثيرة‭ ‬للشك‭ ‬والريبة؛‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬تأخر‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬إحالتها‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬بعد‭ ‬انصرام‭ ‬نصف‭ ‬الولاية‭ ‬التشريعية‭ ‬يفند‭ ‬ادعاءاتها؛‭ ‬بل‭ ‬ويعبر‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬محاربة‭ ‬الفساد‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬أولويات‭ ‬هذه‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تفصح‭ ‬عن‭ ‬نواياها‭ ‬التشريعية؛‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تفصح‭ ‬عن‭ ‬مخططها‭ ‬التشريعي‭ ‬حتى‭ ‬يتبين‭ ‬لنا‭ ‬مدى‭ ‬حضور‭ ‬هاجس‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬برنامجها‭ ‬التشريعي‭. ‬
بل‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬سبق،‭ ‬يجعل‭ ‬طرح‭ ‬بعض‭ ‬الأسئلة‭ ‬مشروعا؛‭ ‬من‭ ‬قبيل:‭ ‬ما‭ ‬علاقة‭ ‬سحب‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬الذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬تجريم‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع؛‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أصبحنا‭ ‬نسمع‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬متابعات‭ ‬وتحقيقات‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬أطر‭ ‬ومنتخبين‭ ‬ينتمون‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬إلى‭ ‬أحزاب‭ ‬التحالف‭ ‬الحكومي؛‭ ‬لاشتباه‭ ‬تورطهم‭ ‬في‭ ‬جرائم‭ ‬مختلفة‭ ‬تتعلق‭ ‬بشتى‭ ‬أنواع‭ ‬الفساد؟!‭ ‬بل‭ ‬وإدانة‭ ‬عدد‭ ‬منهم‭ ‬بذلك،‭ ‬وهو‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬مشرعا‭ ‬أمام‭ ‬سيل‭ ‬من‭ ‬التساؤلات/‭ ‬الشكوك‭ ‬الأخرى‭..‬ 
يتوفر‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬معمار‭ ‬مؤسساتي‭ ‬متعدد‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الرقابة‭ ‬لتطويق‭ ‬الفساد،‭ ‬من‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للحسابات‭ ‬ومجالسه‭ ‬الجهوية،‭ ‬ومفتشيات‭ ‬الداخلية‭ ‬والمالية‭ ‬ومفتشيات‭ ‬باقي‭ ‬الوزارات‭ ‬وإمكانيات‭ ‬لجان‭ ‬تقصي‭ ‬الحقائق،‭ ‬والنيابة‭ ‬العامة‭.. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬ينهض‭ ‬هذا‭ ‬المعمار‭ ‬كسد‭ ‬منيع‭ ‬أمام‭ ‬مد‭ ‬الفساد‭ ‬بكل‭ ‬تمظهراته،‭ ‬لماذا؟‭ ‬وأين‭ ‬الخلل؟‭ ‬
طبعا، يمكن‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬حقيقة‭ ‬مفادها‭ ‬أن‭ ‬التشريع‭ ‬المغربي‭ ‬عموما،‭ ‬وفي‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬يعتبر‭ ‬تشريعا‭ ‬متقدما،‭ ‬ومن‭ ‬أحسن‭ ‬التشريعات‭ ‬دوليا‭.‬
وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬المؤسساتية،‭ ‬يتوفر‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد؛‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬اعتمدتها‭ ‬حكومة‭ ‬عبد‭ ‬الإله‭ ‬بنكيران‭ ‬لتغطي‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2016‭ ‬إلى‭ ‬غاية‭ ‬2025،‭ ‬وتضم‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬239‭ ‬مشروعا‭ ‬موزعا‭ ‬على‭ ‬عشرة‭ ‬برامج،‭ ‬منها‭ ‬برنامج‭ ‬تحسين‭ ‬خدمة‭ ‬المواطن،‭ ‬وبرنامج‭ ‬الإدارة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وبرنامج‭ ‬الشفافية‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬المعلومة،‭ ‬وبرنامج‭ ‬الرقابة‭ ‬والمساءلة‭.‬
