ثلاثة عناوين للحكومة المصرية الجديدة التي أدت القسم القانوني، صباح يومه الثلاثاء 17 يونيو 2014، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي هزم الإخوان يوم ثالث يوليوز من السنة الماضية:
ـ إنها أول حكومة بلا وزارة إعلام، انسجاما مع الدستور الجديد الذي قضى بتشكيل المجلس الأعلى عوض ذلك الجهاز التنفيذي.
ـ إنها أيضا أول حكومة تخص سكن العشوائيات بوزارة خاصة، تجاوبا مع دعوة المجتمع المدني بتنقية مصر من السكن الفوضوي، حيث فتات واسعة من المصرين لا تزال تقيم في عصر "ما قبل التاريخ".
ـ وهي أيضا أول حكومة في تاريخ مصر، وربما في العالم العربي تؤدي القسم في الساعة السابعة صباحا، تفاعلا مع دعوة السيسي، خلال الحملة الانتخابية، المجتمع إلى ضرورة مباشرة العمل الحكومي مبكرا في إشارة إلى سلوك جديد لسياسيي مصر.
عدا ذلك، فالحكومة التي تشكلت بإدارة إبراهيم محلب بـ 34 عضوا، من بينهم 13 وزيرا جديدا، لم تتضمن مفاجآت كبرى، باستثناء التخلي عن نبيل فهمي (وزير الخارجية السابق) لأسباب أعادتها مصادر إعلامية إلى عدم حسمه في إقالة بعض سفراء مصر في الخارج الذين بدا، حسب تلك المصادر، أنها لا تتجاوب مع حاجيات التحول المنشود. المفاجأة الثانية إعادة الدكتور جابر عصفور إلى وزارة الثقافة بعد أن كان قد تولاها في حكومة أحمد شفيق، أياما قليلة بعد ثورة 25 يناير 2011، والتي كان قد استقال منها بعد عشرة أيام فقط تحت وطأة التنديد بمشاركته ضمن صخب الثورة على نظام مبارك.
أما بخصوص التحديات الكبرى التي تواجه هذه الحكومة، فيمكن إجمالها على النحو التالي:
ـ هناك أولا التحدي الأمني في مواجهة تفاعلات القطع من زمن الإخوان، والاستمرار في محاكمة قادتهم على خلفية تهم تمس أمن الدولة، ورهان استعادة السلم، تثبيتا لما يعرف في مصر بخارطة المستقبل في أفق استكمال هذه الخارطة بتنظيم الانتخابات البرلمانية.
ـ هناك ثانيا التحدي الأكبر: مواجهة المطالب الاجتماعية والاقتصادية الملحة التي يرفعها المجتمع المصري لتطوير القدرة الشرائية، ولمقاومة الفساد وللقطع مع الثقل البيروقراطي.
ـ أما التحدي الثالث، فيتمثل في استعادة مصر لدورها في المجال الإقليمي والدولي اعتبارا لما يطبع هذا المجال من تجاذبات المحيط في سوريا والعراق، وفي العلاقة مع قطاع غزة المشتعل، ضمن هذا التحدي مواجهة الحاجة إلى دعم مصر حاليا وعسكريا، وانتظار ما يقترحه المجتمع الدولي في هذا المجال، خاصة بعد إذابة الجليد مع الولايات المتحدة الأمريكية التي بدا أنها صارت تقبل بالأمر الواقع، وأن الرهان على الإخوان صار بعيدا.
كل الرهانات والتحديات عالقة في انتظار ما سينتج عن دينامية الحكومة الجديدة التي تطوق بمسؤولية كبرى: ثقة الشارع المصري اللامحدودة في الرئيس الجديد الذي يصورونه زعيما فوق العادة، لكن إكراهات الواقع وحاجيات مصر أكبر من كل ذلك.
هل ستنتصر خارطة المستقبل على الأحلام والتوقعات؟ هل ستكرس الزعامة لحظة التحول؟ هل ستستعيد مصر سلامتها؟
تلك هي الأسئلة التي ستجيب عنها دينامية الحكومة الجديدة، وتفاعلات دار الكنانة داخليا وخارجيا.