السبت 23 نوفمبر 2024
مجتمع

الدكتور الناصري بناني يحذر من إفساد انتخابات هيأة الأطباء

الدكتور الناصري بناني يحذر من إفساد انتخابات هيأة الأطباء

أكد الدكتور محمد الناصري بناني، الكاتب العام للنقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، على أن الهيئة الوطنية للأطباء، المقرر إجراء انتخاباتها يوم 22 يونيو 2014، هي تنظيم مهني بمقتضى قانون خاص، الهدف منه حماية الممارسة الطبية وصحـة المـواطنين مـن أخطار الشعـوذة والتجاوزات التي يمكن أن يقوم بها بعض الأطباء أنفسهم. موضحا في حوار مع "انفاس بريس" كون الخلط بين الهيئة والنقابة موجود ليس فقط لدى المواطنين، بل كذلك عند بعض الأطباء.

 

+ ونحن على بعد أيام قليلة من انتخاب المجلس الوطني والمجالس الجهوية للهيأة الوطنية للأطباء، كيف يمكن أن توجز أهم المهام المنوطة بهذا التنظيم؟

- هيأة الأطباء هي تنظيم مهني بمقتضى قانون خاص، الهدف منه هو حماية الممارسة الطبية وصحة المواطنين مـن أخطار الشعوذة ومن التجاوزات التي يمكن أن يقوم بها بعض الأطباء أنفسهم. لذلك حُددت مهام الهيئة المهنية للأطباء، عبر التاريخ، في المحافظة على مبادئ وأخلاقيات المهنة ونكران الذات الضرورية للممارسة الطبية، كما السهر على أن يحترم كل الأعضاء الواجبات المهنية، والضوابط المحددة في مدونة أخلاقيات مهنة الطب بالإضافة إلى الدفاع على شرف الممارسة واستقلالية القرار الطبي.

+ بهذا المفهوم ليست الهيأة نقابة للدفاع عن الطبيبات والأطباء، كما قد يعتقد البعض، وإنما تهدف بالأساس إلى العناية بصحة المواطن أولا وأخيرا. هلا أوضحت هذه المسألة أكثر لرفع أي لبس محتمل؟

- صحيح أن الخلط بين الهيأة والنقابة موجود، ليس فقط لدى المواطنين، بل كذلك عند بعض الأطباء. وهذا ما لمسناه من خلال بعض الوعود التي يقدمها بعض من قدموا ترشيحهم للانتخابات القادمة من أجل استمالة الأطباء للتصويت عليهم، والتي تفوق أحيانا ما يسمح به القانون الخاص للهيأة من اختصاصات وما يحدده من مهام. وهذا يوحي بأن هناك من ترشح لانتخابات الهيئة وهو يخلط بين الهيأة والنقابة، ولم يستوعب بعد المقتضيات القانونية التي سيعمل في إطارها أو هو مُطالب بتطبيقها. أما التنظيم النقابي فيخضع لقانون عام متعلق بالحريات العامة، فهو تنظيم قطاعي فئوي الهدف منه الدفاع عن المصالح المادية والاقتصادية والاجتماعية للأعضاء المنخرطين والفئة التي ينتمون إليها.لهذه الأسباب، فإن التقيد في قوائم الهيئة المهنية للأطباء يُعتبر شرطا إجباريا للحائز على الدكتوراه في الطب كي يحصل على الترخيص القانوني لممارسة مهنة الطب، أما الانتماء النقابي فهو اختياري وغير مُلزم.

+ ما هي توقعاتك للأجواء التي من الممكن أن تمر فيها هذه الانتخابات، خصوصا وأن هناك من احتج على ما أسماه حملات سابقة لأوانها أدرج في سياقها وزيري الصحة والعدل لدعم طرف ما؟

- أتمنى أن يعمل الجميع على إنجاح هذه التجربة الأولى من نوعها بعد 30 سنة من حرمان الطبيبات والأطباء المغاربة من حقهم في اختيار هيأتهم المهنية، كما أتمنى ألا يتم التعامل معها مثل التجارب الانتخابية الأخرى التي يتدخل فيها المال من أجل إفسادها.. هذا التخوف والحذر يستمد مشروعيته من كون بعض الشركات التجارية للأدوية تقوم في هذه الفترة المخصصة للحملة الانتخابية بتمويل بعض التظاهرات في الفنادق 5 نجوم، وتصرف الأموال في محاولة للتأثير على الأطباء وسلبهم استقلالية قرارهم الطبي. وفي غالب الأحيان تحت غطاء التكوين المستمر، ولكن في الحقيقة هو تدخل بطريقة غير مباشرة في الحملة الانتخابية لترجيح كفة بعض المرشحين دون غيرهم. على كل، أنا متفائل لأن الأغلبية الساحقة للطبيبات والأطباء واعون بالمسؤولية التي يتحملونها نحو وطنهم ومواطنيهم، وسيُحكمون ضميرهم لاختيار ممثليهم في مجالس الهيئة، ولاختيار أمين لمهنتهم حتى يكون أمينا عليها.

