الجمعة 29 مارس 2024
فن وثقافة

من هو "اَلْمَحْجُوبْ" الذي عاتبته "زَهْرَةْ" بقولها "بَايْتَهْ نَتْسَنَّى مَالَكْ مَا جِيتِي يَا لَعْدُو"؟

من هو "اَلْمَحْجُوبْ" الذي عاتبته "زَهْرَةْ" بقولها "بَايْتَهْ نَتْسَنَّى مَالَكْ مَا جِيتِي يَا لَعْدُو"؟ الباحث عبد الرحيم شراد

حدد الباحث عبد الرحيم شراد في منشور تقاسمه مع جريدة "أنفاس بريس" بأن نظم كلمات (عيطة) الأغنية الشعبية : "بَايْتَهْ نَتْسَنَّى مَالَكْ مَا جِيتِي يَا لَعْدُو"، يعود إلى صيف 1886. وهو التاريخ الذي زار فيه السلطان المولى الحسن الأول منطقة "احمر" و توجه منها إلى مدينة آسفي. وكان بطل هذه القصة شخص إسمه اَلْمَحْجُوبْ. أما مكان نظم هذه العيطة فحدده نفس الباحث بملاحة زيمة بالقرب من القصبة الإسماعيلية مدينة الشماعية حاليا.

 

أما ظروف واقعة القصة التي على إثرها تم نظم كلمات أغنية " بَايْتَهْ نَتْسَنَّى مَالَكْ مَا جِيتِي يَا لَعْدُو"، فترتبط بشخصية اَلْمَحْجُوبْ، بسبب مرافقته للسلطان الحسن الأول، وأخلف موعده مع حبيبته زهرة بِالصْوَيْرِيَةْ.

 

تبدأ العيطة على لسان زهرة وهي تعاتب خليلها "اَلْمَحْجُوبْ"، بالقول: "بَايْتَهْ نَتْسَنَّى مَالَكْ مَا جِيتِي يَا لَعْدُو. أَوْدِّي يَا اَلْمَحْجُوبْ. زْيَانَتْ لِيَّامْ (أصبحت ترافق السلطان)، غْرَايْبِي وُ غْرَايْبِي ( عَجَبِي. عَجَبِي )". فيرد عليها اَلْمَحْجُوبْ قائلا: "أَنْتِ غْزَالَةْ تَسْتَاهْلِي اَلرَّامِي يْصَيْدَكْ. أَنْتِ تَسْتَاهْلِي بَغْلَةْ وُ عَوْدْ لِرَاجْلَكْ" .

 

في هذا السياق يؤكد عبد الرحيم شراد بأن زهرة قد كانت على ذمة رجل آخر، ورغم هذا إتخذت من اَلْمَحْجُوبْ خِذْنا لَهَا. (طبعا هذه العلاقة محرمة شرعا) .

 

مضمون القصة فإن اَلْمَحْجُوبْ لم يجد لنفسه سبيلا للإعتذار عن إلغاء الموعد، وهو في موكب السلطان المولى الحسن الأول. ورغم كل المبررات التي استعملها: "كْبِيدْتِي مْرِيضَةْ دَوْزُونِي نْشُوفْهَا". من خلال كلمات العيطة يحكي لنا اَلْمَحْجُوبْ كيف حددت معه زهرة موعد اللقاء بقوله: "آ وْدِّي غْرَايْبْ اَلْكِيَّةْ. غْرَايْبْ النْسَا. قَالَتْ لِيَّا تْعَالَ نْهَارْ لَخْمِيسْ. وُ تْعَالَ كِيفْ لَعْرِيسْ. وُ تَلْقَانِي لَابْسَةْ قَمِيصْ" . حيث نفهم من منطوق الكلام ، الوارد في بعض مقاطع هذه العيطة أن اَلْمَحْجُوبْ شارك في عملية القنص على شرف السلطان و ذلك بضاية ملاحة "زِيمَةْ" بمدينة الشماعية (القصبة الإسماعيلية بقبيلة أحمر).

 

لقد كان المحجوب طول الوقت يفكر في حبيبته زهرة : "آ وْدِّي يَا لَـﯕْرَانْ (الأقران)، فُمْ اَلْغَابَةْ طَيْبُوهْ اَلصَّيَّادَةْ. رَاهْ لَمْكَاحَلْ صَايْنَةْ وُ اَلْعَدَّةْ رُومِيَّةْ. نَارِي بَنْتْ اَلشَّهْبَةْ (المقصود بها طائر دجاجة الماء) مَا تَجِي ﯕُمْرِيَّةْ كِيفْ أمْهَا. نَارِي عُودْ اَلْقَرْفَةْ دَﯕْنِي فِي رَجْلِيَا. بَرَّمْ عَيْنِيكْ شُوفْ شُوفْ. اَلْحَجْلَةْ فِينْ عَلَّاتْ عْلِيَّا. وَ أَنَا مْرِيضَةْ حُمَّةْ اَلْغِيوَانْ فِيَّا. بَايْتَةْ فِي جَنْبِي كَتَشْكِى. نَارِي زَهْرَةْ فِي اَلصْوَيْرِيَّةْ. شُوفْ لَحْمَامَةْ إِينَا عَرْشْ امْبِيْتَةْ. اَلِّلي مَا يْحَبْ اَلزِّينْ نَفْسُو مِيْتَةْ" .

 

في هذا المنشور أشار الباحث عبد الرحيم شراد كذلك إلى أن المقطع الوارد في نهاية هذه العيطة، والذي هو بمثابة وصية لكل الجنود الذين كانوا يستعملون البنادق في جيش السلطان المولى الحسن الأول، حيث تقول الكلمات:

 

"وَهَاكْ عْلَى كَلْمَةْ مْكَمْلَةْ

فِي اَلرَّاسْ دَارَتْ وْصِيَّةْ

وَاشْ دَقْ لَخْمَاسِي بْحَالْ الثَّلْثِيَةْ (نوع من البنادق)

طْرَحْ اَلجَّعْبَةْ مَّكْنة أُو تَكِّي البَرْﯕِيَةْ (حاول أن تميل قليلا بالبندقية، سماها البركية نظرا للونها)

أُو تْكُونْ لِيمْنَى سْرِيعَةْ وُ اَلنَّقْشَةْ سْخِيَّةْ (اليد اليمنى التي سيضغط أصبعها على الزناد)

أُو يْكُونْ سْلَاحِي جْدِيدْ

ما يجيب الذَّلْ ِليَّا

مُولَايْ اَلْحَسَنْ هُوَ قَايْدْ اَلْحَرْبِيَّةْ"