الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

النظام الجزائري يطمس دعم المغاربة ثورة التحرير.. ضرورة الإبقاء على وثائق المقاوم الحموتي في المغرب

النظام الجزائري يطمس دعم المغاربة ثورة التحرير.. ضرورة الإبقاء على وثائق المقاوم الحموتي في المغرب الناشط الجزائري هشام عبود (يسارا) والمغربي الراحل محمد لخضير الحموتي
بث الناشط الجزائري هشام عبود المقيم في فرنسا قبل أيام في قناته على اليوتوب فيديو يجمعه بإبني المقاوم المغربي الراحل محمد لخضير الحموتي في مدينة بني نصار(عمالة إقليم الناضور)، تم فيه التطرق إلى المساهمة الكبيرة للمقاوم الراحل في دعم جيش التحرير الجزائري بجعل بيته مأوى لقادة الثورة الجزائرية أحمد بن بلة ومحمد بوضياف ومحمد خيضر والعربي بن مهيدي وعبد الحميد بوصوف والهواري بومدين وعبد العزيز بوتفليقة، وغيرهم من أفراد جيش التحرير،فضلا عن مشاركتهم التعريف بالثورة الجزائرية وجلب الدعم الدولي لها وتسخير باخرتين في ملكيته لتهريب السلاح للثورة الجزائرية، مما عرضه في سنة 1955 للاعتقال في مليلية المحتلة.
 
وأظهر الجزائري عبود في الفيديو وثائق في ملكية عائلة الحموتي من بينها تقارير سرية لوزارة التسليح والاتصالات العامة الجزائرية(المالغ) ،التي شكلت النواة الأولى لجهاز المخابرات الجزائري خلال الثورة وبعد الاستقلال وصور للحموتي مع قادة الثورة، داعيا ابنيه إلى مراسلة القنصلية الجزائرية في وجدة لتسليمها إلى السلطات الجزائرية، بذريعة أنها تندرج ضمن أرشيف الثورة الجزائرية وملك للجزائر ومكانها هو متحف المجاهد في مقام الشهيد في العاصمة الجزائرية.
 
ولم يكتف عبود بهذه الدعوة، بل انتقد في فيديو لاحق بمفردات غير لائقة المغاربة الذين عارضوا تسليم تلك الوثائق إلى السلطات الجزائرية.
 
والواقع أنه يجب الدفاع عن بقاء هذه الوثائق في المغرب ومن المستحب تسليمها إلى المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، التي أبدت اهتماما كبيرا بصيانة الذاكرة المشتركة المغربية الجزائرية إبان الاستعمار الفرنسي للجزائر، وأصدرت قبل سنوات كتابين حول الدعم المغربي الكبير للثورة الجزائرية.

ويستند عدم تسليم هذه الوثائق  إلى النظام الجزائري، إلى التعامل غير الإنساني لهذا النظام مع المقاوم الحموتي، الذي قيل أنه زار الجزائر في سنة 1964 وهو ملحق بديوان المغفور له الملك الحسن الثاني، في محاولة لرأب الصدع بين البلدين عقب حرب الرمال في سنة 1963، وتم اغتياله  في الجزائر. وتردد أن النظام كان وراء تصفيته ، متنكرا لكل ما أسداه الحموتي من دعم وإسناد للثورة الجزائرية، علما أنه كان من المفروض أن يوفر له الحماية الرسمية أثناء مقامه بالجزائر، بصفته موظفا ساميا في الدولة المغربية.

وما يزكي  أن فرضية الاغتيال  كانت من تدبير النظام الجزائري أن والد الحموتي زار لاحقا الجزائر عندما تولى بومدين رئاستها بعد انقلابه على أحمد بن بلة، بحثا عن ابنه والتمس اللقاء بالرئيس بومدين، الذي استقبله  بعد أسابيع من الانتظار، استقبالا باردا خلا من أية بما قدمه المغرب من دعم للثورة الجزائرية، قائلا له: "اسمع يا الحاج،إن الهواري الذي تجلس أمامه ليس هو الهواري الذي كنت تعرف في بني انصار". وأكد له أن ولده توفي دون أن يفصح له عن ملابسات الوفاة.

والمعطى الثاني الذي يعزز إبقاء وثائق عائلة الحموتي المتعلقة بالثورة الجزائرية في المغرب هو أن النظام الجزائري يواصل منذ الاستقلال وبلا هوادة الإجهاز على الذاكرة المشتركة المغربية الجزائرية وطمس كل ما يشير إلى دعم المغرب ملكا وشعبا للثورة الجزائرية من أجل التحرر من الاستعمار الفرنسي، معتبرا هذا الإجهاز وسيلته الوحيدة لشحن الشعب الجزائري وجره إلى اعتناق عقيدته القائمة على العداء للمغرب.
 
وبما أن السيد هشام عبود اقترح على عائلة الحموتي نقل الوثائق إلى متحف المجاهد في العاصمة الجزائرية، نذكره بأن الراحل المناضل عبد الرحمان اليوسفي قام في بداية سنة 2016 بزيارة هذا المتحف، على هامش حضوره تشييع جنازة صديقه  المجاهد حسين أيت أحمد، وكم كانت دهشته كبيرة وهو يلاحظ أن المرشد الذي رافقه في المتحف لم يدله على أية  وثائق أو آلات ومعدات  للثورة الجزائرية في المغرب. وعندما طلب رؤيتها دله المرشد على نزر قليل منها، علما أن ما كانت تتوفر عليه وزارة التسليح والاتصالات العامة (المالغ) من وثائق وآلات رقن وغيرها من المعدات في المغرب ونقلته إلى الجزائر، يكفي لتأثيث متحف كبير، لكن تلك الوثائق تم دفنها في مقر وزارة الدفاع بعد نقلها من المغرب، في سياق هاجس النظام الجزائري الذي كان دائما هو الإصرارعلى طمس كل ما علاقة له بدعم المغرب للثورة الجزائرية .

ومن الأسباب الموجبة لإبقاء وثائق عائلة الحموتي في المغرب  أنها تتعلق ببعض التقارير التي تم إنجازها في بيت الحموتي،فضلا عن الصور الذي جمعته بقادة الثورة الجزائرية في المغرب ،بما يجعلها ملكا خالصا لعائلته، لا يجب تسليمها لنظام جزائري معروف بالجحود و يعمل منذ عقود على طمس كل التضحيات التي بذلها المغرب الرسمي والشعبي من أجل نيل الجزائر استقلالها.

ويجب أن تتضافر جهود الجهات المختصة وأصحاب النوايا الحسبة للحفاظ على تلك الوثائق في المغرب، وتوظيفها في صيانة الذاكرة المشتركة المغربية الجزائرية أثناء حرب التحرير الجزائرية وإبقاء شعلتها متقدة في مواجهة محاولات الإنكار والطمس التي يمارسها النظام الجزائري لخدمة عقيدته القائمة على العداء للمغرب وتدبير المؤامرات للإضرار به  وضرب وحدته الترابية.