لرصد تفاعل المثقف المغربي مع ما يقع في غزة من دمار واعتداء على الحق في الحياة الذي يروح ضحيته الصغار قبل الكبار، اتصلت "أنفاس بريس" بمثقفين وشعراء مغاربة وطرحت عليهم 3 أسئلة تروم إلى تقريب القارئ من تفاعلهم مع تفاصيل العدوان الهمجي على غزة وانعكاس ذلك على إبداعاتهم الأدبية والشعرية وتفسيرهم لنعت المثقف المغربي بالصامت إزاء ما يجري. في هذا الحوار الكلمة للشاعر إدريس علوش.
كيف تتفاعل مع تفاصيل العدوان الهمجي الذي تشنه إسرائيل على غزة؟
هذا ليس هو العدوان الصهيوني الغادر والغاشم الأول على غزة،وللأسف لن يكون الأخير ولن يزول العدوان على غزة وعلى فلسطين، إلا بزوال هذا الكيان المستحدث والمزروع في منطقة صميمة من جغرافية العالم العربي، وهو كيان غير مرغوب فيه لا حضاريا ولا إنسانيا، مادام كيانا لا صلة له بهذين البعدين. لكن هذه المرة أضحى هذا العدوان أكثر شراسة، وعدد الشهداء تجاوز الألفين شهيدا ولا يزال الرقم مرشحا للارتفاع، ما دام العدوان مستمر ويجابه بصمت عربي رسمي رهيب، كما أن المنتظم الدولي يقف موقف المتفرج، ناهيك على حجم الخراب الذي طال المؤسسات المدنية (المدارس والمستشفيات ..) والفضاءات العامة،ولم يستثن العدوان البيوت وكل ماله صلة وصل بالحياة العامة للناس. أسجل أن المقاومة الباسلة على أرض الميدان دورها هذه المرة مختلف،لأنه فني وتقني ونوعي، فقد أنجزت المقاومة الفلسطينية بمكوناتها الفصائلية المقاتلة عمليات قوية وكبدت العدو الغاصب مايستحقه من خسائر. وحتى أكون معك صريحا وواضحا أنا لا أتفاعل مع المعركة، بقدر ما اعتبر نفسي فاعلا (في حدود إمكانياتيالتي يوفرها فضاء التواصل الاجتماعي) في فضح العدوان من جهة والإفصاح عن منجزات المقاومة على الأرض وتسليط الضوء على الحراك التضامني ليس في العلم العربي، بل في العالم وتحديدا قارة أمريكا اللاتينية، التي تسمي الأسماء بمسمياتها وتتخذ المواقف النبيلة اتجاه عدالة قضية الشعب الفلسطيني.
هل تتوقع أن تتمثل إبداعاتك القادمة جزءا من هذا العدوان؟
بالنسبة لي ومنذ وعيت فعل الكتابة،تدخل القضية الفلسطينية من باب انشغالاتيالإبداعيةاستنادا إلى وعيي السياسي النقدي الذي يؤمن بان القضية الفلسطينية كانت ولا تزال وستبقى قضية وطنية، وتشكل لدي هذا الوعي منذ سنة 1975 وأنا طفل، عندما رأيت ملصقات الشهيد الأصيلي "عبد الرحمن اليزيد امزغار" في جداريات المدينة. بالإضافة إلى ذلك جل الفصائل الفلسطينية من الجبهة الشعبية إلى الجبهة الديمقراطية وحماس والجهاد وفتح، ممثلة في النسيج السياسي المغربي كل توجه ينتصر لقيم هذه الفصائل، استنادا إلى معرفته الفكرية والأيديولوجية،وأنا لست محايدا في انتمائي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
إبداعيا أصدرت مجموعتين شعريتين تتضمن قصائد تخص القضية الفلسطينية، ويتعلق الموضوع بديوان "فارس الشهداء" وديوان"يد الحكيم". ولا زلت أكتب من موقع الكتابة بما فيها الكتابة السياسية والإبداعية عن القضية الفلسطينية،وآخر ما كتبت قبل أيام قليلة نص شعريا يحمل عنوان"غزة خاتم مقاومة". وعلى جداري في حسابي الخاص في إحدى صفحات التواصل الاجتماعي أكتب بشكل يومي بعض الشذرات المنتصرة في خلفياتها لصمود الشعب الفلسطيني في غزة،بما فيها الكتابة عن منجزات المقاومة الفلسطينية الباسلة والمستمدة من أرض المعركة.
ماهو رأيك في من ينعت المثقف المغربي بالصامت إزاء ما يجري في غزة؟
لا أعتقد بصمت المثقف المغربي في علاقته العضوية بالقضية الفلسطينية،وأنا عندما أقول المثقف لا أقصد الكاتب والفنان والمبدعفحسب،بل المثقف هو الفاعل المدني الذي يتفاعل مع القضايا الحيوية لمجتمعه،بما فيها القضايا القومية والأممية العادلة،وهو أيضا الراصد لكل التحولات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية والحقوقية،وهذا الأخير أي "الفاعل المجتمعي" في حراك دائم مع روح المرحلة وتطلعاتها ويستجيب بشكل طبيعي لكل ما هو عادل وينتصر لقيم الحق والعدل والكرامة.ولابد من الإشارة أن المثقف يؤطر على مستوى الممارسة الجمعوية المدنية القضية الفلسطينية ويمنحها حضورا فنيا وثقافيا وحضاريا وإنسانيا وسياسيا مهما. ناهيك عن الحراك التضامني، من (وقفات ومسيرات وتظاهرات..) فالمثقف حاضر فيها وبكثافة.لهذا الاعتبار لاأومن بتاتا بما يسمى بصمت المثقف المغربي واعتبر من يقول بذلك يخدم أجندة العدو الصهيوني الذي يروج ويسوق أن العالم قد نسي القضية الفلسطينية.