أكد تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق- جامعة محمد الخامس أكدال، على أن الأعمال التي حدتث بمدينة السمارة مؤخرا يمكن أن تصنف في دائرة الأعمال الإرهابية، مادامت لم توجه إلى الأماكن العسكرية، أو التكنات، أو مناطق الحدود الحربية، بل هي أعمال وُجهت إلى أحياء مدنية محضة، مناطق سكنية: حي السلام، حي لازاب "ZAP" بمدينة السمارة، وهي مناطق بعيدة عن التكنات العسكرية، والمراكز الدفاعية للقوات المسلحة الملكية.
وشدد المتحدث ذاته أنه بالنسبة للقانون الدولي، وقانون الحرب، أي أطراف تقوم بأعمال عسكرية، ينبغي ألا تتوجه إلى الأماكن المدنية، وإلا تم اعتبار ذلك يقع تحت طائلة مخالفة قانون الحرب، وكذلك تحت طائلة القانون الدولي الإنساني، وبالتالي، ما قامت به البوليساريو، واعترفت به، يدخل في هذا الإطار.
وفي حديثه عن مسألة تصنيف هذه الأعمال إرهابية، أو غير ذلك، قال أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق- جامعة محمد الخامس أكدال:"كما نعلم، العمل الإرهابي، يرتبط عادة باستعمال العنف، بواسطة شخص معين، أو عدة أشخاص، من أجل تحقيق أهداف معينة، وبالتحليل العميق للأعمال التي تم ارتكابها من طرف البوليساريو، وأهدافها، من قبيل نشر الذعر في صفوف المواطنين المتواجدين في المنطقة، فهذا يمكن أن يدخل في إطار هذا التصنيف".
وأضاف في هذا الإطار: "تصنيف العمل هل هو إرهابي أم لا، هو ذو طبيعة سياسية، ترتبط بالموقع الإيديولوجي للطرف الذي يأخذ بعين الاعتبار هذا التصنيف، مثلا الولايات المتحدة تصنف بعض الجهات بالإرهابية، وإن كانت في حقيقة الأمر لا تتوفر فيها هاته الشروط، وبالتالي حتى المنظور الإيديولوجي للطرف المصنف، يلعب دورا أساسيا في اتخاذ هكذا مواقف.
وفيما يتعلق بالموقف المغربي تجاه الأحداث التي وقعت بمدينة السمارة، أبرز الحسيني أن "الموقف المغربي كان من الحكمة بما كان، ولو أن البوليساريو أصدرت ما أسمته البيان 901 معلنة من خلاله أنها تتبنى فيه تلك العملية، إلا أن المغرب أخذ موقفا في إطار قانوني محض، بداية من التعليمات بإجراء بحث معمق في إطار القانون، تم إسناد المهمة إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف من أجل الأمر بإجراء بحث تفصيلي في الموضوع، المغرب ينتظر أيضا ما ستسفر عنه تحريات المينورسو التي مهمتها الأساسية هي مراقبة وقف إطلاق النار.
وزاد أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق قائلا: "بالأخذ بعين الاعتبار التحريات التي تقوم بها السلطات المغربية من خلال قرار الوكيل العام للملك، والتقرير الذي ستتقدم به المينورسو بخصوص الوضعية في المنطقة، والمخالفات التي ارتكبتها البوليساريو، فهذا من شأنه أن يقدم صورة كاملة لما حدث، وبطبيعة الحال، هذه الصورة التي ستتضمن أيضا تقرير المينورسو، ستعطي للمغرب صلاحية التوجه بشكاية مستقلة، إلى مجلس الأمن من أجل حتى المطالبة عقد جلسة استثنائية هدفها الرئيسي هو البحث في خرق إطلاق النار المتفق عليه مع الأمم المتحدة سنة 1991 وبالتالي يمكن لمجلس الأمن أن يرتب على هذه الأعمال اتخاذ نوع من العقوبات ضد البوليساريو، ليس فقط فيما يخص الأعمال العدوانية بالتراب المغربي، بل أكثر من ذلك، مخالفتها لالتزام دولي صريح، يتمثل في الاتفاق العسكري رقم 1 الذي يفرض عليها عدم إطلاق النار.
وأضاف تاج الدين الحسيني، أنه يمكن أن يكون لبوليساريو لها تفسيراتها لهذه الوضعية، هي تعتبر أن المغرب عندما قام باسترجاع ممر الكركارات، وطرد الموجودين هناك، أنه قام بعمل عسكري أدى إلى إلغاء التزام الأطراف بوقف إطلاق النار، إلا أن هذه المقاربة غير مقبولة مطلقا من الناحية القانونية، فالذي من شأنه أن يقوم بهذا التقييم، ليس الأطراف المعنية، بل مجلس الأمن وحده المخول له هذا الموقف، ولم يسبق إطلاقا لمجلس الأمن أن اتخذ موقفا بخرق قرار إطلاق النار. وبالتالي هذا الخرق يعطي للبوليساريو حجة التنصل من القانون، ولا يمكن بحال من الأحوال أن نعتبر تطهير الكركارات، من طرف القوات المسلحة المغربية بمثابة خرق لإطلاق النار، خاصة وأن الأمر لم يكن يتعلق بأعمال حربية، بل هي عملية أمنية قامت بها القوات المسلحة الملكية لفتح الطريق الحيوي الذي يفصل المغرب، وموريتانيا، ولم تكن أي إصابات في هذه العملية، ولا إراقة للدماء، وبالتالي لن يصمد تكييف أنه خرق لقرار إطلاق النار لأي نقاش قانوني، ولا من خلال موقف مجلس الأمن نفسه، وبالتالي ما قمت به البوليساريو بالسمارة، قانونا هو خرق للقرار .