الثلاثاء 16 إبريل 2024
كتاب الرأي

الدكتور الشرقاوي: زراعة الكلى في المغرب.. دعوة لالتزام وطني نحو مشروع أمة

الدكتور الشرقاوي: زراعة الكلى في المغرب.. دعوة لالتزام وطني نحو مشروع أمة الدكتور أنور الشرقاوي
المغرب لديه كل الوسائل البشرية والمادية ليصبح أول بلد في "زراعة الأعضاء" في المغرب العربي والدول العربية وإفريقيا.
مهنيو الصحة في المغرب مؤهلون للغاية في هذا المجال لكنهم يختلفون أحيانا بسبب بعض الخلافات المهنية. 
إن الالتزام الوطني باعتبار بهذا الجانب من الطب المغربي الحديث سيضع المملكة بين الدول الكبرى التي طورت التبرع بالأعضاء وزرعها في العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة الإسبانية.
يجب اعتبار البرنامج الوطني للتبرع بالكلي وزرعها في مملكتنا مشروعًا إنسانيًا يمكن وصفه بـ "مشروع الأمة المغربية".
من أجل إطلاقها وتطويرها واستدامتها، سنحتاج إلى زعيم يتمتع بشخصية كاريزمية، رئيس الدولة، الذي يمكنه أن يأخذها على محمل الجد ، دينياً وإنسانياً.
يمتلك أطباء المسالك البولية المغاربة كل المهارات التقنية التي تمكنهم من اخد كلية من متبرع (حي أو ميت دماغياً) ولزرعها أدى مريض مصاب بالفشل الكلوي في مراحله الأخيرة ويعتمد بقائه بالحياة على آلة تصفية الكلي، 3 جلسات أسبوعياً بمعدل 4 ساعات لكل جلسة.
تحرر زراعة الكلى هذا المريض من كل هذه القيود وتوفر له نوعية حياة أفضل.
يوجد في المغرب اليوم أكثر من 500 مركز لتصفية الكلي موزعة على القطاعين العام والخاص والعسكري في مدن المملكة الكبيرة والصغيرة.
على سبيل المثال، يوجد في سوق السبت أو سوق الأربعاء مركز تصفية الكلي.
تتولى هذه المراكز رعاية أكثر من 37000 مريض مغربي يعانون من القصور الكلوي في مراحله الأخيرة.
ومنذ دجنبر 2022، مع تعميم التأمين الصحي الإلزامي ، يمكن للمغرب أن يفخر بعدم وجود أي مرضى في قائمة انتظار تصفية الكلي.
لسوء الحظ، يتفق جميع أطباء أمراض الكلي والأوبئة المغاربة على أن عدد المرضى الذين يحتاجون إلى تصفية الكلى آخذ في الارتفاع، لعدم وجود سياسة وقائية.  الأسباب الأساسية هي عدم علاج مرض السكري وارتفاع ضغط الدم.
البديل العلاجي المتمثل في زراعة الكلي يوفر نوعية حياة أفضل وسيكلف اقل ابتداء من السنة الثانية من عملية الزرع.
اليوم تقوم 7 مستشفيات جامعية في المملكة وكذلك المستشفيات المؤهلة كمؤسسات غير ربحية بإجراء حوالي ثلاثين عملية زرع كلى سنويًا متحملة كل التكاليف. 
هذا مؤشر ضعيف على مستوى التقنية والحداثة لطبنا المغربي؛ نظرًا لأن القدرة الفنية لأطباء المسالك البولية وأطباء الكلي ومستشفياتنا بالإضافة إلى صناديق تغطية تكاليف الرعاية الصحية لدينا توفر إمكانية إجراء عمليات زرع كلي أكثر بعشر مرات سنويًا.
خلال المؤتمر الوطني التاسع عشر لأمراض الكلى، الذي عقد في الدار البيضاء في الفترة من 2 إلى 4 مارس 2023 ، دعا الأستاذ رمضاني بن يونس ، أحد رواد طب الكلى المغربي الحديث ، كل مركز من مراكز أمراض الكلى في المملكة إلى تقديم مريض واحد فقط (1) في السنة لزراعة الكلى.  أي مريض متلقي مع متبرع حي من عائلته.
بحساب بسيط، سيمكن هذا المغرب من القيام ب 500 عملية زرع كلى في السنة؛ وهذا سيجعل المغرب أول بلد في "زراعة الكلي" في المغرب العربي الكبير وإفريقيا والعالم العربي.
لكنه سيظل بعيدا عن إسبانيا، أول بلد في "زرع الكلي" في أوروبا والثاني بعد الولايات المتحدة الأمريكية، حوالي 5000 عملية زرع سنويًا بما في ذلك 1000 من متبرع حي.
رداً على سؤال حول إمكانية زراعة 500 كلية سنوياً في المغرب أكد الأستاذ طارق الصقلي الحسيني، رئيس قسم أمراض الكلى بالمستشفى الجامعي بفاس ورئيس الجمعية المغربية لأمراض الكلى أن المغرب يتمتع بكافة المهارات الطبية، موضحاً أن جميع القضايا القانونية والدينية مناسبة تمامًا لتطوير التبرع بالأعضاء وزرعها في بلدنا.
إن التبرع بالأعضاء وزرعها في بلد مثل المغرب ليس من اختصاص الأطباء والجراحين فقط.
الكل معني، رجل الدين، الإمام في مسجده، وسائل الإعلام، شبكات التواصل الاجتماعي، المعلم في فصله وكذلك المسؤولين عن السلامة الطرقية.
لأننا؛ للأسف، نسجل كل عام  4000 حالة وفاة بسبب حوادث السير، يمكن لهذه الوفيات العرضية أن تعطي الحياة (القلب أو الكلى أو الكبد) والبصر (  قرنيات  العين) لآلاف الأشخاص.
لكن هذا يتطلب تنظيما كاملا؛ وهو الأمر الذي يظل مفقودا لدينا.. إنها حالة طارئة كبيرة يجب التفكير في حلها. 
إذا كان بإمكان وزارة الصحة والأطباء أن يكونوا قاطرة للمضي قدمًا  بزراعة الأعضاء، فإن هذا المشروع الإنساني الذي يمكن وصفه بـ "مشروع الأمة المغربية" يحتاج إلى قائد يتمتع بشخصية كاريزمية يمكنه أن ينقله إلى القلب دينيًا وإنسانيًا.

ترجمة: هشام ناصر