الجمعة 29 مارس 2024
كتاب الرأي

الحسن زهور:  ذكرى المولد النبوي مناسبة للتجديد والتنوير لمصلحة الإنسان

الحسن زهور:  ذكرى المولد النبوي مناسبة للتجديد والتنوير لمصلحة الإنسان الحسن زهور
ذكرى المولد النبوي هي مناسبة للتجديد والتنوير لما فيه مصلحة الإنسان في مجتمعاتنا الإسلامية، والمناسبة هي للرجوع إلى الغاية من بعث او ظهور الأنبياء والمصلحين، وهي إصلاح المجتمعات البشرية بتجديد القيم الإنسانية وتنقيحها، وتغيير واقع الإنسان نحو الأفضل كإنسان، وفك القيود والأغلال عنه، فلكل زمان خصائصه التي لا تشبه خصائص الأزمنة قبله.
فالمناسبة هي للرجوع إلى الغاية من الأديان، وليس إلى الوسائل المكبلة لحرية وكرامة الانسان اليوم التي تختلف عن مدلول حريته وكرامته أمس: فاليوم الإنسان مواطن، وليس فردا ضمن قطيع/ رعية، والمرأة إنسانة حرة وليست عورة أو ناقصة عقل... والمواطن اليوم هو مواطن بغض النظر عما كان عليه سابقا في ظل الشرائع الدينية التي قننها رجال الدين، وكانت تميز بين البشر (  تماشيا مع الظروف التاريخية آنذاك) من حيث لونه(حر، عبد) أو جنسه (رجل،  امرأة، جارية، أمة..)أو دين(المومن، الكافر/ المسلم ،الذمي... 
مناسبة المولد النبوي هي تجديد الغاية التي من أجلها بعث الانبياء، والتي يلخصها الحديث النبوي" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" اي مواصلة طريق الإصلاح الذي بدأه الأنبياء والمصلحون قبله و سيواصله المصلحون بعده ما دامت المجتمعات الإنسانية موجودة…
ذكرى المولد النبوي هي مناسبة للسيرعلى نهج الإصلاح، أي إصلاح وتنوير مجتمعاتنا التي قطعت مع الكثير من القوانين والحدود "الشرعية" التي كان الفقهاء يعتبرونها من أسس الشريعة، فإن كانت بعضا من هذه الشرائع مقبولة في المجتمعات القديمةالزراعيةأوالتجارية ؛ فاليوم اصبحت متجاوزة ( قطع اليد، الجلد، الرجم، أهل الذمة، الحر المسلم لا يقتل إذا قتل عبدا أو ذميا، قتل المرتد والمثليين، إلزام المرأة بيتها باعتبارها عورة، المرأة ناقصة العقل تحتاج دوما الى ولي أمرها،  شراء وبيع الجواري والإماء والعبيد ..، ما يطبق على الحر او الحرة لا يطبق كاملا على العبد أو الأمة، طاعة العبيد المطلقة لأسيادهم... ).
المناسبة هي تجديد المجتمعات الإسلامية وتنوير الاسلام  لئلا يبقى في يد من يسيء إليه ويريد إرجاعه إلى القرون الخالية ( لفرملة نهضة المجتمعات الإسلامية اليوم) من الفقهاء و الجماعات السلفية والاسلامية المتطرفة وغيرهم من الذين لا يرون في الدين إلاوسيلة للوصول إلى السلطة السياسية بمنافعها الدنيوية عبر دغدغة عواطف الناس، لإقامة دولة دينية سياسية، والتي تجسدت في بعض النماذج الدينية مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام(داعش), او افغانستان او بوكو حرام..
المناسبة هي التجديد و التنوير وقراءة الإسلام من واقعنا الإجتماعي والحضاري اليوم أسوة بما فعله أجدادنا الأمازيغ الذين أخذوا بالغاية من الدين وليس بالوسيلة أي الحدود، فأقاموا مجتمعاتهم التي فصلوا فيها بين الدين/الشريعة وبين التدبير الإجتماعي والسياسي لأمورهم، فلم يقطعوا يدا ولا رجموا ولا قتلوا من أجل القصاص، وأعطوا للمرأة كدها وسعايتها في الأماكن التي طبقوا فيها قوانينهم أي أعرافهم، واعطوا لنا مثالا في الفصل بين الدين والسياسة،أي ما نسميه بالعلمانية الأمازيغية..
فمناسبة المولد النبوي، ليست مناسبة للذكرى، بقدر ما هي تذكير بالغاية منها، وهي التجديد والتنوير وركوب مراكب العلوم والأخذ بالفكر العقلاني التي أنتجها المجتمع الإنساني لتلتحق مجتمعاتنا الإسلامية بالركب الحضاري. ولمجتمعنا المغربي تاريخ في إنتاج هذا الفكرالعقلاني باعتبار شمال غرب أفريقيا منذ القديم أو الغرب الإسلامي في ظل الإسلام اشتهر بأنه معقل الفكر العقلاني منذ اغسطين، ودونات ( مذهب الدوناتية) أفولاي، وابن خلدون، وابن رشد.. إضافة إلى تميز المغاربة بتدينهم المغربي المتميز عن نظيره الشرقي..