الخميس 6 فبراير 2025
سياسة

بوعسرية: المغاربة المطرودون من بومدين.. الجزائر خالفت الشرع عندما قابلت الإحسان بالإساءة

بوعسرية: المغاربة المطرودون من بومدين.. الجزائر خالفت الشرع عندما قابلت الإحسان بالإساءة الحسين بوعسرية، نائب رئيس التجمع الدولي للمغاربة المطرودين من الجزائر
إذا كانت القوانين الدولية تعطي الحق للضحايا في النسيان، فإن المغاربة ضحايا الترحيل القسري من الجزائر بعد مرور 48 سنة، يرفضون النسيان، وكل سنة وبالضبط في شهر دجنبر يستحضرون ما وقع لهم في خضم تخليد عيد الأضحى، عشرات الآلاف من المغاربة، كانوا يقيمون بشكل قانوني، تم اقتحام بيوتهم ومصادرة ممتلكاتهم، وتشتيت أسرهم، وترحيلهم وكأنهم مجرمين نحو الحدود المغربية الجزائرية، ردا على تنظيم المغرب للمسيرة الخضراء. 
شيوخ وأطفال ونساء ومرضى، لم يدر بخلدهم يوما، أنهم ذات يوم سيقع لهم ما وقع، وقد كانوا يعيشون بسلام وأمن، بل من المرحلين تعسفا، من حمل السلاح في وجه الاستعمار الفرنسي، وآوى المقاومة الجزائرية، حتى نالت هذه الأخيرة استقلالها، لكن ولحسابات انتقامية، قام نظام المقبور، بجريمته الإنسانية، بعد أن رأى ورأى العالم كله، مسيرة خضراء اجتمع فيها مغاربة الشمال لاسترجاع اراضي الجنوب..
بعد 48 سنة، هل ما زال الجرح عميقا؟ وما رسالة الضحايا بعد قرابة نصف قرن؟
جريدة
"أنفاس بريس" تنشر شهادات صادمة للضحايا:
 
 
لم‭ ‬يندمل‭ ‬الجرح‭ ‬بعد،‭ ‬بل‭ ‬قل‭ ‬هي‭ ‬جراح‭ ‬(يبكي)،‭ ‬فرغم‭ ‬قرب‭ ‬مرور‭ ‬50‭ ‬عاما‭ ‬على‭ ‬مأساة‭ ‬ترحيل‭ ‬أسرتي‭ ‬من‭ ‬الجزائر‭. ‬وكنت‭ ‬حينها‭ ‬سنة‭ ‬1975‭ ‬شابا‭ ‬يافعا‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬16‭ ‬سنة،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬أحس‭ ‬بالظلم‭ ‬والغبن‭ ‬جراء‭ ‬هذا‭ ‬الترحيل‭ ‬القسري‭. ‬رأيت‭ ‬النور‭ ‬في‭ ‬وهران‭ ‬الجزائرية،‭ ‬كنت‭ ‬أعتقد‭ ‬أني‭ ‬جزائري‭ ‬بحكم‭ ‬المحيط‭ ‬الذي‭ ‬كنت‭ ‬فيه،‭ ‬بالضبط‭ ‬بحي‭ ‬البدر‭ ‬شارع‭ ‬باي‭ ‬باي‭. ‬لن‭ ‬أنسى‭ ‬هذه‭ ‬الجراح‭ ‬أبدا،‭ ‬لأنها‭ ‬عميقة‭ ‬ولن‭ ‬تستطيع‭ ‬الأيام‭ ‬والشهور‭ ‬والسنين‭ ‬أن‭ ‬تجعلني‭ ‬أنسى‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الأسود‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬عمري‭ ‬حينها‭ ‬16‭ ‬سنة‭.‬

عندما‭ ‬تم‭ ‬اقتيادنا‭ ‬بالقوة‭ ‬إلى‭ ‬الحدود‭ ‬المغربية،‭ ‬ومادام‭ ‬لم‭ ‬نأخذ‭ ‬حقوقنا‭ ‬فالمأساة‭ ‬قائمة‭ ‬والجراح‭ ‬لن‭ ‬تندمل،‭ ‬وما‭ ‬دام‭ ‬أن‭ ‬العدالة‭ ‬لم‭ ‬تتحقق،‭ ‬فإن‭ ‬الفاجعة‭ ‬قائمة‭ ‬أيضا‭. ‬وما‭ ‬أثر‭ ‬فينا‭ ‬أكثر‭ ‬هو‭ ‬معاناة‭ ‬الوالدين‭ ‬(يبكي)،‭ ‬وقد‭ ‬راهنوا‭ ‬على‭ ‬الجزائر‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يعيشوا‭ ‬مثل‭ ‬الجزائريين،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ساهموا‭ ‬في‭ ‬استقلالها‭ ‬عن‭ ‬الاحتلال‭ ‬الفرنسي،‭ ‬فكان‭ ‬جزاؤهما‭ ‬هو‭ ‬الطرد‭. ‬لم‭ ‬نرتكب‭ ‬جرما‭ ‬ولم‭ ‬نتعد‭ ‬حدودنا،‭ ‬لكن‭ ‬جن‭ ‬جنون‭ ‬المقبور‭ ‬هواري‭ ‬بومدين‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬تنظيم‭ ‬المسيرة‭ ‬الخضراء‭ ‬في‭ ‬نونبر‭ ‬1975،‭ ‬لاسترجاع‭ ‬الأقاليم‭ ‬الجنوبية،‭ ‬فكان‭ ‬رده‭ ‬على‭ ‬مسيرة‭ ‬سلمية‭ ‬هي‭ ‬طرد‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬المغربية‭.‬

