الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

سعيد بنيس: تَمَغْرِبِيتْ وكرة القدم

سعيد بنيس: تَمَغْرِبِيتْ وكرة القدم سعيد بنيس

إن وصول المنتخب الوطني المغربي لنصف نهاية كأس العالم لم يكن مفاجأة بل كان استحقاقا. ومع إنجازات الفريق الوطني لكرة القدم، تحولت المملكة المغربية من "جزيرة" بحسب مقولة عبد الله العروي إلى مركز  وعاصمة للعالم. هذا التحول رافقه مد قيمي تجلى عبر تفاعلات مدرب المنتخب الوطني المغربي بالارتكاز على معجم رابح بعبق قيم تَمَغْرِبِيتْ: "الحمد لله"،"النية"، "مربيين"، "ولاد الناس"، "رجال"، "العائلة"، "رضات الوالدة"، ... وكل هذا المعجم يمثل حقلا دلاليا ل"ملحمة الأمهات" كعنوان لانجازات المنتخب الوطني لكرة القدم ولأن وظيفة اللغات الأم تنضبط لآلية التملك المعجمي و تجذر التمكين الهوياتي.

 كما أن في هذا السياق العالمي، أظهرت مجريات مقابلات كأس العالم أن كرة القدم هي عنصر من عناصر الرابط الهوياتي التي يجسدها الدستور المغربي من خلال مقولة التنوع والتعدد مؤسسة على عدة أبعاد منها لا للحصر البعد الديني والبعد الأمازيغي والبعد العربي والبعد الإفريقي والبعد المتوسطي والبعد الأطلسي. وكأن هذا الرابط الهوياتي الذي انتعش مع تظاهرة كأس العالم يؤكد بالملموس أن التظاهرة تثمن مقولة أن الاختلاف ليس دونية وكذلك أن التاريخ  لا يكتب فقط بمداد من دم بل كذلك يكتب التاريخ بمداد من قدم. لهذا، وبالاعتماد على العناصر الناعمة السالفة الذكر ، يتوجب في الأدبيات الرياضية إضافة اسم المدرسة المغربية إلى لائحة المدارس الكروية المعروفة.

وعلى الصعيد الوطني، تشهد المملكة المغربية مع كأس العالم 2022 تغيرا مجتمعيا يرتبط بتجديد القدوات الشبابية  تحت عدة  مسميات منها لا  للحصر "الركراكية"  "البونوية" ... وهذه القدوات الشبابية الجديدة نتج عنها مطلب الحاجة إلى إحياء قيم تَمَغْرِبِيتْ لإرساء اليقينيات المحلية والمرجعيات التاريخية لأمة  "حالمة" تابعت وتفاعلت مع مقابلات كرة القدم ببعد ترابي ومحلي يمتزج في طياته ارتفاع قمم جبال الأطلس كإحالة أولى مباشرة على "أسود الأطلس" وهيجان أمواج المحيط الأطلسي ككناية على "أسود الأطلسي" من خلال إيجابية تعبيرية للتحفيز على الفوز والتهديف :

"سيييير... سيييير ... سيييير ... سيييير ...".

ولأن الجمهور الكروي المغربي كان حاضرا وكان مساندا بل وباعثا على الانتصار والتحدي والتضحية والمكابدة، ورافعا ومبدعا في ترديد النشيط الوطني، فإنه أضحى وبدون منازع عنصرا من عناصر القوى الناعمة للمملكة المغربية التي سوقت صورة جميلة ومبهرة عن "أسود حالمة"، تمتح من المحكيات الشعبية حول شغف الشجاعة "دِيرْ النِّيَّة ونْعَسْ مْعَ الحَيَّة"، وتكابد الانهزامية الهوياتية، وترفع شعار الانتصار الهوياتي لمملكة "منبت الأحرار ، مشرق الأنوار " كعنوان لمشاركة منتخب المغرب في كأس العالم 2022،  مشاركة بعبق سردية تَمَغْرِبِيت  وروح النبوغ المغربي.