السبت 23 نوفمبر 2024
سياسة

كرام: استقلت من "العدالة والتنمية" لأنه أصبح رهينة بيد "الذئاب الملتحية"

كرام: استقلت من "العدالة والتنمية" لأنه أصبح رهينة بيد "الذئاب الملتحية"

بخلاف الكثير من السياسيين الذين قد يقدمون على تقديم استقالاتهم في صمت، أقدم كرام لحسن، عضو حزب العدالة والتنمية السابق، على إصدار كتاب "الذئاب الملتحية الخديعة الكبرى"، يوضح فيه خلفيات تقديم استقالته من الحزب عام 2008. مشيرا في حديث لـ "أنفاس بريس" أن الكتاب هو بمثابة مراجعة فكرية للأطروحة الإسلامية التي يتبناها الحزب، ومحذرا من دمج النص المقدس في التدافع السياسي الذي وصفه بـ "الخطير للغاية". ومقدما اعتذاره للمغاربة عن التضليل الذي مارسه، كما مورس عليه لما كان ناشطا في صفوف حزب "المصباح".

 

+ العديد من الفاعلين السياسيين لما يقدمون على تقديم استقالاتهم من الهيآت السياسية لا يصدرون كتبا يوضحون فيها خلفيات استقالاتهم، بينما أنت حرصت على إصدار كتاب تكشف فيه أسباب تقديم استقالتك من حزب العدالة والتنمية، ما الذي دفعك لذلك؟

- الكتاب صدر سنوات بعد تقديم استقالتي من حزب العدالة والتنمية التي تمت عام 2008، ونظرا لحرصي على التريث وعدم إطلاق الأحكام الجاهزة تحت دافع الانفعال أو التوتر أو الذاتية، حرصت على أن أكتب بعمق وبهدوء وبروية، لأن الذي وقع خطير للغاية لشاب مغربي عربي مسلم، حيث تم توظيف الخطاب لاسترقاقه واستعماله، ويمكن إسقاط هذه المعادلة بحجم أكبر على مستوى المجتمع والدولة. والكتاب كتبته في رمضان المنصرم، ويصدر الآن على أبواب رمضان المقبل إن شاء الله.. وقد جاء إصدار الكتاب لتحقيق 5 أهداف.

+ وماهي هذه الدوافع؟

- أولا هو سيرة ذاتية في السياسة، والغالب أن السير الذاتية في السياسة يكتبها الكاتب وهو في خريف عمره أو يداعب سنين عمره. سيرتي كتبتها في هذا السن لعلها تشكل ومضة لمجموعة من الفاعلين داخل المجال السياسي. ثانيا هي مراجعة فكرية لأن التنظيم الذي كنت أنتمي اليه ليس تنظيما كلاسيكيا عاديا، هو تنظيم يتبنى الأطروحة الإسلامية. والكتاب يتضمن مراجعة فكرية لهذه الأطروحة، طبعا تناولتها من جانبها التاريخي من حيث حيثياتها وإسقاطاتها على المجتمع وظروفها التي نشأت فيها وما يترتب عنها. ثالثا الظرفية التي كتبت فيها هي ظرفية خاصة داخل العالم العربي والإسلامي، تميزت من حيث المضمون، رغم اختلاف الأسماء، والأسماء هي ما بين حراك وتدافع وحروب أهلية وفتنة وانهيار كامل لمجموعة من الدول، لكن المضمون واحد هو بحر من الدماء داخل الوطن العربي، باسم مجموعة من الأمور باسم مجموعة من الأمور، أبرزها دمج النص المقدس في كل ذلك، وهذه مسألة خطيرة. واذا رجعنا للمجتمع العربي المسلم سنجد توظيف للنص المقدس منذ الفتنة الكبرى بين معاوية وعلي رضي الله عنه، عندما استعمل معاوية القرآن الكريم فوق رأس أئمة الرماح والسيوف، حيث وظف الكتاب المقدس منذ ذلك الحين وإلى اليوم.. كان السيف يعمل والدماء تغرق والفتن تبعث والانهيار في كل فترة وحين باسم استعمال المقدس وباسم توظيفه وباسم استرقاق أرواحه.. رابعا الكتاب هو في جزء منه عبارة عن بحث: هو العلاقة بين النص المقدس والخلفية الدينية مع التدافع السياسي في العالم الإسلامي. وهذه مسألة خطيرة للغاية. لا يحق لأي سياسي أو الأحزاب السياسية أن تستعمل سلطة الدين في التدافع السياسي لأن طبيعة المجتمع المسلم يذعن للخطاب الديني وإلا يخاف على نفسه النفاق والمروءة وغير ذلك.. وبالتالي أن تمارس السياسة بخطاب ديني فهذه مسألة خطيرة للغاية تطرق إليها الكاتب في كتابه.

