الجمعة 19 إبريل 2024
خارج الحدود

إسبانيا تعاقب الرئيس الفرنسي ماكرون وتقرر حرمانه من 1000 مليون أورو

إسبانيا تعاقب الرئيس الفرنسي ماكرون وتقرر حرمانه من 1000 مليون أورو رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز وماكرون الرئيس الفرنسي( يسارا)
دخلت الحكومة الإسبانية في مواجهة كسر العظام مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ودافعت بكل وضوح عن فرض "سقف لسعر الغاز" في جميع أنحاء أوروبا، وذلك ردا على رفض باريس إنشاء خط أنابيب الغاز "ميد كات" (MidCat) عبر جبال البرانس، والذي اعتبرته هذه الأخيرة "عديم الفائدة".
وكانت النائبة الثالثة للرئيس الإسباني، تيريزا ريبيرا، قد أعلنت الأسبوع الماضي على التلفزيون الإسباني، عن دعم إسبانيا لطلب رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين ، للتدخل في سوق الكهرباء الأوروبية وفرض سقف لسعر الغاز، وقالت إن الحكومة الإسبانية كانت سباقة إلى المطالبة بذلك قبل عام. 
وتوقعت تيريزا ريبيرا أن أوروبا ستحتاج إلى "إجراء مشابه على الأرجح للاستثناء الإيبيري الذي نطبقه منذ يونيو في إسبانيا والبرتغال، حتى لا يؤدي سعر الغاز إلى تشويه سعر الكهرباء بشكل رهيب".
وعلمت "إلكونفيدونسيال"، نقلا عن مصادر مقربة من السلطة التنفيذية، أن إسبانيا قررت قيادة الدفاع عن الحد الأقصى لسعر الغاز في أوروبا، لمعاقبة فرنسا لرفضها التواصل مع ألمانيا من أجل الاتفاق حول إنشاء أنبوب الغاز.
وتدعم إسبانيا الغاز من خلال "الاستثناء الإيبيري" ، ذلك أنها تبيع لفرنسا "أرخص" بكثير، حيث أظهرت صادرات الطاقة زيادة ملحوظة في الأشهر الثلاثة الماضية تقريبًا . ويتم تبرير هذه الصادرات بشكل أساسي من خلال انخفاض تكلفة توليد دورات الغاز الإسبانية المجمعة التي تخصص جزءًا من الزيادة في الإنتاج لتغطية احتياجات الطاقة في البلدان الأخرى، والتي يدفعها المستهلكون الإسبان.
وتقتضي هذه الزيادة في الصادرات دعمًا يوميًا من إسبانيا إلى فرنسا بنحو 2.5 مليون يورو، أي ما يعادل حوالي 1000مليون سنويًا.
إلى ذلك، ارتفعت صادرات الكهرباء إلى فرنسا من إسبانيا إلى أعلى مستوياتها منذ دخول ما يسمى "الاستثناء الإيبيري" حيز التنفيذ في يونيو الماضي، وهي الآلية التي صممتها الحكومة لوضع حد لسعر الغاز الطبيعي للكهرباء عند 40 يورو لكل ميغاواط / ساعة. غير أن هذا الطلب الفرنسي القياسي يزيد من التوتر في السوق، ويؤدي في النهاية إلى رفع سعر الكهرباء في إسبانيا.
وقالت "إلكونفيدونسيال" إن عرض سعر أقل للكهرباء من إسبانيا يؤدي إلى ارتفاع ميزان الصادرات مع فرنسا إلى تلك المستويات القصوى، لأن المستهلكين الفرنسيين لا يدفعون تعويضًا عن الدورات المركبة لهذا الإجراء الذي يقع ثقله على عاتق المستهلكين الإيبيريين الذين يستفيدون من هذه الآلية.
ومع ذلك، فإن تقريرًا مدمرًا من تقنيي المفوضية الأوروبية، والذي تم إصداره في الأيام الأخيرة ، يؤكد أن مقياس إسبانيا والبرتغال "مكلف وعكسي وحتى محفوف بالمخاطر ولا يرونه صالحًا للاتحاد الأوروبي". مضيفا أنه "إذا دعم الاتحاد الأوروبي هذا الإجراء، فإنه سيزيد من استهلاك الغاز بنسبة 10٪ على الأقل". كما أن "استخدام الغاز لتوليد الكهرباء سيتضاعف". 
وذهب التقرير إلى أن "الحد الأقصى يشجع الاستهلاك، مما يعني أنه ستكون هناك حاجة إلى مزيد من إمدادات الغاز أكثر مما يتلقاه الاتحاد الأوروبي حاليًا". ويضيف: "إذا لم يكن ذلك ممكنًا نظرًا لقدرة الغاز المحدودة ، فقد يعرض أمن الإمداد للخطر (...) وبناء عليه يتعين اتخاذ قرارات صعبة".
وكانت المفوضية الأوروبية قد اقترحت، في ماي الماضي، على الحكومات الأوروبية فرض سقف للأسعار في حال ارتفعت تكاليف الطاقة إذا أوقفت روسيا إمدادات الغاز.
وجاء في الاقتراح أنه "سيكون أحد الاحتمالات تقييد الأسعار خلال هذا السيناريو المضطرب بفرض سقف للأسعار على تبادلات الغاز الأوروبي". مؤكدا أن "تمويل مثل هذا الإجراء - حتى ولو لفترة محدودة فقط - قد يتطلب مبالغ كبيرة ويشكل تحديات معينة". وأضاف "يجب التأكد من أن تطبيق سقف للأسعار لا يفاقم سوء وصول الاتحاد الأوروبي لإمدادات الغاز والغاز الطبيعي المسال".
ومعلوم أنه جرى منح "استثناء إيبيري" لمثل هذا السقف لإسبانيا والبرتغال. وعارضت دول مثل ألمانيا وهولندا تدخلات أوسع نطاقا في آليات السوق.
ووافقت الحكومة الإسبانية على قواعد تتيح وضع حدود قصوى لأسعار الغاز الطبيعي في البلاد، في أقوى تحرك من جانب حكومة أوروبية لاحتواء الارتفاع الحالي في أسعار الطاقة نتيجة الحرب الروسية ضد أوكرانيا.
وكانت المفوضية الأوروبية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي قد وافقت، في وقت سابق، على منح إسبانيا والبرتغال استثناء من الالتزام بقواعد الاتحاد الأوروبي، والسماح لهما بفرض حد أقصى لأسعار الغاز الطبيعي المستخدم في توليد الكهرباء، فيما عرف باسم "الاستثناء الإيبيري".
وحصلت الدولتان في أواخر الشهر الماضي على الاستثناء الذي يتيح عزل أسعار الكهرباء في شبه جزيرة إيبيريا، حيث تقع الدولتان، عن الارتفاع في أسعار الغاز الطبيعي في باقي دول الاتحاد الأوروبي، حيث تمتلك الدولتان موارد واسعة في مجال الطاقة المتجددة.
ووصف أنطونيو كوستا رئيس وزراء البرتغال هذا الاتفاق الذي يتيح لبلاده وضع حد أقصى لأسعار الكهرباء قدره 50 يورو "52.55 دولار" لكل ميجاواط/ساعة وهو يخفض قيمة فاتورة استهلاك الكهرباء لنحو 40 في المائة للمستهلكين في شبه جزيرة إيبيريا بمقدار النصف تقريبا، بأنه "إنجاز عظيم".
من جانبه حذر الاتحاد الأوروبي من أن محاولة فرض حد أقصى لأسعار الغاز بالجملة قد تسبب مشكلات وتقوض جهود التحول إلى الطاقة الخضراء.