Tuesday 6 May 2025
سياسة

تاج الدين الحسيني: المغرب حكيم فـي موقفه ضد "البوليساريو" وما حدث فـي السمارة يمكن تصنيفه "إرهابا"

تاج الدين الحسيني: المغرب حكيم فـي موقفه ضد "البوليساريو" وما حدث فـي السمارة يمكن تصنيفه "إرهابا" تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بالرباط
أكد‭ ‬تاج‭ ‬الدين‭ ‬الحسيني،‭ ‬أستاذ‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بكلية‭ ‬الحقوق-‭ ‬جامعة‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬أكدال،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬حدتث‭ ‬بمدينة‭ ‬السمارة‭ ‬مؤخرا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تصنف‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية،‭ ‬مادامت‭ ‬لم‭ ‬توجه‭ ‬إلى‭ ‬الأماكن‭ ‬العسكرية،‭ ‬أو‭ ‬التكنات،‭ ‬أو‭ ‬مناطق‭ ‬الحدود‭ ‬الحربية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬أعمال‭ ‬وُجهت‭ ‬إلى‭ ‬أحياء‭ ‬مدنية‭ ‬محضة،‭ ‬مناطق‭ ‬سكنية:‭ ‬حي‭ ‬السلام،‭ ‬حي‭ ‬لازاب‭ ‬"ZAP"‭ ‬بمدينة‭ ‬السمارة،‭ ‬وهي‭ ‬مناطق‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬التكنات‭ ‬العسكرية،‭ ‬والمراكز‭ ‬الدفاعية‭ ‬للقوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭.‬

وشدد‭ ‬المتحدث‭ ‬ذاته‭ ‬أنه‭ ‬بالنسبة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وقانون‭ ‬الحرب،‭ ‬أي‭ ‬أطراف‭ ‬تقوم‭ ‬بأعمال‭ ‬عسكرية،‭ ‬ينبغي‭ ‬ألا‭ ‬تتوجه‭ ‬إلى‭ ‬الأماكن‭ ‬المدنية،‭ ‬وإلا‭ ‬تم‭ ‬اعتبار‭ ‬ذلك‭ ‬يقع‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬مخالفة‭ ‬قانون‭ ‬الحرب،‭ ‬وكذلك‭ ‬تحت‭ ‬طائلة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬الإنساني،‭ ‬وبالتالي،‭ ‬ما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬البوليساريو،‭ ‬واعترفت‭ ‬به،‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭.‬

وفي‭ ‬حديثه‭ ‬عن‭ ‬مسألة‭ ‬تصنيف‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬إرهابية،‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬قال‭ ‬أستاذ‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بكلية‭ ‬الحقوق-‭ ‬جامعة‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬أكدال:"كما‭ ‬نعلم،‭ ‬العمل‭ ‬الإرهابي،‭ ‬يرتبط‭ ‬عادة‭ ‬باستعمال‭ ‬العنف،‭ ‬بواسطة‭ ‬شخص‭ ‬معين،‭ ‬أو‭ ‬عدة‭ ‬أشخاص،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬معينة،‭ ‬وبالتحليل‭ ‬العميق‭ ‬للأعمال‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬ارتكابها‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬البوليساريو،‭ ‬وأهدافها،‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬نشر‭ ‬الذعر‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬المواطنين‭ ‬المتواجدين‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬فهذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف"‭.‬

وأضاف‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار: "تصنيف‭ ‬العمل‭ ‬هل‭ ‬هو‭ ‬إرهابي‭ ‬أم‭ ‬لا،‭ ‬هو‭ ‬ذو‭ ‬طبيعة‭ ‬سياسية،‭ ‬ترتبط‭ ‬بالموقع‭ ‬الإيديولوجي‭ ‬للطرف‭ ‬الذي‭ ‬يأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف،‭ ‬مثلا‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تصنف‭ ‬بعض‭ ‬الجهات‭ ‬بالإرهابية،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬فيها‭ ‬هاته‭ ‬الشروط،‭ ‬وبالتالي‭ ‬حتى‭ ‬المنظور‭ ‬الإيديولوجي‭ ‬للطرف‭ ‬المصنف،‭ ‬يلعب‭ ‬دورا‭ ‬أساسيا‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬هكذا‭ ‬مواقف‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالموقف‭ ‬المغربي‭ ‬تجاه‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬بمدينة‭ ‬السمارة،‭ ‬أبرز‭ ‬الحسيني‭ ‬أن‭ ‬"الموقف‭ ‬المغربي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الحكمة‭ ‬بما‭ ‬كان،‭ ‬ولو‭ ‬أن‭ ‬البوليساريو‭ ‬أصدرت‭ ‬ما‭ ‬أسمته‭ ‬البيان‭ ‬901‭ ‬معلنة‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬أنها‭ ‬تتبنى‭ ‬فيه‭ ‬تلك‭ ‬العملية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬أخذ‭ ‬موقفا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬قانوني‭ ‬محض،‭ ‬بداية‭ ‬من‭ ‬التعليمات‭ ‬بإجراء‭ ‬بحث‭ ‬معمق‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬القانون،‭ ‬تم‭ ‬إسناد‭ ‬المهمة‭ ‬إلى‭ ‬الوكيل‭ ‬العام‭ ‬للملك‭ ‬بمحكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الأمر‭ ‬بإجراء‭ ‬بحث‭ ‬تفصيلي‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬المغرب‭ ‬ينتظر‭ ‬أيضا‭ ‬ما‭ ‬ستسفر‭ ‬عنه‭ ‬تحريات‭ ‬المينورسو‭ ‬التي‭ ‬مهمتها‭ ‬الأساسية‭ ‬هي‭ ‬مراقبة‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

