الخميس 28 مارس 2024
سياسة

المحكمة الدستورية تصرح برفض قانون"الدفع بعدم دستورية قانون"

المحكمة الدستورية تصرح برفض قانون"الدفع بعدم دستورية قانون" مقر المحكمة الدستورية
في قرار جديد، قضت المحكمة الدستورية بأن الإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، غير مطابقة للدستور، كما أمرت بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.
ويأتي هذا القرار، حسب قرار المحكمة الدستورية بعد اطلاعها على القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط، وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، المحال إليها بمقتضى رسالة  رئيس الحكومة، المسجلة بالأمانة العامة لهذه المحكمة في 26 يناير 2023، وذلك من أجل البت في مطابقته للدستور، وبعد الاطلاع على الملاحظات الكتابية التي أدلى بها رئيس الحكومة، المسجلة بالأمانة العامة المذكورة في 8 فبراير 2023، وبعد اطلاعها على باقي الوثائق المدرجة في الملف، وبناء على الدستور، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.91 بتاريخ 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011).
القرار يأتي أيضا بناء على القانون التنظيمي رقم 066.13 المتعلق بالمحكمة الدستورية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.139 بتاريخ 16 من شوال 1435 (13 أغسطس 2014)، وبناء على قرار المحكمة الدستورية رقم 70/18 م.د الصادر في 6 مارس 2018.
وجاء في حيثيات القرار رقم قرار رقـم:207/23م.د، الصادر في 21 فبراير 2023:
وبعد الاستماع إلى تقرير العضو المقرر والمداولة طبق القانون.
أولا- فيما يتعلق بالاختصاص: 
حيث إن الفصل 132 من الدستور، ينص في فقرته الثانية على أن القوانين التنظيمية، قبل إصدار الأمر بتنفيذها، تحال إلى المحكمة الدستورية للبت في مطابقتها للدستور، مما تكون معه هذه المحكمة مختصة للبت في مطابقة القانون التنظيمي المحال إليها للدستور.                                                                                                             ،
ثانيا- فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي:
حيث إن الفصول 78 (الفقرة الأولى) و83 (الفقرة الأولى) و85 (الفقرة الأخيرة) و134 من الدستور، والمادة 27 (الفقرة الأولى) من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، تنص على التوالي، بصفة خاصة، على أنه: "لرئيس الحكومة ولأعضاء البرلمان على السواء حق التقدم باقتراح القوانين."، وعلى أنه: "لأعضاء مجلسي البرلمان وللحكومة حق التعديل..."، وعلى أنه: "لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ القوانين التنظيمية، إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور."، وعلى أنه: "لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ مقتضى تم التصريح بعدم دستوريته على أساس الفصل 132 من هذا الدستور، ولا تطبيقه... . لا تقبل قرارات المحكمة الدستورية أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية."، وعلى أنه: "يحول نشر قرار المحكمة الدستورية القاضي بعدم مطابقة مادة من قانون تنظيمي...للدستور دون إصدار الأمر بتنفيذ القانون التنظيمي..."؛
وحيث إنه يستفاد من مجموع الأحكام المستدل بها، أن المحكمة الدستورية، لما صرحت بموجب قرارها 70/18 المومإ إليه أعلاه، وعلى النحو المقرر في منطوقه، بعدم مطابقة بعض مواد القانون التنظيمي رقم 86.15 للدستور، في الصيغة التي عرضت به على المحكمة آنذاك،  ولم تقض بفصل تلك المواد عن مجموع النص المعروض، حال ذلك دون إصدار الأمر بتنفيذه،   مما لا يمكن معه الاعتداد بأثر الإجراءات التي اتبعت سابقا، من أجل إقراره، بل تعين، ترتيبا لأثر قرار المحكمة الدستورية، مباشرة المبادرة التشريعية بشأن القانون التنظيمي المذكور واتباع الإجراءات المقررة دستورا، لوضعه من جديد؛ 
وحيث إن مدى المبادرة التشريعية، المتاح، بشأن القانون التنظيمي المعروض على نظر هذه المحكمة، وهو نص جديد تبعا لما سبق بيانه، لا ينحصر في ترتيب أثر قرار المحكمة الدستورية على نص سبق لها البت فيه، أو في مجرد ملاءمة مقتضيات سبق لها أن صرحت بعدم مطابقتها للدستور، بل يشمل، من بين صور أخرى، إمكانية استحداث مقتضيات جديدة محل التي صرحت المحكمة بمطابقتها أو عدم مطابقتها للدستور، أو تعديل تلك المقتضيات، ولا يتقيد المشرع، في كل ذلك، علاقة بالقانون التنظيمي المعروض، إلا بضوابط ثلاثة، أولها، أن لا يتعدى النطاق الموضوعي للقانون التنظيمي أو يقصر عن التشريع فيه، على النحو المقرر، 
