الجمعة 22 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

عبد الحميد جماهري: أسئلة لا تدعي البراءة...

عبد الحميد جماهري: أسئلة لا تدعي البراءة...

الثالث من رمضان ليس توقيتا مناسبا للتذكير بـ 20 فبراير.

هناك مع ذلك إحساس بالضرورة إلى ذلك..

علما أن ما هو أساسي اليوم، هو أن سلطة الضرورة تترك، رويدا رويدا، مكانها لسلطة الحرية!

في التفكير، وفي الحنين وفي .. إغلاق الحساب (الصولدي)!

وعليه، لم نشعر بالحاجة إلى 20 فبراير، كما شعرنا به عندما طالب رئيس الحكومة النساء المغربيات (غير المنتميات لحزبه طبعا) بالعودة إلى بيوتهن.

كانت الفرصة، في تقدير العبد الفقير لربه، مواتية لكي تخرج الحركة إلى الشارع، لتعبر عن رأيها في مآل مطالبها، بعد أن تحقق جزء منها، بقي الجزء الغارق من جبل الجليد قيد التاريخ.

أولا، لقد تناقلت وسائل الإعلام ومواقع الفيسبوك، تقارير متنوعة وأحيانا متضاربة حول «مساهمات» السفارة الأمريكية، ومن ورائها، طبعا، الإدارة الأمريكية، في تمويل الحركة أو بعض أعضائها، وهو ما يستوجب، لوحده تعبيرا متفردا من أبنائها للتعبير عن «حميمية» حركتهم ونزاهتها.

ويستوجب منا، في السياق ذاته، توضيح الأمر التالي: ليس العيب في أية دولة، مهما كانت طاعنة في الرأسمالية أو الإمبريالية أو في شيوعية الجنازير في دخول معترك سياسي وميداني، إذا كانت ترى أن ذلك من مصلحتها، بل السؤال الأعمق هو: لماذا تفهم هذه الدول، قبل غيرها، ولاسيما النخب الحاكمة حاجة الشعوب إلى التغيير، وتبادر إلى «تخصيبها» بالمال أو بالتحضيرات اللوجستيكية؟

لماذا لم تنتبه أنظمة الاستبداد في تونس وفي ليبيا ومصر مثلا، إلى أن شعوبها ناضجة للتاريخ، وأن الإمكانية واردة بأن توجهها إشارات المرور من بعيد، من عاصمة غربية، وتهيء لها من يسرق بريقها وعنفوانها؟

ثانيا، على الذين اغتنوا من 20 فبراير من أحزاب ومنظمات سياسية أثرت، انتخابيا، أن تفسر لشباب الحركة، الذين ما زالوا يحلمون أو الذين وصلوا إلى شاطئ الجليد مع الحكومة الحالية ومع انتكاسات الشرق والغرب، ما الذي جرى: كيف يكون من عارض الحركة هو الذي يجني ثمارها؟

ولنا أن نضيف -من عندياتنا-: هل يمكن أن ننسى أن الأحزاب التي «حرضت» الدولة المغربية على مواجهة 20 فبراير، وربما كانت تصب الزيت على النار، هي التي استفادت.

وبالواضح الذي يستأنس بما سبق يوم 20 فبراير، كي يصبح بدهيا، فقد كانت الأحزاب السياسية المعارضة والحاكمة (باستثناء واحد ووحيد هو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) قد دبجت البيانات تشكك في الحركة وتشكك في مصدرها وتشكك في نواياها.

وإذا استحضرنا السياق الذي كان سائدا وقتها، كيف أن الأنظمة في المنطقة واجهت حركات التعبير الغاضب في بلدانها، بالرصاص والقتل والجيوش، فإن الواضح الآن هو أن تلك الأحزاب، عندما «خونت» 20 فبراير كانت تستعدي الدولة عليها، وكانت في العمق، تريد من الدولة ومن الملكية في البلاد بالذات أن تسلك مسلك الأنظمة الأخرى.

من حسن حظنا جميعا أن الملكية لم تستأنس بآراء الأحزاب التي كانت تقرع طبول المواجهة.

وإلا كيف نفسر أن البيانات التي صدرت عشية الاحتجاج كانت مليئة بعبارات التشكيك، بل تهديد كل من شارك فيها (وهذا ما قام به بنكيران كأمين عام مع أعضاء حركته)؟

هل من تفسير لتخوين الحركة والتحذير منها، إلا دعوة الدولة إلى التدخل الأمني الشرس ضدها؟

ليس لنا من تفسير سوى استدعاء الدولة، والدولة لم تنحز إلى.. نشيد الدم الذي غنته الأحزاب، بما فيها الأحزاب التي تهدد اليوم بالعودة إلى .. 20 فبراير!!

وهنا أيضا، إذ نرى ضرورة التذكير بما قلناه حول أهمية «تمفصل مطالب 20 فبراير مع مطالب وحركية القوى السياسية الحقيقية»، ما بعد الاستجابة لها، نذكر أيضا بأن «النظام السياسي في مكانه ومكانته، والملكية تحظـى بمكانة لا يمكن أن تمس، ولا يمكن أن نعبئ عليها وضدها مهما كانت الظروف، وأن الاستثناء المغربي في هذا الباب قائم فعلا ليس مقولة معزولة في الهواء، والإجماع المغربي حولها، ثابت وطني لم يخضع للتفاوض حتى باللجوء إلى الشارع».

والتفكير من أعلى هرم المؤسسة الحكومية في التفاوض حول الملكية عبر الشارع لم يعد يعني سوى .. التذكير باستعدائها ضد شباب المغاربة وشعب المغاربة عشية 20 فبراير.

بمعنى أوضح: نحن الذين حرضناكم ضد حركية الشارع وشبابه، نعرف ما يعني ذلك، ونعرف اللعب بخطورة ذلك، وعليه، عليكم التفاوض معنا إذا أردتم ألا نعود إلى ما حرضناكم ضده!!