الأحد 24 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

محمّد هرار: انجازات المنتخب المغربيّ البطل

محمّد هرار: انجازات المنتخب المغربيّ البطل محمّد هرار
هل أصبح الحلم حقيقية؟ هل يفعلها أسود الأطلس؟ هل يتحطّم صنم الكبر والتّكبّر الغربيّ في الرّياضة، ثمّ في الفنّ والثّقافة، ثمّ في الاقتصاد..؟؟ هل وهل وهل؟ لا شيء مستحيل عندما تُشحد الهِمَمُ وتتعلّق بما ارتقى وعلا وسمق.

قد يقول قائل: إنّما هو إنجاز محض صدفة، وسريعا ما يعود الكبار إلى مواقعهم الذّهبيّة، وأنّ تفوّق المغرب هو تفوّق مرحليّ استثنائيّ موسميّ.. إلّا أنّ المتابع المنصف لتألّق "أسود الأطلس" في هذه البطولة العالميّة لكأس العالم قطر 2022، يُدرك بإنصافٍ، الجهدَ الذي بذله الفريق ككتلة متجانسة، وليس كفريق.
لقد تفانى الجميع بدءًا من طاقم الجامعة المغربيّة لكرة القدم وانتهاء بٱخر فرد في المنتخب، فهم الرّجال الذين صبروا وصابروا وثابروا وتميّزوا بروح قتاليّة صغّرت أمامهم الكبار، وجعلت ما كان يحسبه النّاس مستحيلا ممكنا، حتّى سهر الكبار الليالي يدرسون الخطط المناسبة لمقاومة هذه الأسود الثّائرة. لقد زيّنهم العمل الجماعي وقوّاهم ورقّاهم حسن التّوكّل على الله تعالى، ثمّ الأخذ بالأسباب والتّوقّف عند الجزئيّات.
في الفريق أسماء كبيرة، غير أنّها لم تحجب الأسماء الأصغر. لقد أذهب التّمايزَ العملُ الجماعيُ الجميلُ، والتّنافسُ في الدّفاع عن الذّات العربيّة الأمازيغية المسلمة، التي وقفت بعض دول الغرب المتكبّر يهاجمها بنقصٍ رآه بزعمه فيها، وذلك لعدم تعلّقها بشذوذه المذلّ.
لم يعد المغرب بحدوده التّقليديّة المعروفة؛ بل لقد اتّسعت وتمدّدت شرقا حتّى بلغ الخليج حيث آخر عربيّ، واتّسعت وتمدّدت جنوبا حتّى غطّت أفريقيا،حيث كلّ إفريقيّ واتّسعت وتمدّدت في كلّ الاتّجاهات حتّى شملت كلّ مسلم حيثما وُجد في المعمورة.
لقد بات المغرب كونا؛ فكثر أنصارُه ونطق الجميع بلسانه متوشّحين برايته الحمراء تتوسطها نجمة خضراء. عوامل جعلت المغرب واسعا كبيرا، ولكنّ عاملا أكبر من هذه العوامل كلّها هو الذي زيّنه وعظّمه وشرّفه ورفعه عاليا؛ ذلك هو المتمثّل في الإخبات وشكر الأولى بالشّكر تعالى ثمّ الذي يليه من خلقه ممّن رُبط ذكره بذكره.
كانت مشاهد السّجود الجماعي الفطريّ بديعة، وكانت وسيلة دعوة، وكانت دعوة للتّفكّر في شأن لاعبي المغرب؛ فإنّهم ما برزوا بلعبهم وتميّزهم بقدر ما برزوا بأخلاقهم وتواضعهم لأمّهاتهم، كان أحسن ما يبرز برّهم شكل أمّهاتهم؛ فإنّهنّ ما عكسن كما يفعل النّاس بروز أبنائهنّ الاجتماعيّ وغناهم المادّيّ النّاجم عن عملهم الكرويّ بما لا يرضي الله تعالى، بل كنّ متحجّبات "بدويّات" متواضعات رغم إقامتهنّ في بلاد الرفاهية والعمارة الشّاهقة. كنّ أمّهاتٍ حقّا؛ فرأينا أبناءهنّ رجالا حقّا، قد رقّاهم برُّهم الذي علّمهم الاستقامة وشجّعهم على السّجود لله تعالى.
خطفت مشاهد السّجود واحتضان الأمّهات ورفعهنّ على الرّؤوس لشكرهنّ والتّباهي بهنّ قلوب كثير من المحلّلين والمعلّقين المنصفين في القنوات الغربيّة، فانطلق أحدهم يقول: "لم نعد نرى هذه المشاهد الحميميّة مع العائلة في مجتمعاتنا الغربية؛ فقد انصرفنا إلى ما يمنعها وبتنا أسرى الأنانيّة ونتاج الشّذوذ والمثليّة الجنسية، حتّى اندثر مفهوم الأسرة أو كاد؛ فحُرمنا دفءها وعققنا الوالدين ورمينا بهم في الملاجئ"...
نبّهنا لاعبو المغرب إلى أنّ هذه الأمّة قد تمرض ولكنّها لا تموت، وأنّها لن تتخلّى عن عقيدتها ودينها وتقاليدها الإسلاميّة العريقة، مهما حاول المحاولون مسخ الهويّة الإسلاميّة.. وأنّها لن تخذل قضيّتها المحوريّة التي حضرت في المنديال حتّى انحاز لها أحفاد بلفور نفسه؛ فقد كانت فلسطين حاضرة حضور الكأس في مناسبتها العالميّة. وغدا بإذن الله في هذه المناسبة أو فيما سوف يتلوها من المناسبات ترفع الكأس الأيادي الطّاهرة المتمسّكة بعقيدتها وهويّتها، فلا تبقى حكرا على غير المسلمين. حفظ الله المغرب وأدام عليه وعلى الأمة العربية والإسلامية الأفراح والمسرات والإنتصارات. وشكرا لأسود الأطلس. والحمد لله ربّ العالمين...