الجمعة 19 إبريل 2024
مجتمع

خالد أخازي: مديرو ومديرات التعليم ينتظرون أجرأة المرسوم والوزارة تماطل لأسباب ملتبسة

خالد أخازي: مديرو ومديرات التعليم ينتظرون أجرأة المرسوم والوزارة تماطل لأسباب ملتبسة خالد أخازي ومصطفى وزيف (يسارا)

عرفان لابد منه:

إلى روح مصطفى وزيف... رحل قبل أن يرى شجرة نضاله من أجل الإطار تزهر... ثم تثمر... لكنها بلا ظل ولا ذاكرة...

هل عادت وزارة بنموسى إلى عادتها القديمة...؟

ربما سيثار السؤال التالي: وما هي عادة وزارة التعليم القديمة.... وهي مازالت غارقة في ملفات لم تسو وقضايا عالقة، واتفاقيات مبهمة حد الحيرة...؟

لا أحد ينكر أن مع بنموسى هناك تحولا حقيقيا لتبديد كل الخلافات التي تؤثر على الأداء البيداغوجي والتربوي...

لا أحد ينكر أن الهدر المدرسي تقلص بانخراط وزارة بنموسى في حوار حقيقي لا مزيف... وظهرت معالمه في إصدار بعض المراسيم...

بنموسى لا جهة ما يمكن لها أن تحرقه في حوار مزيف...

فللرجل مكانته.... وتاريخه... وهو يجيد اللعبة السياسية ولو برصيد تقنوقراطي..

لا أحد ينكر أن أصعب ملف كان هو ملف الأساتذة المتعاقدين.. والذي آفاق حله بدت تتضح بإخراج نظام أساسي يضمن الحقوق الوظيفية للجميع...

تأخرت المقررات... نتفهم الوضع.... فبنموسى يحارب اليوم في جبهة الملف الاجتماعي بكل شجاعة ومصداقية... لكن هناك جبهة صغرى... داخلية ....نتمنى أن يتفرغ لها قريبا.... لتتضح له الرؤية.... وبؤر الوزارة المزمنة في مفاصل الوزارة ....

عادة الوزارة القديمة غير مرتبطة بقائد سفينة التربية... بل ممن في الخفاء يزيفون بوصلتها... وممن يشرخ ضلعها ويدعي أنه أمهر نجار... أو يعرف نجار سفن ماهر.... أو يعرف مكتب دراسات لتشخيص سلب تسرب الماء... وشركة تنفيذ أخرى لإعادة صنع الأضلاع...

سأقول لكم... ما الذي ميز هذه الوزارة لعدة سنوات...؟

وزارة التربية الوطنية... منذ زمن غدت ظاهرة صوتية.... كل التزاماتها كانت مجرد بيانات ملزمة لكنها ناكثة بالعهود والاتفاقيات...

لا نريد أن نصفها بوزارة الكذب... فالوزراء لا يكذبون... لكنهم يدبرون الزمن والأزمات بالشفوي والإشاعة والتشكيك والترغيب وتأليف القلوب...

لا يمكن أن يكون أمزازي كذابا... حاشا... فالرجل حين تفاوض مع أطر الإدارة التربوية كان له تاريخ مرجعي... وكان التزام شرف... لكنه ما إن خرج من بوابة الوزارة.... حتى نسفوا ما اتفق عليه .... لكنهم اغتالوا الذين جلسوا على طاولة الحوار لسنوات...

قتلوا أطر الإدارة الذين اعتصموا واحتجوا وقدموا التصور.... ليلة التوقيع على الاتفاق الجديد القديم... بهاجي مادي محض....

لقد حرموا....الذين فاوضوا على الإطار وناضلوا من أجله لسنوات من حقهم فيه ليلة تقاعدهم...

أهي عملية حسابية مالية بعقلية تقنوقراطية بلا قلب ولا إحساس أم انتقام ممنهج... ناعم بمسدس كاتم للصوت...؟

ولحد الساعة....مازال آلاف المديرين والمديرات في وضعية الثالث المرفوع.... لا هم مكلفون بالإدارة ولا هم متصرفون تربويون.... وقد عمر المرسوم الذي يمنحهم هذا الحق... وكل تأخير في إعادة التسمية والترتيب والإدماج ينعكس سلبيا على ترقيتهم ومسارهم المهني... ويراكم الملفات في مديرية الموارد البشرية التي هي في غنى عن تراكم جديد يرهق ما لم يعد قادرا على الحمل.

