الخميس 25 إبريل 2024
كتاب الرأي

الصحافية ألفة السلامي تكتب من القاهرة: الشمس تشرق في المغرب!

الصحافية ألفة السلامي تكتب من القاهرة: الشمس تشرق في المغرب! ألفة السلامي
ما أروعه فريق.. إنه المنتخب المغربي الذي فعلها ووصل إلى الدور النصف النهائي لكأس العالم قطر 2022، وبجدارة واقتدار، بعد مجهود بطولي كبير صمد فيه أسود الأطلس أمام الإسبان أولاً، ثم أمام زملاء رولاندو ليٌقصوا بذلك المنتخب البرتغالي. وقد صنع الحارس الماهر ياسين بونو في كل جولات البطولة قيمة مضافة متميزة لفريقه خاصة عندما تصدى لركلات الترجيح أمام الفريق الإسباني. وبذلك استحقت المغرب أن تشرق الشمس في سمائها!.

الكثيرون كرروا بعد الانتصار عبارات الفخر لهذا الترشح المغربي للمربع الذهبي.. بعضهم مجّد منتخب الأسود لأنه كان خير ممثل للعرب، وبعضهم ذكر العنصرين الإفريقي والعربي معاً، وفريق ثالثٌ دخل في "خناقة" لها رائحة عنصرية عندما أكد أن المغاربة أمازيغ وأفارقة وليسوا عرباً. ورأيي الشخصي أن نترك هذه المعارك العنصرية الكريهة التي لا طائل منها لأنها ببساطة تفسد طعم الفرحة، وهي حقيقةً فرحةُ شعوب العالم "الغلابة" الذي يعتبرون انتصار فريق من شعب يشبههم ويشبه ظروفهم هو محاولة لكسر احتكار "الكبار" الذين يسيطرون في الكرة كما في السياسة. لذا، نجد المشجعين من هذه الشعوب تلتقي حول إنجاز مثل ما حققه المغرب وانتصار مثلما حققته فرق أخرى من قبل مثل السعودية وتونس والسينغال والكاميرون وغيرها من الفرق العربية والإفريقية. 

لذلك استطاع منتخب المغرب أن يكون فخراً لكل هذه الشعوب التواقة للحلم والفرحة، لأن المغرب أثبت أن الأحلام والأماني مازالت ممكنة ‫وأنه بالعمل والاجتهاد والتجويد والإيمان والثقة بالنفس يمكن أن يُصنع تاريخ جديد للفرق التي تنتمي بلدانها للعالم الثالث أو الرابع. ولأنه لا يوجد إنجاز يُنسب لغير صانعيه فإن انتصارات المنتخب المغربي هي ملكه لوحده، بعربه وأمازيغه وأفارقته. ولعله يُعطي المزيد من الثقة في المستقبل للفرق القادمة من العالم الضعيف والمستضعف مثل الفرق العربية والإفريقية والآسيوية وحتى الأمريكية الجنوبية المجاورة للكبار في الكرة.
 
كما أنه وهذا الأهمّ يؤكد أحقية إفريقيا وكذلك آسيا، بل وحتى أمريكا اللاتينية، في مقاعد أكثر في كأس العالم، وأن يكونوا ممثلين في الكاف أفضل تمثيل. ‬

ومن جانب ثانٍ، يشعر عشاق كرة القدم من الدول النامية، إنهم قادرون على الوصول للأدوار النهائية، ولمَ لا الفوز بكأس العالم إذا ما توفرت الإرادة وحسن الإدارة واللياقة البدنية والفنية والخطة المناسبة، إضافة للمدرب الوطني الكفء. وعلى ذكر المدرّب، فإن وليد الركراكي قدم دروسا قيِّمة جدا في التدريب من حيث الخطط التكتيكية والاستعداد البدني، والأهم الإعداد النفسي والذهني، إلى جانب الحماس والتحفيز الوطني والذي قد لا يفهمه إلا ابن البلد ولا يستطيع مدرب أجنبي أن يغرس في لاعبيه معنى رفع العلم خفاقا وسحر النشيد الوطني. وهذه دروس غير مسبوقة يجب أن تدرس في أكاديميات التدريب الرياضي والملاعب المحلية. والحقيقة أن التصفيق للمغرب عند الفوز والفخر بالمنتخب وبأشرف حكيمي وزملائه ليس له أي علاقة بالعرق أو الدين أو الطائفة والدليل على ذلك أن الكثيرين من عشاق المستديرة حزنوا لخسارة البرازيل وخروجها من الدور الربع النهائي ولا شيء يربطهم بها من عرق أو دين بل عشق اللعب الجميل والمهارات الفردية البديعة. 

أختم مقالي عن المنتخب المغربي بتلك الصور العائلية والانسانية شديدة الدفء التي التقطها مصورو البطولة للاعبين المغاربة مع أمهاتهم وأبنائهم وزوجاتهم وإخوتهم في نهاية كل مباراة. وأرشّح صورة أظنها الأحلى في هذا المونديال وهي لللاعب بوفال وهو يراقص والدته في الملعب بعد تخطي البرتغال والوصول للدور النصف النهائي.
 
وهي صورة تحمل الكثير من المعاني الجميلة حيث أن بوفال لم يخجل من الرقص مع والدته ولا اعتبر ذلك عيباً ولا حراماً. إنها تعكس حالة حبّ وفرح وفخر، المرأة والأم حاضرة فيها بقوة، وعشناها مع غالبية اللاعبين المغاربة الذين احتضنوا أمهاتهم وقبّلوا رؤوسهن وتراقصوا معهنَّ اعترافاً بفضلهنَّ … فهنَّ من صنعوا هؤلاء الأبطال فتحية للأبطال وأمهات الأبطال !!.