أصدرت وكالة FRA المتخصصة في الحقوق الأساسية لدى الاتحاد الأوروبي دراسة تؤكد فيها أن منسوب العنصرية في أوروبا بسبب لون البشرة، وأصل المنشأ تصاعد في السنوات الخمس الأخيرة، وأن ألمانيا تحتل صدارة قائمة الدول الأوربية في ذلك.
وتؤكد الدراسة التي تناولت ثلاث عشرة دولة، أن معدل ضحايا العنصرية الذين شاركوا فيها - بسبب اللون أو الأصل أو الدين - ارتفع إلى 45 في المائة، وأن ألمانيا، التي ينحدر واحد من كل أربعة أشخاص يعيشون فيها حاليًا من أصول أجنبية، تجاوزت نسبة العنصرية فيها كل الدول الثلاث عشرة، إذ بلغ المعدل فيها 75 في المائة، في حين لا تتجاوز دول مجاورة مثل بولونيا العشرين في المائة.
وتشير الدراسة إلى أن المعاملة العنصرية بسبب لون البشرة الداكن فاقت بقية الأسباب الأخرى التي تشمل الأصل العرقي، والدين، والثقافة، كما أن مجال البحث عن الوظيفة يعتبر أكثر المجالات التي يتعرض فيها الضحايا للعنصرية، ليأتي بعده البحث عن السكن، والمعاملة أثناء العمل.
وتنسجم هذه النتيجة المؤلمة بشكل كبير مع التطورات المسجلة على مستوى مؤسسات الدولة، والمؤسسات البحثية المعنية بالموضوع، حيث تم الإعلان عن أن 90 في المائة من الألمان يوافقون على صحة جملة „ألمانيا فيها عنصرية“، وأن 80 في المائة منهم يحددون مجالات ممارسة التمييز العنصري في المدرسة، والعمل، والسكن، مما يؤكد على تواتر شعور عام بتغلغل العنصرية في عمق المجتمع، ومؤسساته.
تأتي هذه الأبحاث التي اعتبرت الأولى في شموليتها، وتمثيلها لشرائح المجتمع المختلفة، وزوايا النظر إلى الموضوع مشمولة باعتراف واضح بالتأخر في معالجة الموضوع، وضياع خيوط كثيرة في قصة التمييز العنصري في البلاد، مما أفلت الكثيرين من سيف العدالة، في حين كانت نخب المجتمع قد انتبهت إلى خطورة الأمر في التسعينات من القرن الماضي، حين برزت العنصرية في شكل اعتداءات على الأجانب في القرى، والمدن الصغيرة. وتعتبر شريحة المثقفين من أبرز من قام بدور مهم في توعية الناس بخطورة الأمر، وأسست من أجل ذلك مؤسسة وقفية تشرف على "الأسابيع الدولية للمحاربة العنصرية"، إضافة إلى مؤسسة "جنبا إلى جنب" التي أنشئت في السنوات الأخيرة، وتهتم بالدرجة الأولى بالضحية الذي عادة ما يتم إهماله عند وقوع حادث عنصري.