السبت 23 نوفمبر 2024
خارج الحدود

بعد أزمة الحليب، الجزائر تموت عطشا

بعد أزمة الحليب، الجزائر تموت عطشا

"ها الماء لحلو... ها الماء لحلو"، أتذكر جيدا هذه العبارة التي بحت بها حنجرة أحد بائعي الماء في  وهران ذات صيف قبل عام 1994، فاعتقدت للوهلة الأولى أن الأمر يتعلق بمشروب شعبي في الجزائر، غير أنني أدركت للتو عندما سحت ببصري في صهريج الماء، أن الأمر يتعلق بالماء الصالح للشرب النادر في الجزائر.

مضت قرابة 20 سنة على هذا، القصة، و ما زالت الجزائر التي دخلت زمن الوئام والمصالحة الوطنية، لم تتصالح مع أبنائها في ضمان حقهم من الماء الصالح للشرب الذي ما زال يباع 1500 بألف دينار  جزائري للصهريج الواحد للمواطنين الجزائريين.

وعلى الرغم من أن ساكنة البويرة وخنشلة وبسكرة وأدرار والمدية والأغواط وتيزي وزو وغيرها من المدن الجزائرية، قد بحت أصواتهم عندما خرجوا إلى الشارع للتعبير عن معاناتهم، واقتحموا مقر مديريات المياه في محاولة منهم للضغط على المصالح المعنية من أجل توفير الماء الشروب، فإن  السلطات الجزائرية لم تعمل على ضمان حق المواطن الجزائري في التزود بهذه المادة الحيوية. وهو الأمر الذي زاد في  تنامي الحركات الاحتجاجية بسبب "العطش"، حيث شهدت الجزائر ما يفوق 60 احتجاجا في 6 مدن فقط بداية شهر رمضان، أسفرت في مجملها عن غلق الطرق الوطنية، والمؤسسات الحكومية كمقرات البلديات، الدوائر ومكاتب الجزائرية للمياه.

مسؤولون عن قطاع الماء في الجزائر أرجعوا سبب ندرة الماء الصالح للشرب في الجزائر إلى ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض منسوب المياه في العديد من السدود والآبار الجوفية. ففي دراسة جيوفيزيائية أنجزت على مساحات شاسعة بحاسي الدلاعة لم يعثر على الماء فيها رغم حفر 5 آبار استكشافية على عمق 300.