أزمة مديرية الموارد البشرية أنها لا تستغل بمقاربة الأولويات بالإيقاع المطلوب. ولا تدبر الملفات الاستعجالية وفق رؤية إنسانية لا تقنية.... وإن دفعت بأسبقية معالجة ملفات المتقاعدين.. وضع ملتبس يراكم الأزمات ويعمق أزمة التدبير الإداري في زمن الزر الرقمي الذي يدبر الزمن بفعالية خارقة...... ويصعب تدبير ما لم يعد قابلا للتأخير... فرجاء يا مدير مديرية الموارد البشرية... تحمل هذا التعب واضغط على الزر السحري.... رجاء... نعرف أن العملية متعبة... لكن افعلها... وإن كنت تدخن... تمدد على كرسيك الوثير وانفث دوائر دخان منتشيا بفتح جديد وأنت تجول ببثرك في كل الصور و"التروفي"...

القضية ليست مالية فحسب بل لها علاقة بالحكامة... هذه هي أزمتنا.... الحكامة عندنا أدبيات لا عقلية ومنهج وأجرأة ميدانية... فالهدر الزمي هو أهم أعراض عدم تنزيل الحكامة... وتخمة الموارد البشرية وسوء توزيعها وارتفاع نفقات التسيير... ضوء أحمر من الدرجة الخطيرة على غياب الحكامة...

التدبير الجيد للزمن للموارد البشرية والموارد المالية والموارد المادية وفق مخطط سنوي تحدد له مؤشرات أهداف واضحة....

هل تشتغل المديريات المركزية وفق تعاقد مع الوزير على مخطط مديري ذي مؤشرات قابلة للقياس وتسمح بالمحاسبة بدل تعويم القرار والمسؤولية...؟

جميل أن نطالب الأكاديميات والمديريات بمخطط عمل سنوي وبمشروع تربوي سنوي وكل الأقسام والمصالح... وفقه تتم المحاسبة وقياس درجة التقدم والجودة... لكن هل المديريات المركزية نفسها تشتغل نفسها وفق هذا التصور.... التعاقد وفق مؤشرات التحقق التربوي والإداري والبيداغوجي والقانوني والبنيوي... حتى تتأسس فعلا آلية مركزية لتقييم الأداء المركزي...؟

كما تلزمون الأكاديميات والمديريات حد الهوس بتحقيق مؤشرات الجودة والكم... هاتوا مشاريعكم.... وقولوا لنا ما هي مؤشراتكم الإيجابية قياسا مع وضعية الانطلاق... هذا هو التعاقد لا تبني نجاحات الجهات والمديريات...

نعود للموضوع.....

ستتحرك مديرية الموارد البشرية كي تخرج أطر الإدارة من هذه الوضعية الملتبسة وتوافيهم بقرارات إدماجهم في إطار متصرف تربوي وفق المرسوم الذي أشهر بالجريدة الرسمية منذ شهور.... أم أنها ستماطل كالعادة لأسباب تقنية حتى تمتهي المهلة التي منحت .... وبالتالي تفوت على من قدم طلبا حق المشاركة في الترقية....؟

هل عادت وزارة بنموسى إلى ظاهرة صوتية.... مجرد عهود يغسلها ضباب الليل...؟

أكرر مرة ثانية... وأكرر أن التاريخ المرجعي للإدماج كان قاسيا وظالما... حرم المؤسسين للدينامية من حقهم واغتال حقا من حقوقهم وهذا كله بجرة قلم....

الذين وضعوا وصاغوا تصور المتصرف التربوي وجلسوا على طاولة المفاوضات.... بجرة قلم....حرموا منه.... ليلة الاتفاق الغادر الذي عدل المشروع كما قدمه أمزازي....

لا حل لهذا الوضع... سوى الحكامة وميثاق الثقة... والصدق لا المناورات التي تخلف ضحايا... والإنصاف... والقطع مع ترسيخ مشاعر الغبن بين صفوف نساء ورجال التعليم...

وهذا لن يتأتى إلا بتوحيد الوضعيات المهنية وتوحيد المسار المهني... مهما كانت التكلفة المالية.... لأن السلم النفسي من السلم الاجتماعي.... وهذا هو مدخل الجودة لا طلاء المؤسسات وتغيير المقررات ولا كثرة التكوينات... فالمدرس الذي يستشعر الإنصاف.... ينجح في عمله ولو في خيمة دراسية.... فراهنوا على الإنصاف توفروا الملايير..

 

خالد أخازي، روائي وإعلامي