بل‭ ‬إن‭ ‬الدستور‭ ‬المغربي؛‭ ‬كرس‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬القواعد‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الدستوري‭ ‬للمملكة‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المرتكزات؛‭ ‬ضمنها‭ ‬مبادئ‭ ‬الحكامة‭ ‬الجيدة،‭ ‬وربط‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة؛‭ ‬كما‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬إحداث‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬المستقلة؛‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬الهيئة‭ ‬الوطنية‭ ‬للنزاهة‭ ‬والوقاية‭ ‬من‭ ‬الرشوة‭ ‬ومحاربتها‭.. ‬بل‭ ‬إن‭ ‬المغرب‭ ‬أمضى‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬استقلالية‭ ‬النيابة‭ ‬العامة؛‭ ‬مما‭ ‬يؤشر‭ ‬على‭ ‬إبعادها‭ ‬-في‭ ‬اشتغالها-‭ ‬عن‭ ‬الأجندات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تتغير‭ ‬بتغير‭ ‬الأغلبيات‭ ‬الحكومية‭ ‬والخرائط‭ ‬الانتخابية‭..‬
غير‭ ‬أنه‭ ‬مهما‭ ‬بلغت‭ ‬جودة‭ ‬المنظومة‭ ‬التشريعية،‭ ‬ومهما‭ ‬تطورت‭ ‬المنظومة‭ ‬المؤسساتية؛‭ ‬فإنها‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد؛‭ ‬لأن‭ ‬الذي‭ ‬يمنح‭ ‬لكلتا‭ ‬المنظومتين‭ ‬حياة‭ ‬ويبث‭ ‬فيها‭ ‬الروح‭ ‬هو‭ ‬الإرادة‭ ‬السياسية؛‭ ‬ومن‭ ‬دونها‭ ‬لن‭ ‬تبرح‭ ‬كل‭ ‬التشريعات‭ ‬مكانها؛‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬-في‭ ‬غياب‭ ‬ذلك-‭ ‬لن‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬دينامية‭ ‬شاملة‭ ‬ومستدامة‭ ‬لتعقب‭ ‬الفساد‭ ‬ومكافحته؛‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬ودون‭ ‬محاباة‭. ‬ولذلك‭ ‬فإننا‭ ‬نعتبر‭ ‬أن‭ ‬الهوية‭ ‬السياسية‭ ‬والليبرالية‭ ‬للتحالف‭ ‬الحكومي‭ ‬تفضي‭ ‬بالضرورة‭ ‬إلى‭ ‬عدم‭ ‬إدراج‭ ‬مسألة‭ ‬مكافحة‭ ‬الفساد‭ ‬ضمن‭ ‬الأجندة‭ ‬السياسية‭ ‬للحكومة‭ ‬وأولوياتها‭. ‬ 

 
من‭ ‬باب‭ ‬المفارقة‭ ‬أنه‭ ‬موازاة‭ ‬مع‭ ‬سحب‭ ‬قانون‭ ‬الإثراء‭ ‬غير‭ ‬المشروع،‭ ‬ظهر‭ ‬تسونامي‭ ‬الفساد‭ ‬المالي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى‭ ‬للأحزاب‭ ‬والمنتخبين‭ ‬البرلمانيين‭ ‬والجهويين‭ ‬والجماعيين،‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬أننا‭ ‬انتقلنا‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬المؤسسات‭ ‬إلى‮ ‬«دولة المافيا»؟
على‭ ‬كل‭ ‬حال، يمكنني‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬متابعات‭ ‬وتحقيقات‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬زلزال‭ ‬كبير؛‭ ‬بالنظر‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬المشتبه‭ ‬بهم؛‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬التهم‭ ‬التي‭ ‬يواجهون‭ ‬بها‭.‬
ودون‭ ‬الإخلال‭ ‬بقرينة‭ ‬البراءة‭ ‬وسرية‭ ‬التحقيقات،‭ ‬ومع‭ ‬تأكيدنا‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬الكاملة‭ ‬في‭ ‬القضاء؛‭ ‬يمكننا‭ ‬الجزم‭ ‬أيضا‭ ‬بأن‭ ‬القول‭ ‬بتحول‭ ‬الدولة‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬«مافيا»‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه؛‭ ‬لأن‭ ‬الأمر‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لا‭ ‬يتعلق‭ ‬بدولة‭ ‬بمؤسساتها‭ ‬وأجهزتها،‭ ‬وإنما‭ ‬بشخصيات‭ ‬سياسية‭ ‬وغيرها‭ ‬يشتبه‭ ‬بتورطها‭ ‬فيما‭ ‬نسب‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬تهم.. ‬غير‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬يمكن‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الفساد‭ ‬قد‭ ‬استشرى‭ ‬كثيرا‭ ‬واكتسب‭ ‬نفوذا‭ ‬قويا؛‭ ‬وهذا‭ ‬يحيل‭ ‬-في‭ ‬نظرنا-‭ ‬على‭ ‬أمرين:
أولهما:‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬تؤكد‭ ‬التخوفات‭ ‬التي‭ ‬عبر‭ ‬عنها‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬ومنذ‭ ‬سنوات‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مناسبات‭ ‬ومحطات؛‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬حزبنا‭ ‬قد‭ ‬نبه‭ ‬إلى‭ ‬المحاولات‭ ‬الرامية‭ ‬إلى‭ ‬السطو‭ ‬على‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬مافيا‭ ‬الفساد‭ ‬وتجار‭ ‬المخدرات‭ ‬تحت‭ ‬غطاء‭ ‬بعض‭ ‬المشاريع‭ ‬الحزبية‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬فتئنا‭ ‬نصفها‭ ‬بالتحكمية‭ ‬والهجينة؛‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬تشكلها‭ ‬وطبيعة‭ ‬استقطابها‭ ‬للأعضاء‭....‬