وزاد‭ ‬أستاذ‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬بكلية‭ ‬الحقوق‭ ‬قائلا: "بالأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬التحريات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬السلطات‭ ‬المغربية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قرار‭ ‬الوكيل‭ ‬العام‭ ‬للملك،‭ ‬والتقرير‭ ‬الذي‭ ‬ستتقدم‭ ‬به‭ ‬المينورسو‭ ‬بخصوص‭ ‬الوضعية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬والمخالفات‭ ‬التي‭ ‬ارتكبتها‭ ‬البوليساريو،‭ ‬فهذا‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬صورة‭ ‬كاملة‭ ‬لما‭ ‬حدث،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال،‭ ‬هذه‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬ستتضمن‭ ‬أيضا‭ ‬تقرير‭ ‬المينورسو،‭ ‬ستعطي‭ ‬للمغرب‭ ‬صلاحية‭ ‬التوجه‭ ‬بشكاية‭ ‬مستقلة،‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حتى‭ ‬المطالبة‭ ‬عقد‭ ‬جلسة‭ ‬استثنائية‭ ‬هدفها‭ ‬الرئيسي‭ ‬هو‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬خرق‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭ ‬مع‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬سنة‭ ‬1991‭ ‬وبالتالي‭ ‬يمكن‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬أن‭ ‬يرتب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬اتخاذ‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬العقوبات‭ ‬ضد‭ ‬البوليساريو،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬الأعمال‭ ‬العدوانية‭ ‬بالتراب‭ ‬المغربي،‭ ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬مخالفتها‭ ‬لالتزام‭ ‬دولي‭ ‬صريح،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬العسكري‭ ‬رقم‭ ‬1‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬عليها‭ ‬عدم‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭.‬

وأضاف‭ ‬تاج‭ ‬الدين‭ ‬الحسيني،‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لبوليساريو‭ ‬لها‭ ‬تفسيراتها‭ ‬لهذه‭ ‬الوضعية،‭ ‬هي‭ ‬تعتبر‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬عندما‭ ‬قام‭ ‬باسترجاع‭ ‬ممر‭ ‬الكركارات،‭ ‬وطرد‭ ‬الموجودين‭ ‬هناك،‭ ‬أنه‭ ‬قام‭ ‬بعمل‭ ‬عسكري‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬التزام‭ ‬الأطراف‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المقاربة‭ ‬غير‭ ‬مقبولة‭ ‬مطلقا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬القانونية،‭ ‬فالذي‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بهذا‭ ‬التقييم،‭ ‬ليس‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية،‭ ‬بل‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬وحده‭ ‬المخول‭ ‬له‭ ‬هذا‭ ‬الموقف،‭ ‬ولم‭ ‬يسبق‭ ‬إطلاقا‭ ‬لمجلس‭ ‬الأمن‭ ‬أن‭ ‬اتخذ‭ ‬موقفا‭ ‬بخرق‭ ‬قرار‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭. ‬وبالتالي‭ ‬هذا‭ ‬الخرق‭ ‬يعطي‭ ‬للبوليساريو‭ ‬حجة‭ ‬التنصل‭ ‬من‭ ‬القانون،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬بحال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‭ ‬أن‭ ‬نعتبر‭ ‬تطهير‭ ‬الكركارات،‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬المغربية‭ ‬بمثابة‭ ‬خرق‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الأمر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يتعلق‭ ‬بأعمال‭ ‬حربية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬أمنية‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬القوات‭ ‬المسلحة‭ ‬الملكية‭ ‬لفتح‭ ‬الطريق‭ ‬الحيوي‭ ‬الذي‭ ‬يفصل‭ ‬المغرب،‭ ‬وموريتانيا،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬أي‭ ‬إصابات‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬ولا‭ ‬إراقة‭ ‬للدماء،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لن‭ ‬يصمد‭ ‬تكييف‭ ‬أنه‭ ‬خرق‭ ‬لقرار‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬لأي‭ ‬نقاش‭ ‬قانوني،‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬موقف‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬نفسه،‭ ‬وبالتالي‭ ‬ما‭ ‬قمت‭ ‬به‭ ‬البوليساريو‭ ‬بالسمارة،‭ ‬قانونا‭ ‬هو‭ ‬خرق‭ ‬للقرار‭ .‬