الأربعاء 27 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

محمد الشمسي: إلى السيد مشعل.. رغم أنكم لا تهتمون لقضيتنا فنحن ندعم قضيتكم...

محمد الشمسي: إلى السيد مشعل.. رغم أنكم لا تهتمون لقضيتنا فنحن ندعم قضيتكم... محمد الشمسي
السيد خالد مشعل:
يعلم الله أنه منذ تاريخ 7 أكتوبر  2023 حين باغتت المقاومة الفلسطينية المحتل الإسرائيلي وأيدينا على قلوبنا نعض على الشفاه، متيقنين متوجسين أن الرد سيكون وحشيا على إخواننا في فلسطين، لكن الذي خفض من منسوب فزعنا أنكم شعب الجبارين مبعث الصمود والممانعة، وعشنا ولا نزال آلامكم التي أفقدتنا الرغبة في الحياة، وتلك الأنظمة الغربية تتكالب، والعربية تصمت، وجثامين أطفالكم الذين لا نحسبهم  إلا في درجة أطفالنا تحاصرنا تبكينا وتوجعنا...
لكن يا أخي الكريم، وفي غمرة انشغالنا بدموية وهمجية المجازر التي أبان فيها المحتل الإسرائيلي عن وحشيته،  فاجأتنا أخي خالد نحن المغاربة، بكلمة خاطبتنا فيها  وكأننا وكلناك أمرنا، أو بايعناك أميرا علينا، حدثتنا في ما يشبه الأمر  أن نضغط على نظامنا وسلطاتنا، من أجل قطع علاقة مملكتنا مع الكيان الإسرائيلي، وبأسلوب ملتبس فيه كثير من سبق الإصرار والترصد لتلويث سيرة وطننا وقراراته ربطت بين القضية الفلسطينية التي يعود تاريخها الى زمن الاحتلالين العثماني والبريطاني أواسط القرن الماضي ، وبين علاقة المغرب بإسرائيل الموقعة في 2020.   
واسمح لي أخي الكريم أن أرد على دعوتك لنا نحن معشر المغاربة،وأنا لست في علو مقامك، من حيث غزير علمك، وتنوع معارفك، وكثير تجاربك، بتذكيرك بما ساهم به بلدنا المغرب للذوذ عن فلسطين في حروب ومواجهات متتالية مع المحتل الإسرائيلي،  لقد دفع المغرب أرواح أبنائه، وسالت دماء المغاربة هناك، من أجل فلسطين وسوريا ومصر ولبنان والأردن، لقد آمن المغاربة بالقضية الفلسطينية ولا يزالون إيمانا راسخا كإيمانهم بفرائض الإسلام، وساندنا فلسطين متجاوزين أواصر الدم واللغة والدين ، ولا لأنها موطن القدس والمسجد الأقصى، فهذا شأن ديني جماعي لا يستأثر به المسلم دون المسيحي وحتى اليهودي لأن التاريخ يلزمنا بذلك، نسند فلسطين لأنها قضية عادلة وقضية إنسانية، لأنها قضية شعب مظلوم مغبون تعرض ويتعرض لظلم من هوله وفظاعته لم تجعل له اللغة من قبل وصفا ولا سميا...
لكن أخي الفاضل نحن في المغرب كذلك لنا قضيتنا المرتبطة بوحدتنا الترابية، نجاور فيها أخا عدوا يبدل الغالي والنفيس ليمزقنا وينهش جزءا منا يسلمه لعصابة انفصالية ليحاصرنا بها من الجهات الثلاث، ولا أظنك أخي خالد جاهلا بذلك، وقد حاربنا منذ أواسط السبعينيات إلى مستهل التسعينيات عددا كبيرا من جيوش العالم الانتهازي الذي تواطأ ضد مغربنا...
فهل ساندتمونا بقول أو كلمة حق، كما ساندناكم  ونساندكم في محنكم ؟ هل صرحتم يوما بحقنا على أرضنا بذات الجرأة التي تجرأت على مخاطبتنا بها؟ بل إن التاريخ يحتفظ لكم أنتم السياسيون القياديون الفلسطينيون بسوابق غير أخوية وغير بريئة حين انغمستم مع المتواطئين ضد صحرائنا، وسامرتم المرتزقة المأجورين لتقسيم مملكتنا، هناك شرقنا حيث يقبع نظام مجاور هو مصدر كل الشرور ، وإن غفلت المحطات فالشاهد بيننا ذاكرة غوغل فهي توثق بالصوت والصورة، ولم نشأ أن نعاملكم بالمثل لأن شهامتنا  تمنعنا من أن نزر وازرة وزر الأخرى، فنحن ندعم القضية والشعب وليس الأشخاص...
