قال يونس سراج كاتب عام الشبيبة الاشتراكية إن الخلل ليس في المعارضة وإنما في حكومة أخنوش التي لا تريد الإنصات لنبض الشارع.
وأوضح في حوار مع "أنفاس بريس"، أن شعار الدولة الإجتماعية الذي تضمنه البرنامج الإنتخابي للحزب الحاكم لا يجد صداه في واقع الحال. وفي ما يلي نص الحوار:
وأوضح في حوار مع "أنفاس بريس"، أن شعار الدولة الإجتماعية الذي تضمنه البرنامج الإنتخابي للحزب الحاكم لا يجد صداه في واقع الحال. وفي ما يلي نص الحوار:
أخنوش وشعار الدّولة الإجتماعية وتناسل الإحتجاجات.. أي تقييم؟
لابدّ أن نُعرِّف بداية بمعنى الدولة الإجتماعية التي تضمنها البرنامج الإنتخابي للحزب الحاكم، دون أن يكلف نفسه شرحها لعموم المواطنات والمواطنين. وبإطلالة سريعة على هذا الأخير يتبيّن لنا أن ما قصَده الحزب الحاكم من عبارة الدولة الاجتماعية التي تردّدت في فقراته والتي تتجلى في تعميم الحماية الاجتماعية، وتقديم الدعم للمسنين والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصّة، وتنمية الرأسمال البشري. هو ما يعتبر الحد الأدنى من المفهوم "الدّولة الإجتماعية"، بل لا تتعدّى مفهوم الدّولة الحامية، وهو ما قد يضعنا أمام احتمالين اثنين: إما جهل كوادر الحزب الحاكم لمفهوم الدّولة الإجتماعية في مضمونها العام و الذي يقتضي دعما ومحاولة لتوسيع الفئة المتوسطة، وزيادة في الوظائف العمومية، وعدالة مجالية و اجتماعية و توزيع عادل للثروات ودعم البحث العلمي والتكنولوجي، وأساسا ترسيخا للنّهج الديمقراطي. وأظن أن هذه النقطة بالذات، أي تقوية المسار الديمقراطي كانت سببا رئيسا في الإحتقان الشديد الذي أصبحنا نشاهده اليوم، نتيجة غياب حوار واضح شفّاف وواقعي للحكومة مع عموم المواطنات والمواطنين ، بالإضافة لكون ان شعار الدولة الاجتماعية الذي رفعته الحكومة لا يجب أن يكون أداة في يد الطبقة الرأسمالية لتحوّلها بذلك إلى عصا للإحتكارات، إذ من المفروض أن تكون وسيلة لبلوغ دولة الحقّ والقانون، أي الدولة العادلة وهذا ما ذهب إليه النموذج التنموي، وربّما كان ذلك سببا مباشرا لتغييب مضامين هذا النّموذج التّنموي من السّياسات الحكومية اليوم.
لابدّ أن نُعرِّف بداية بمعنى الدولة الإجتماعية التي تضمنها البرنامج الإنتخابي للحزب الحاكم، دون أن يكلف نفسه شرحها لعموم المواطنات والمواطنين. وبإطلالة سريعة على هذا الأخير يتبيّن لنا أن ما قصَده الحزب الحاكم من عبارة الدولة الاجتماعية التي تردّدت في فقراته والتي تتجلى في تعميم الحماية الاجتماعية، وتقديم الدعم للمسنين والأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصّة، وتنمية الرأسمال البشري. هو ما يعتبر الحد الأدنى من المفهوم "الدّولة الإجتماعية"، بل لا تتعدّى مفهوم الدّولة الحامية، وهو ما قد يضعنا أمام احتمالين اثنين: إما جهل كوادر الحزب الحاكم لمفهوم الدّولة الإجتماعية في مضمونها العام و الذي يقتضي دعما ومحاولة لتوسيع الفئة المتوسطة، وزيادة في الوظائف العمومية، وعدالة مجالية و اجتماعية و توزيع عادل للثروات ودعم البحث العلمي والتكنولوجي، وأساسا ترسيخا للنّهج الديمقراطي. وأظن أن هذه النقطة بالذات، أي تقوية المسار الديمقراطي كانت سببا رئيسا في الإحتقان الشديد الذي أصبحنا نشاهده اليوم، نتيجة غياب حوار واضح شفّاف وواقعي للحكومة مع عموم المواطنات والمواطنين ، بالإضافة لكون ان شعار الدولة الاجتماعية الذي رفعته الحكومة لا يجب أن يكون أداة في يد الطبقة الرأسمالية لتحوّلها بذلك إلى عصا للإحتكارات، إذ من المفروض أن تكون وسيلة لبلوغ دولة الحقّ والقانون، أي الدولة العادلة وهذا ما ذهب إليه النموذج التنموي، وربّما كان ذلك سببا مباشرا لتغييب مضامين هذا النّموذج التّنموي من السّياسات الحكومية اليوم.