على وجه الخصوص، في الفقرة الأخيرة من الفصل 133 من الدستور، وثانيها، ضرورة الامتثال لأحكام الفقرة الأخيرة من الفصل 134 من الدستور، مما يقتضي من المشرع ملاءمة المقتضيات المصرح بعدم دستوريتها  مع قرار المحكمة الدستورية في الموضوع، امتثالا لحجيته المطلقة تعليلا ومنطوقا، وثالثها، التقيد باتباع الإجراءات التي أقرها الدستور لوضع مشاريع القوانين التنظيمية؛
وحيث إن الدستور ينص في الفقرة الأولى من الفصل 48 وفي الفصل 49 منه، بصفة خاصة، على أنه: "يرأس الملك المجلس الوزاري..."، وعلى أنه: "يتداول المجلس الوزاري في القضايا والنصوص التالية:...- مشاريع القوانين التنظيمية؛..."؛ 
وحيث إنه يستفاد من أحكام الدستور المستدل بها، في ترابطها وتكاملها، من جهة أولى، أن الدستور، لما خص جلالة الملك برئاسة المجلس الوزاري، رام ضمان إشراف جلالته ورئاسته لعملية التداول بشأن مسائل، تتخذ شكل قضايا ونصوص، ذات طبيعة استراتيجية في حياة الأمة، ومنها مشاريع القوانين التنظيمية التي تندرج إلى جانب أحكام الدستور، في بناءات الكتلة الدستورية، ومن جهة ثانية، أن التداول مسار لاتخاذ القرار ينتهي إلى ما أفضى إليه أمره، بشأن القضية أو النص المتداول بشأنه، وأن ما يتم في إطار التداول من تقديم لعروض أو معطيات، يبقى ذا طبيعة إخبارية وممهدة لاتخاذ القرار، ولا يقوم مقام ما استقر عليه تداول المجلس الوزاري، بشأن القضية أو النص المدروس، كما لا يقوم مقام ما يصدره  الملك من تعليمات وتوجيهات يقتضيها سديد نظره، بخصوص القضايا والنصوص المتداول بشأنها في المجلس الوزاري، ومن جهة ثالثة، أن منطوق الفصل 49 استعمل، فيما يخص المسائل التي يتداول بشأنها في المجلس الوزاري مصطلحي "القضايا" و"النصوص"، مما يستفاد منه أن التداول ينصب في حالة مشاريع القوانين التنظيمية، على نصوص، ومن جهة رابعة، أنه لا يجوز مباشرة إيداع مشاريع القوانين التنظيمية، أي تلك المتأتية من المبادرة التشريعية للحكومة، بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب، دون التداول بشأنها في المجلس الوزاري، وأن مفهوم التداول لا يتوقف عند مجرد تقديم معطيات بشأن النص المعروض، بل ينصرف المفهوم في كليته وشموليته، إلى اتخاذ المجلس الوزاري لقرار بشأنه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على بيان أشغال المجلس الوزاري المنعقد بالرباط، تحت رئاسة جلالة الملك، بتاريخ 29 من رمضان 1440 (4 يونيو 2019)، من جهة، أن النقطة الأولى منه انصبت على تقديم " وزير العدل عرضا حول ترتيب الأثار القانونية على قرار المحكمة الدستورية رقم 70/18 الصادر في 6 مارس 2018 بشأن القانون التنظيمي رقم 86.15  المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون"، ومن جهة أخرى، أن النقطة الثانية من بيان الأشغال المتعلقة بمشاريع النصوص التي تمت المصادقة عليها من قبل المجلس، المعنونة كما يلي: "II- صادق المجلس على النصوص التالي بيانها"، لا تتضمن مشروع القانون التنظيمي المعروض.
وحيث إن نفس المعطيات وردت في البلاغ الذي تلاه السيد الناطق الرسمي باسم القصر الملكي بشأن أشغال المجلس الوزاري المشار إليه؛ 
وحيث إنه يبين من باقي وثائق الملف، أن مشروع القانون التنظيمي المعروض، تم إيداعه، بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب في 16 فبراير 2022، رغم عدم وروده ضمن قائمة مشاريع النصوص التي صادق عليها المجلس الوزاري؛
وحيث إنه، ما كان يتعين إيداع مشروع القانون التنظيمي المعروض، بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب، قصد تداول مجلسي البرلمان بشأنه، قبل استكمال أمر التداول في المشروع المذكور من قبل المجلس الوزاري.
وحيث إنه، تبعا لذلك، تكون الإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي المعروض غير مطابقة للدستور؛
لهذه الأسباب:
صدر بمقر المحكمة الدستورية بالرباط في يوم الثلاثاء 30 من رجب 1444 .
أولا-  تصرح بأن الإجراءات المتبعة لإقرار القانون التنظيمي رقم 86.15 المتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون، غير مطابقة للدستور.
ثانيا- تأمر بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى رئيس الحكومة، وبنشره في الجريدة الرسمية.