هل خيرناكم يوما بيننا كمغرب وبين الأخ العدو الذي وضعته الجغرافية شرق مملكتنا؟ وهل قايضنا دعمنا لكم بقطع علاقاتكم به وهو يتحرش بوحدتنا مثل ضبع مسعور؟
ثم ماذا عن علاقتكم مع النظام الإيراني الذي تسبحون بحمده متوهمين أنه يدافع عنكم وقد رأيتم أنه في كل عدوان إسرائيلي عليكم يتاجر بعذاباتكم ويكسب بها نقطا لدى الغرب دون أن يمدكم برصاصة، ودون أن يسجل له قتل جندي واحد من جنود الاحتلال، النظام الإيراني يا سيد مشعل متورط حتى القاع في مخطط اجتزاء صحرائنا منا، وهو يدرب المرتزقة في الدولة الأخت العدوة جارتنا ويمدهم بالسلاح ، فهل طالبناكم بقطع علاقتكم بالنظام الإيراني لأنه يهددنا في وحدتنا الترابية وفي أمننا وسلمنا و بإيعاز من جارتنا الشرقية التي لا تقل شرا عن دولة الاحتلال التي تعانون من كيدها؟
وأختم معك السيد مشعل أن المغاربة كانوا أكثر وفاء للقضية الفلسطينية من عدد كبير من الفلسطينيين أنفسهم ممن اختاروا أن يكونوا عملاء جواسيس للمحتل وأمدوه بأمكنة تواجد كوادر وطنية فاغتالهم الإسرائيلي بسهولة، فلا تجهلوا علينا يا أخ خالد، دون تذكيرك بتطبيع السلطة الفلسطينية ودول الجوار...
لم تكن موفقا أخي مشعل في مخاطبة المغاربة بلغة تبعث على الفتنة، وتسعى إلى إشعال فتيلها، فقد مشينا في المسيرات الداعمة لفلسطين، واصطحبنا أبناءنا معنا وعلمناهم في بيوتنا أن الحق مع فلسطين وأن فلسطين هي الحق، وفعلنا ونفعل ذلك واجبا وفرضا علينا.
 اخي مشعل :
أنت أعلم الناس أن علاقة المغرب مع دولة الاحتلال كانت عملية جراحية معقدة ومركبة أملتها ضرورة استراتيجية، بعدما تبين للمغرب أن الأشقاء يترصدون ويتربصون بوحدة أرضه، ولعابهم يسيل على تقسيمه وتقزيمه، فماذا نحن فاعلون لإنقاذ وطننا وأنتم أسياد العالم في حب وطنكم؟ أنتم الذين تضحون بأرواحكم ليحيا وطنكم، وتضعون الدماء رهن إشارة الوطن، فكيف لنا نحن ألا نتحالف مع الشيطان إن عثرنا عليه للدفاع عن وطننا ووحدتنا، ونربط علاقة مع كل عصابة ذات تأثير ونفوذ على العالمين، لعلنا نرد تكالب الأشقاء الأعداء الذين يوزعون ثروات أوطانهم على الأنظمة، ويجوعون شعوبهم لأجل تقسيم وطننا؟ قل لي أيها المناضل العاشق لوطنه، لماذا تحرمنا من الدفاع عن وطننا بالطريقة التي نقررها و نراها سديدة ناجعة فعالة؟ فنحن لم نعاتبكم ولم نلمكم ولن نفعل على أنكم بادرتم بمهاجمة الاحتلال وفتحتم أبواب جهنم على الشعب الأعزل، فذاك حقكم المقدس وأنتم من يعلن متى وكيف تدافعون عنه، فلماذا تمنحون لأنفسكم حرية بلا حدود للدفاع عن وطنكم وقتما وزمنما تشاؤون، وتملون علينا كيف ندافع عن وطننا؟ وكيف نحمي أرضنا؟ ومع من نتحالف؟ 
في الختام أخي مشعل سنظل أوفياء داعمين لفلسطين، نتوجع لأوجاعها بالقلم واللسان وذلك أضعف الإيمان، وستظل إسرائيل دولة احتلال، فقط أهمس في أذنك باحترام، فأنا أربأ بك أن تكون مكبر صوت للنظام الجزائري الذي يبدو وكأنه هو مؤلف كلمتك وملحنها، وتكلفت أنت فقط بالأداء..
مع خالص مودتي .
 
محمد الشمسي                            
(مواطن مغربي يحب وطنه أولا وباقي الدول والقضايا تأتي بعد ذلك)