وفي الأخير الكتاب كما أفردت في مقدمته يتضمن اعتذارا للمغاربة عن التضليل الذي مارسته، كما مورس علي أنا أيضا عندما برمجت على أن الانخراط في حزب العدالة والتنمية هو أسمى آيات البر والإحسان وهو خدمة للدين والوطن... وجاء هذا الكتاب كهدف خامس له ليحذر الشباب المغربي خاصة، والشباب في العالم الإسلامي عامة، من تجار النصوص المقدسة ومن تلك التنظيمات التي تمارس التقية والتي تشتت رأي المتتبع أو المحلل او المنخرط داخل كياناتهم بين تنظيم دعوي وبين تنظيم سياسي وبين أذرع إعلامية وبين أذرع جمعوية وبين وبين، ويقال لنا على ان هناك الفصل، ولكن في واقع الأمر هي مؤسسات متجانسة تشتغل وفق أجندة معينة من تنظيم عالمي يجهل رأسه. وبالتالي لا يمكن أن أسكت عن ذلك كشاب استرق لمدة 16 سنة، يحب وطنه وبلده، ويعلم أن المغرب له خصوصية، وليس كباقي دول الشرق التي قامت فيها تلك الحركات الإسلامية وغير ذلك. فالمغرب حافظ على إمارة المؤمنين، وبالتالي هناك انتفاء لشروط وجود هذه الكيانات في الشرق كما في الغرب.

+ يقال إن حزب العدالة والتنمية هو غطاء سياسي لحركة التوحيد والإصلاح، ما مدى صحة هذا القول؟

- هو ذراع سياسي لحركة التوحيد والإصلاح التنظيم الأم، وأنا أجزم بذلك.

+ وماذا عن باقي الأعطاب التي يعاني منها حزب العدالة والتنمية، والتي دفعتك لتقديم استقالتك؟

- خطورة هذه التنظيمات هو أنه يصعب عليك أن تموقع نفسك داخل إطار معين.. أنت يفعل بك ولا تفعل داخل حزب العدالة والتنمية، لن تستطيع أن تمتلك رؤية واضحة إلا بعد فوات الأوان..

+ هل تلمح إلى إشكالية الديمقراطية داخل التنظيمات الإسلامية..؟

- ما يتبجح به من ديمقراطية داخل حزب العدالة والتنمية هي ديمقراطية موجهة من طرف أعضاء حركة التوحيد الإصلاح المنبثون في مفاصل حزب العدالة والتنمية دون أن يكون لهم أداء سياسي، بل يكون لهم حضور في المفاصل الانتخابية داخل الحزب. من يريد ممارسة السياسة داخل حزب العدالة والتنمية، كما كنت أعتقد، هو واهم، وبالتالي سيصبح سخرة في أيدي من يوجه العدالة والتنمية وهي حركة التوحيد الإصلاح. أنا أقول لابد من وضوح في الرؤية، لابد من معقول في الخطاب، لا يمكن أن نضحك على المغاربة بالقول بالفصل بين العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح.. ومن يغرد خارج حركة التوحيد والإصلاح بالضرورة سيعاقب داخل حزب العدالة والتنمية، وسيجد نفسه مقزما أو معزولا.. الأعطاب كثيرة، وهي أعطاب أخلاقية.. وهذه مفارقة للغاية، لأن خطاب العدالة والتنمية هو خطاب أخلاقياتي محض، وهو أبرز الأعطاب داخل هذا الحزب. عندما نتحدث عن الكولسة في الإنتخابات الداخلية، عندما نتحدث عن المستبد الأكبر وهو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، لن تجد قرارا كبيرا أو صغيرا دون فصل من الأمانة العامة، وكأنه استسلام مؤسساتي داخل حزب يدعي الديمقراطية والنزاهة، ويطالب الدولة المغربية، ويطالب الآخرين داخل المجتمع المغربي أن يكونوا نزهاء وأن يكونوا ديمقراطيين وأن يكونوا.. وأن يكونوا.. هي إذن ازدواجية في الخطاب أضاعتني لمدة 16 سنة، وأضاعت مستقبل أبنائي باسم المقدس.

+ وماذا عن وصفك أعضاء حزب العدالة والتنمية بـ "الذئاب الملتحية"؟

- لا..أنا لا أتحدث عن الأعضاء، بل أتحدث عن "الذئاب الملتحية" التي تتحكم في مفاصل حزب العدالة والتنمية، والتي تسطو على كفاءة السذج من الأطر، كما كنت، وتستعمله وتسترقه وتستخدمه، ثم بعد ذلك ترمي به كأي منديل ورقي وكأي حبة برتقال تعصر لشرب عصيرها ثم تلقى في القمامة.. "الذئاب الملتحية" تنهش اللحم وتمتص العظم دون رحمة أو هوادة. أليست هذه هي الذئاب..؟!