+ خلصت "أنفاس بريس" عبر استقراء لآراء مائة مواطن إلى أن 17 منهم فقط من له علم بوجود هيأة اسمها "الهيأة الوطنية للأطباء". أليس هذا دليل على فشل الأخيرة في أداء واجبها التواصلي، أم نتيجة لعدم إحساس هذا المواطن بأي قيمة مضافة، أم لك سبب آخر؟

- صحيح أن عموم المواطنين لا علم لهم بوجود هيأة الأطباء ولا بالمهام الموكولة لها. وهذا راجع إلى جمود وغياب هذه المؤسسة لمدة ثلاثين سنة. كما أن حرمان الأطباء من انتخاب رئيس هيأتهم دفع بالأطباء أنفسهم إلى عدم المشاركة في عمليات تجديد مجالسها حيث لاحظنا أنه في سنة 1996، آخر انتخابات لمجالس الهيئة، أن نسبة المشاركة لم تتعد 5% من الأطباء المغاربة، إذ هناك من نجح في تلك الانتخابات ولم يحصل إلا على ثلاثة أصوات. هذا الوضع نتج عنه اختلالات عميقة في الممارسة الطبية، مثل تفشي الممارسات غير القانونية للعديد من الفاعلين حتى من خارج المهن الطبية ومصحات تمارس التطبيب والاستشفاء بدون رخصة قانونية، بالإضافة إلى ممارسات غير قانونية وغير أخلاقية في كل القطاعات. كما سجلنا غياب الهيأة، حتى خلال مناقشة مشروع مدونة التغطية الصحية، وسكوتها على خرق أهم مبادئ الممارسة الطبية المتفق عليها كونيا (حرية المريض في اختيار طبيبه المعالج، استقلالية الممارسة الطبية...)، وعدم قيامها بمجرد تجديد مدونة الأخلاق المهنية التي يرجع تاريخها إلى سنة 1953، أي إلى عهد ما قبل الاستقلال. فمن الطبيعي إذن أن تؤدي هذه الأسباب إلى إحساس لدى الأطباء والمواطنين بعدم جدوى هذه المؤسسة المهنية، في حين أن من أولى مهامها الدفاع عن الضوابط والأخلاقيات المنظمة للممارسة الطبية وحماية صحة المواطنين من أخطار الشعوذة.

+ يلاحظ من خلال التغييرات التي نجحت لجنة التنسيق الوطنية في إدخالها على القانون المنظم للهيأة أن المادة 3 تتحدث عن إمكانية تنصيب الهيأة نفسها طرفا مدنيا أمام المحاكم. ما القصد من ذلك تحديدا؟

- الهدف من ذلك، كما سبق وذكرت، هو محاربة الممارسات غير القانونية لمهنة الطب وحماية الممارسة الطبية من أخطار الشعوذة مع مساعدة القضاء على الحكم العادل، والصحيح في الملفات المعروضة أمامه في ما يتعلق بالجانب العلمي والتقني للممارسة الطبية والقضايا المرتبطة بصحة المواطنين.

+ ما دمنا في خضم الحديث عن صحة المواطن، كيف تنظر لما أقدمت عليه الوزارة المعنية من تخفيض لأزيد من 1100 دواء من جهة، وفتح رأسمال المصحات الخاصة أمام المستثمرين غير الأطباء من جهة ثانية؟

- في ما يتعلق بتخفيض ثمن الدواء لتسهيل ولوج المرضى للدواء والعلاج، طالبنا أولا بأن تتخذ الحكومة قرارا بإعفاء كل الأدوية من الضرائب المباشرة وغير المباشرة، لأنه لا يعقل أن يفرض على المريض المغربي، مثلا، دفع الضريبة على القيمة المضافة على الدواء. فهذا المطلب لم تستجب له الحكومة وعملت على اللجوء إلى أسلوب آخر لتلميع صورتها لدى المواطنين، في حين أن العائق الأساسي الذي يحول دون ولوج المواطنين إلى العلاج هو انعدام تغطية صحية حقيقية لدى أغلبية المواطنين بمن فيهم أصحاب المهن الحرة والمستقلين، ومن ضمنهم مقدمي الخدمات الصحية العاملين في القطاع الخاص. أما في ما يتعلق بفتح الاستثمار التجاري في الصحة، وكما بينت نتائج العديد من الدراسات التي أجريت في الدول التي سبقت المغرب في تبني هذا النظام الذي أدى إلى إقصاء الفئات الفقيرة والمتوسطة من حقهم في الولوج بسبب ارتفاع تكلفة العلاج، لأن المستثمر التجاري يهدف بالأساس إلى الربح ولو كان ذلك على جودة العلاج. وعلى كل حال، نحن اتخذنا عدة مبادرات نضالية لتنبيه الحكومة وتوعية الرأي العام الوطني بخطورة هذا الإجراء وليتحمل كل واحد مسؤوليته أمام المواطنين وأمام التاريخ، وليأخذ كل واحد العبرة من نتائج تخلي الدولة عن قطاع التعليم والسماح بفتح الاستثمار التجاري في هذا القطاع الحيوي. اللهم اشهد أننا قمنا بواجبنا و نبهنا و بلغنا.