النظام الأساسي الجديد خلق توترا غير مسبوق في المنظومة التربوية بدت آثاره مباشرة بعد صدوره بشكل أثر فعليا على الموسم الدراسي وهو لا يزال في شهوره الأولى، وينتظر إن استمر الوضع على حاله أن يعرقل السير الدراسي ويهدر زمن التعلم بشكل سيصعب تداركه كلما طال أمد الاحتجاجات والاضرابات.
وسؤال المسؤولية عن هذا الوضع لم يعد اليوم سؤالا ذا معنى، إلا على سبيل استخلاص الدروس استقبالا، فمقارنة بصدور النظامين الأساسيين السابقين: نظام 1985، ونظام 2003، رغم الآثار الجانبية لكل منهما، وتضرر بعض الفئات من بعض المقتضيات، إلا أن الجو العام الذي استقبل فيه كل منهما يمكن وصفه بالإيجابي لما تضمناه من مواد محفزة، مع إجراءات مواكبة همت تحسين الوضعية المادية. أما إذا أخذنا النظام الحالي، فتقريبا لا نكاد نجد فئة راضية عنه، فحتى إن لم تر نفسها متضررة، فهي لا تلمس إجراءات آنية تنعكس على وضعيتها المادية. كل هذا رغم أن الوقت التي تطلبه إعداد هذا المشروع قبل اعتماده ليس هينا، بل تم تمديده بأكثر من سنة، وكانت هناك لقاءات مع المركزيات النقابية بما يعطي الانطباع أن هناك مقاربة تشاركية في الإعداد، ليتضح فيما بعد أن النقابات المشاركة بدرورها غير راضية. وهو ما يطرح سؤال حكامة القطاع، ومدى قدرة الوزارة على تجاوز القرارات الأحادية الجانب في الكثير من القضايا التي تهم رجال ونساء التعليم.
فما العمل الآن؟ هل نبقى متلاومين، أم نبدأ خطوات جدية نحو حلول عملية تصب في النهاية في مصلحة المدرسة المغربية العمومية والمتعلمين المستفيدين من خدماتها؟
في تقديري أن أولى الخطوات هي تجاوز شد الحبل، والنظر لمصلحة التلاميذ والمنظومة التربوية التي تنوء بمشاكل كثيرة ولا قبل لها بإضافة أخرى. فلا مناص من الاستماع لمطالب الفئات المتضررة، والاستجابة للعادل منها، فضلا على اتخاذ إجراءات آنية لتحسين وضعية مختلف العاملين في القطاع حتى ينخرط الجميع بفاعلية في مشروع الإصلاح. ونأمل أن تكون مبادرة رئيس الحكومة في الاجتماع ببعض النقابات خطوة في الطريق الصحيح فالموضوع يحتاج إلى تدخل استعجالي لا إلى تسويف.
محمد سالم بايشى/ مفتش تربوي سابق وخبير تربوي