إن تسويق مفهوم الدولة الإجتماعية من قبل الحكومة والذي لم ينعكس على الحياة اليومية للجماهير الشعبية من قبيل تغييب تامّ للتّواصل الفعال والبنّاء في الفضاء العمومي الواقعي والإفتراضي، وضرب القدرة الشرائية للمواطنين، وتقليص الطبقة المتوسطة عوض دعمها ووسيعها، إضافة إلى الاحتكار الذي عرفته السّوق الوطنية والذي نتج عنه غلاء غير مسبوق حسب تقارير المؤسسات الدستورية. كل هذا جعل المواطنين اليوم يخرجون للاحتجاج تعبيرا عن غضبهم من تسيير حكومي أصبح يكرس نمطا للبؤس والفقر والأزمات عوض حلّها.
هل المعارضة ميّتة في البرلمان وفي الشارع وسط تخوّفات من وقوع انزلاقات شبيهة بما حدث في 20 فبراير؟
قبل الإجابة على جوهر سؤالكم لا بد من التذكير أن الحركات الإحتجاجية بالمغرب وعبر صيرورتها كانت تعبيرا سيّاسيا يعبّر فيه عموم المواطنين عن آرائهم ومطالبهم الشّعبية التي لم تتم الإجابة عليها داخل المؤسسات. هذه الاحتجاجات التي أخذت خاصة في العشرية الأخيرة طابع السّلمية بدل الطابع الصّدامي الذي ميزها من قبل والذي لا يزال عالقا في مخيّال بعض المؤسسات الحزبية التي تحاول شيطنة مثل هذه الإحتجاجات وبالتالي فلا خوف من أية انزلاقات أو تمردات قد تنجم من هذه الأشكال الإحتجاجية.
ورجوعا للشق الثاني من سؤالكم فالحديث عن معارضة ميّتة هو حكم قيمة تفنّده عديد الأسئلة الكتابية والشفهية التي تقدم بها الفريق البرلماني لحزب التقدم والإشتراكية، والرّسالة المفتوحة التي توجه بها المكتب السياسي لحزب التّقدم والإشتراكية لرئيس الحكومة والتي وصفت بالجرأة والحنكة السّياسيتين ناهيك عن النّداء الذي وجهته الشبيبة الإشتراكية لكافة فروعها الجهوية والإقليمية و المحلية للمشاركة في الوقفات الإحتجاجية لـ 8 أبريل .2023 بالإضافة للعديد من الإقتراحات التي صاغها الدّيوان السياسي لحزب التقدم والإشتراكية لتجاوز ما يعرفه المغرب اليوم من غلاء فاحش في أسعار المواد الأساس و الغازوال من قبيل إعادة تشغيل مصفاة "لاسامير"، ومراجعة بعض الضرائب من قبيل الضريبة الداخلية للإستهلاك والضّريبة على القيمة المضافة، وإيجاد صيغ بديلة للتّحكم في سلاسل الإنتاج وغيرها. ولعلّ ما نعيشه اليوم هو للأسف نتيجة لتعنّت الحكومة وعدم إنصاتها لمقترحات المعارضة ربما لكونها لا تؤمن بالتّدبير التشاركي والإنصات للآخر . فالخلل إذن ليس في المعارضة التي تقوم بأدوارها الدستورية، بل في الحكومة التي لا تريد الإنصات لنبض الشارع.
ما الحل لتجاوز هذا الإستثناء والإحتقان؟
لتجاوز هذا الإحتقان لا بد من إجراءات حقيقية وبرامج اجتماعية واقعية ذات أثر ملموس بغية تقليص الفوارق الإجتماعية، وتوفير شروط العيش الكريم وإدماج الفئات الهشة والمهمشين في المجتمع، مما يضمن إنصافهم وتمكينهم من حقوقهم في التعليم والشغل والصحة والسكن والخدمات الاجتماعية، تسهيلا لشروط العيش وإنصاف الإنسان وحمايته من الفقر. كما تتطلب الوضعية الأزمة اليوم أن يلتزم الفاعل السياسي الحكومي بوعوده الانتخابية التي قدمها للمواطن، باعتماد الحكامة والشّفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة ومحاربة الفساد، وعدم استغلال الظّرفية لتمرير قرارات قد نكون مجحفة، والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية التي تم انتزاعها عبر سيرورة طويلة من العمل السياسي والحقوقي، وفيه الوقت نفسه يجب على الحكومة أساسا أن تتقن المقاربة التّواصلية مع مختلف الفاعلين في الفضاء العمومي الواقعي والافتراضي.
كما أن نجاح الدولة الاجتماعية في نظري كفيل بتجاوز كل هذا الاحتقان شريطة أن ذلك يتطلب اجتهادا ومراجعة جدية للسّياسة الحكومية بهدف التراجع عن موجة الغلاء التي تعرفها بلادنا اليوم، وذلك خدمة لمختلف الفئات الإجتماعية التي أصبحت تعاني كثيرا من أجل تأمين سلتها الغذائية هذا في الوقت الذي خرجت فيه بلادنا منهكة من أزمة كورونا وسنوات الجفاف وندرة الماء وتأثير ذلك على الأمن الغذائي والمائي.
إنّ ذلك يتطلب كثيرا من الحكمة وحسن التّدبير بمقاربة تواصلية ديمقراطية وتضامنية وليس بمقاربة تكنوقراطية تختزل الأزمة في أرقام وإحصاءات ومعادلات، بل بمقاربة سيّاسية جريئة تعطي الأمل في العيش الكريم لكلّ الفئات الاجتماعية بدون استثناء.