للأسف‭ ‬بين‭ ‬النظام‭ ‬العسكري‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬أنه‭ ‬ناقض‭ ‬للعهود،‭ ‬و"مافيهش‭ ‬الخير"،‭ ‬بالنظر‭ ‬للتضحيات‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬المغاربة‭ ‬لإخوانهم‭ ‬الجزائريين،‭ ‬والخطير‭ ‬هو‭ ‬أنهم‭ ‬اختاروا‭ ‬يوم‭ ‬عيد‭ ‬الأضحى‭ ‬ليقوموا‭ ‬بفعلتهم‭ ‬النكراء،‭ ‬في‭ ‬ضرب‭ ‬لكل‭ ‬معاني‭ ‬هذا‭ ‬العيد‭ ‬وقدسيته‭ ‬عند‭ ‬المسلمين،‭ ‬وبدون‭ ‬سابق‭ ‬إعلام،‭ ‬كانوا‭ ‬يقتحمون‭ ‬البيوت‭ ‬والمنازل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إخراج‭ ‬جميع‭ ‬المغاربة‭ ‬وترحيلهم‭ ‬قسرا‭ ‬إلى‭ ‬الحدود‭ ‬مع‭ ‬المغرب‭. ‬كانت‭ ‬الأسرة‭ ‬مشتتة‭ ‬بين‭ ‬الأب‭ ‬المغربي‭ ‬والأم‭ ‬الجزائرية،‭ ‬فضاعت‭ ‬الأسر‭ ‬بفعل‭ ‬هذه‭ ‬الحماقات‭ ‬الجزائرية‭. ‬لم‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬توديع‭ ‬جيراننا‭ ‬الذين‭ ‬كنا‭ ‬معهم‭ ‬في‭ ‬الحي‭ ‬ولم‭ ‬نستطع‭ ‬بيع‭ ‬ممتلكاتنا،‭ ‬لقد‭ ‬تم‭ ‬اقتلاعنا‭ ‬من‭ ‬بيوت‭ ‬رأيت‭ ‬فيها‭ ‬النور‭ ‬مع‭ ‬إخوتي،‭ ‬الأرض‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نعيش‭ ‬فيها‭ ‬بأمن‭ ‬وسلام‭. ‬إلى‭ ‬اليوم،‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬48‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المأساة،‭ ‬نتساءل‭ ‬ما‭ ‬ذنب‭ ‬هؤلاء‭ ‬المرحلين‭ ‬قسرا؟‭ ‬وأدركنا‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬أنه‭ ‬بسبب‭ ‬مغربيتنا‭ ‬تم‭ ‬الانتقام‭ ‬منا،‭ ‬وهذا‭ ‬مخالف‭ ‬لكل‭ ‬الشرائع‭ ‬والقوانين‭ ‬والأعراف‭.‬

اليوم‭ ‬بعد‭ ‬48‭ ‬سنة،‭ ‬مطلبنا‭ ‬هو‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬للضحايا،‭ ‬في‭ ‬دجنبر‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬سنة‭ ‬يتجدد‭ ‬الألم‭ ‬والجراح،‭ ‬ولا‭ ‬حول‭ ‬ولاقوة‭ ‬إلا‭ ‬بالله‭. ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬الجزائر‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأنها‭ ‬ارتكبت‭ ‬جريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬ممثلين‭ ‬في‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المغاربة‭ ‬الأبرياء،‭ ‬شتت‭ ‬أسرهم،‭ ‬وصادرت‭ ‬ممتلكاتهم‭. ‬هي‭ ‬جريمة‭ ‬مكتملة‭ ‬الأركان،‭ ‬ينظمها‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتم‭ ‬ترحيلنا‭ ‬رغم‭ ‬توفرنا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬وثائق‭ ‬الإقامة‭ ‬والهوية‭ ‬ولسنا‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬غير‭ ‬شرعية‭. ‬لقد‭ ‬رأينا‭ ‬النور‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬وعاش‭ ‬آباؤنا‭ ‬وأجدادنا‭ ‬هناك،‭ ‬وحملوا‭ ‬السلاح‭ ‬مع‭ ‬إخوانهم‭ ‬الجزائريين‭ ‬ضد‭ ‬المستعمر‭ ‬الفرنسي،‭ ‬فهل‭ ‬جزاء‭ ‬الإحسان‭ ‬هو‭ ‬الطرد؟‭ ‬على‭ ‬الجزائر‭ ‬تعويض‭ ‬الضحايا‭ ‬ماديا‭ ‬ومعنويا،‭ ‬ولن‭ ‬نتخلى‭ ‬عن‭ ‬حقوقنا‭.‬