ثانيهما:‭ ‬أن‭ ‬هاجس‭ ‬محاربة‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬والتنمية‭ ‬انتخابيا؛‭ ‬جعل‭ ‬القوم‭ ‬يستبيحون‭ ‬كل‭ ‬الوسائل‭ ‬لبلوغ‭ ‬هذه‭ ‬الغاية؛‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬لجوء‭ ‬الأحزاب‭ ‬المعنية‭ ‬للأسف‭ ‬إلى‭ ‬ترشيح‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الرموز‭ ‬والكائنات‭ ‬الانتخابية؛‭ ‬«القادرة‭ ‬على‭ ‬مواجهته»‭ ‬وحصد‭ ‬أعلى‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬«الأصوات»؛‭ ‬دون‭ ‬تمحيص‭ ‬لسيرة‭ ‬هذه‭ ‬الكائنات‭ ‬وطبيعة‭ ‬عملها‭ ‬بله‭ ‬مؤهلاتها‭ ‬وكفاءتها؛‭ ‬والاكتفاء‭ ‬بما‭ ‬تعد‭ ‬به‭ ‬تلك‭ ‬الكائنات‭ ‬من‭ ‬حظوظ‭ ‬انتخابية‭ ‬نتيجة‭ ‬لنفوذها‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الذمم‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تسخره‭ ‬من‭ ‬مال‭ ‬حرام‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬ذلك،‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬طرق‭ ‬إفساد‭ ‬العملية‭ ‬الانتخابية‭.‬

 
وعلى‭ ‬العموم،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أمرين‭ ‬اثنين‭ ‬في‭ ‬الختام: 
أولا:‭ ‬مطالبتنا‭ ‬بأن‭ ‬تندرج‭ ‬التحقيقات‭ ‬والمتابعات‭ ‬المشار‭ ‬إليها‭ ‬ضمن‭ ‬مقاربة‭ ‬شاملة‭ ‬ومستدامة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الفساد؛‭ ‬وتفعيل‭ ‬مبدأ‭ ‬ربط‭ ‬ممارسة‭ ‬المسؤولية‭ ‬بالمحاسبة؛‭ ‬وضمان‭ ‬المساواة‭ ‬أمام‭ ‬العدالة؛‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬ولا‭ ‬محاباة؛‭ ‬ودون‭ ‬انتقائية‭ ‬أو‭ ‬استهداف؛‭ ‬تحت‭ ‬سقف‭ ‬القاعدة‭ ‬الدستورية‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬قرينة‭ ‬البراءة‭.‬

 
ثانيا:‭ ‬لئن‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬المتابعات‭ ‬والتحقيقات‭ ‬قد‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬التي‭ ‬تفيد‭ ‬بأن‭ ‬السياسيين‭ ‬فاسدون؛‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬ليست‭ ‬قاعدة‭ ‬عامة‭ ‬وشاملة‭ ‬لكل‭ ‬السياسيين؛‭ ‬لأن‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬أفنوا‭ ‬أعمارهم‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الوطن‭ ‬والمواطنين‭ ‬بإخلاص‭ ‬وتفان‭.‬
ولئن‭ ‬كان‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تمكين‭ ‬المواطنات‭ ‬والمواطنين‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬التي‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬تتبع‭ ‬تطورات‭ ‬هذه‭ ‬الملفات‭ ‬أمرا‭ ‬محمودا،‭ ‬فإنه‭ ‬ينبغي‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إبراز‭ ‬النماذج‭ ‬المشرقة‭ ‬والتي‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬الأمل،‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬فعليا‭ ‬مثالا‭ ‬صادقا‭ ‬عن‭ ‬نبل‭ ‬السياسة؛‭ ‬وأن‭ ‬السياسة‭ ‬ليست‭ ‬قرينة‭ ‬ملازمة‭ ‬للفساد‭ ‬بالضرورة،‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬الممكن،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬الأصل،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬السياسة‭ ‬مدخلا‭ ‬للإصلاح‭ ‬والتنمية‭ ‬وخدمة‭ ‬الصالح‭ ‬العام‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬ينبغي‭ ‬-في‭ ‬نظرنا-‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬الأحزاب‭ ‬الوطنية‭ ‬الجادة،‭ ‬ودعمها‭ ‬وتقويتها‭ ‬لكي‭ ‬تضطلع‭ ‬بأدوارها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التأطير‭ ‬والتنمية‭ ‬السياسية‭ ‬والتنشئة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ومراجعة‭ ‬المنظومة‭ ‬الانتخابية‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬استبعاد‭ ‬المشتبه‭ ‬بتورطهم‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬تتعلق‭ ‬بالفساد؛‭ ‬وتمنح‭ ‬الأحقية‭ ‬بتمثيل‭ ‬المواطنين‭ ‬للأطر‭ ‬الحزبية‭ ‬المشهود‭ ‬لها‭ ‬بالكفاءة ‬والنزاهة.